المقالات

الديمقراطية الانسيابية..!


محمد عبد الجبار الشبوط ||   عبارة "الديمقراطية الانسيابية" من اختراعي. لن تجدها في الكتب التي تتحدث عن الديمقراطية. صحيح كلمة الديمقراطية لوحدها معروفة. وكلمة الانسيابية لوحدها معروفة. لكن الدمج بين الكلمتين غير معروف وغير متداول. انما جمعت بينهما لوصف ما حدث في بريطانيا قبل يومين. فقد شعر بعض النواب من اعضاء حزب المحافظين بالانزعاج من تصرفات رئيس الوزراء المحافظ بوريس جونسون وبخاصة فيما يتعلق بالحفلات التي اقامها اثناء فترة الاغلاق بسبب جائحة كورونا. في وقتها كانت تعليمات الحكومة البريطانية صارمة بعدم جواز اقامة حفلات او لقاءات جماعية. لكن جونسون كسر هذه التعليمات. كان الامر سرا في البداية، ثم انكشف السر. قدم جونسون اعتذارا عما قام به، ولم يقدم استقالته. اعتبر بعض اعضاء حزب المحافظين الاعتذار غير كاف وقدموا طلبا بعقد اجتماع خاص بالنواب المحافظين فقط للتصويت بالثقة على رئيس الوزراء. عقد الاجتماع، وتم التصويت وصوت ٢١١ نائبا لصالح الثقة به، في مقابل ١٤٨ نائبا صوتوا ضد رئيس الوزراء. وانتهت الحكاية. هذا ما قصدته بالديمقراطية الانسيابية واعني بها ان ادارة امور الدولة تتم بطريقة سهلة، اي انسيابية، كما ينساب الماء، اي يجري، بدون  عقبات وعراقيل. وواضح ان الديمقراطية الانسيابية تحفظ المجتمع من التوترات السياسية ومن الصراعات الساخنة بين اطراف المجتمع السياسي، كما تمنع من تسرب الصراعات السياسية الى المجتمع الاهلي.  لم يصل المجتمع البريطاني الى حالة الديمقراطية الانسيابية في وقت قصير، ولا وصلها بصورة سهلة؛ انما استغرق الامر فترة طويلة تخللها الكثير من الاحداث الساخنة، بل الدامية، التي شملت اعدام الملك تشارلس الاول، واندلاع الحرب الاهلية، وغير ذلك من الاحداث المعروفة تاريخيا.  لكن عوامل مختلفة وعديدة ساعدت المجتمع البريطاني على الانتقال التدريجي نحو الديمقراطية، ولم يكن هذا الانتقال سلسا في البداية، لكن جهود المؤمنين بالديمقراطية والملكية الدستورية، بما في ذلك مفكرون عظام مثل لوك ومِل وغيرهما، عبدت الطريق الى الديمقراطية الانسيابية بالشكل الذي جعل ما حدث قبل يومين ممكنا.  الغرض من هذا الحديث هو ربط الموضوع بالعراق. والكل يعرف ما جرى في هذا البلد منذ تأسيس الدولة العراقية الحالية في اوائل عشرينات القرن الماضي. ونعرف ان المجتمع العراقي لم يضع اقدامه بشكل راسخ في الطريق المؤدي الى الديمقراطية الانسيابية. وبعد سقوط الدكتاتورية في عام ٢٠٠٣ كان من المؤمل ان نسلك الطريق المؤدي الى هذه النتيجة، لكن هذا لم يحصل، وتعثر السير، الى ان وصلنا الى الوضع الحالي الذي لا يمكن وصفه بالديمقراطي فضلا عن السلس، رغم ان الدستور ينص على ان العراق دولة ديمقراطية، لكن نصوص الدستور شيء، وما يجري على الارض شيء اخر. سبب هذا النكوصُ او الفشلُ الاحباطَ لدى الكثير من الناس، والاكثر من ذلك ان الناس المحبطين تراجعوا عن الايمان بالديمقراطية، واخذوا يتحدثون عن صيغ للحكم بعيدة عن الديمقراطية مثل المستبد العادل، وغير ذلك. وهذا استنتاج خاطيء بلا شك، لان الحاكم المستبد لا يمكن ان يكون عادلا. ويستشهد بعض الناس بحكام اقوياء ولكنهم عادلون. وهذه مسألة مختلفة. فليس كل حاكم قوي مستبدا. الاصل ان يكون النظام ديمقراطيا، عادلا. فان حصل خلل فيجب العمل على تصحيح المسار على ان يبقى الحكم ديمقراطيا عادلا. واذا شهد النظام السياسي رخاوة في الحكم فبالامكان انتخاب حاكم  ومنحه صلاحيات دستورية كافية لمنع الترهل والرخاوة في الدولة، على ان يكون مقيدا بدستور وقانون، وخاضعا لرقابة برلمانية وشعبية واعلامية صارمة تضمن بقاء الحاكم على الخط الديمقراطي العادل، كما تضمن ان تكون الديمقراطية انسيابية.
اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
المقالات لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاكثر مشاهدة في (المقالات)
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
دينار بحريني 0
يورو 0
الجنيه المصري 0
تومان ايراني 0
دينار اردني 0
دينار كويتي 0
ليرة لبنانية 0
ريال عماني 0
ريال قطري 0
ريال سعودي 0
ليرة سورية 0
دولار امريكي 0
ريال يمني 0
التعليقات
حيدر الاعرجي : دوله رئيس الوزراء المحترم معالي سيد وزير التعليم العالي المحترم يرجى التفضل بالموافقه على شمول الطلبه السادس ...
الموضوع :
مجلس الوزراء : موقع الكتروني لإستقبال الشكاوى وتقديم التعيينات
سهام جاسم حاتم : احسنتم..... الحسين بن علي بن أبي طالب عليهما السلام.جسد اعلى القيم الانسانية. لكل الطوائف ومختلف الاقوام سواء ...
الموضوع :
الحسين في قلب المسيح
Muna : بارك الله فيكم ...احسنتم النشر ...
الموضوع :
للامام علي (ع) اربع حروب في زمن خلافته
الحاج سلمان : هذه الفلتة الذي ذكرها الحاكم الثاني بعد ما قضى نبي الرحمة (ص) أعيدت لمصطفى إبن عبد اللطيف ...
الموضوع :
رسالة الى رئيس الوزراءالسابق ( الشعبوي) مصطفى الكاظمي
فاديه البعاج : اللهم صلي على محمد وال محمد يارب بحق موسى ابن جعفر ان تسهل لاولادي دراستهم ونجاح ابني ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
محمد الخالدي : الحمد لله على سلامة جميع الركاب وطاقم الطائرة من طيارين ومضيفين ، والشكر والتقدير الى الطواقم الجوية ...
الموضوع :
وزير النقل يثني على سرعة التعاطي مع الهبوط الاضطراري لطائرة قطرية في مطار البصرة
Maher : وياريت هذا الجسر يكون طريق الزوار ايضا بأيام المناسبات الدينية لان ديسدون شارع المشاتل من البداية للنهاية ...
الموضوع :
أمانة بغداد: إنشاء أكبر مجسر ببغداد في منطقة الأعظمية
ساهر اليمني : الَّذِينَ إِن مَّكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنكَرِ وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الْأُمُورِ ...
الموضوع :
السوداني : عاشوراء صارت جزءا من مفهومنا عن مواجهة الحق للباطل
هيثم العبادي : السلام عليكم احسنتم على هذه القصيدة هل تسمح بقرائتها ...
الموضوع :
قصيدة الغوث والامان = يا صاحب الزمان
فيسبوك