كوثر العزاوي ||
يُعتبر الجهل من الآفات الخطيرة التي قد تواجه المجتمعات، والتي تتسبب في أضرارٍ هائلة على الصعيد الفردي، والمجتمعي،
وقد وردت مصاديق متعددة تعكس واقعًا عمليًا لمعاني الجهل، تاركة آثارها السلبية بما يتسبب احيانا بفقدان بعض مقومات الحياة أو الشخصية ذاتها، كما في الجهل بأخلاقيات المهنة أو الجهل بسلامة الطريق أو الجهل بثقافة وآداب الزيارة والضيافة، ووو..غير ذلك من أدبيات الحياة،فالجاهلون سطحيون كما قال فيهم الباري" عزوجل":
{يَعْلَمُونَ ظَاهِرًا مِنَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَهُمْ عَنِ الْآخِرَةِ هُمْ غَافِلُون}الروم٧
وباعتبار كلّ ماتقدّم، فأنّ الجهل يخلّف طاقة سلبية على خصوصية الفرد أو العائلة او المجتمع، وبعض الجهل يقود الى ارتكاب الخطايا والمعاصي، فالجهل مثلًا بشريعة الله "عز وجل"وقوانينها، وصعوبة التمييز بين الخطأ والصواب والحلال والحرام ، وعدم معرفة كيفية التعامل مع الآخرين، عندئذ يكون التصرف عبثيًا غير متّزن، وقد ينتج عنه فقدان القدرة على تشخيص حُكمٍ صحيح. مما يجعل الجاهل يتسبب بظلم أو إجحاف حق الآخرين أو غصب حرية معينة، وبالتالي يبقى مفهوم الجهل، هو أقرب ما يُعرَّف كونهُ أحد الأمراض الشائعة التي من الممكن أن يعاني منها الإنسان في مختلف المجتمعات في وقتٍ تجد فيه العالِمُ والمتفقِّهُ والمثقّف والملتزِم بشرع الله يحذرُ الجهل ويجتنبَ الجاهل بدليل قوله "عزوجل":
{وَإِذَا سَمِعُوا اللَّغْوَ أَعْرَضُوا عَنْهُ وَقَالُوا لَنَا أَعْمَالُنَا وَلَكُمْ أَعْمَالُكُمْ سَلَامٌ عَلَيْكُمْ لَا نَبْتَغِي الْجَاهِلِينَ}القصص٥٥
ومن هنا، عُدَّ الجهل عيبًا ونقصًا، لانه عقيمُ المعرفة والمعلومات، وأجوفٌ من الحكمة والخِبرات لفَهمِ واستيعاب ماتقتضيه الحياة، وما ذلك سوى نتيجة طبيعية للإبتعاد عن تحصيل العلوم والمعارف القرآنية ولو بنسبة معينة، أوالتقصير بأخذ ما ورد في السنّة النبوية ونهج العترة الطاهرة فهي الموارد والمنبع الرقراق الذي يثمر الوعي والإدراك والإلمام بمعرفة كل مايتعلق بالمعتقدات المرتبطة بالعادات أو السلوكيات العامة سلبًا وإيجابا، وعدم التغاضي والغفلة عنها يضمن الإنسان سلامة الاستمرار بممارسة الحياة الاعتياديّة دون خلق مشاكل
لنفسه وللآخرين، ولعل أوضح تعريفٍ للجاهل وما يترتب من خراب، هو ماجاء في الحديث الشريف لنبيِّ الإنسانية "صلى الله عليه وآله"وهو القائل:
{الجاهل يظلم من خالَطَهُ، ويتعدّى على مَن هو دُونهُ ، ويتطاول على مَن هو فوقَهُ ، كلامُه بغير تدبّر، إن تكلّمَ أثِمَ، وإن سكتَ سَهَا، وإن عَرضَت لهُ فتنة سارَعَ إليها فأرْدَتْهُ، وَإن رأى فضيلة أعرَضَ وأبطَأ عنها، لا يَخافُ ذنوبَهُ القديمة، ولا يرتَدِع فيما بقيَ من عُمرهِ من الذنوب، يَتوانى عن البِرّ ويُبطِئ عنه، غير مكتَرِث لما فاتَهُ مِن ذلك أو ضَيَّعهُ}
أما الإمام عليّ سيد البلغاء" عليه السلام" فقد وصفَ الجاهل بالصخرة التي لا يُأمَلُ منها خروج الماء، وكالشجرة الميّتة التي لا يخضَرُّ غصنها، أو كالأرض الصحراء التي لا يُنبِتُ فيها نبات!! فهذا هو حال المرء الجاهل في قولهِ عليه السلام:
{الجَاهِلُ صَخْرَةٌ لَا يَنْفَجِرُ مَاؤُهَا وَشَجَرَةٌ لَا يَخْضَرُّ عُودُهَا وَأَرْضٌ لَا يَظْهَرُ عُشْبُهَا}
٥- ذوالقعدة١٤٤٣هج
٥-٦-٢٠٢٢م