المقالات

مستقبلنا ومستقبل الشعوب الأُخرى

1678 2022-06-11

د.علي المؤمن ||

 

   بناء مستقبلنا الوطني والعربي والإسلامي المنشود؛ ليس رهين سقوط المستقبَلات الأخرى، فنحن لا نشيد دعائم مستقبلنا على حساب الآخرين، ولو كانوا الأضداد النوعيين، من غربيين وشرقيين وطائفيين، كما فعل ويفعل هؤلاء الأضداد، حين بنوا مدنياتهم وكياناتهم على حساب الشعوب الأخرى التي قدِّر لها أن تتراجع عن ركب الحضارة في ظروف معقدة يطول شرحها، فاستعمروها واستغلوها ونهبوا خيراتها وثرواتها، واستدرجوها باتجاه التبعية السياسية والاقتصادية والثقافية لهم، ثم قننوا علمياً هذه الفجوة الحضارية من خلال العلوم الاجتماعية والسلوكية الغربية، كالانثروبولوجيا والاثنولوجيا، وأظهروا شعوب الجنوب أو العالم الثالث أو المسلمين أجناساً من الدرجة الثانية والثالثة والرابعة، وهوامش وأطراف وعبيد، تبعاً لمعايير التطور المادي وأساليب التفكير والعيش والجنس واللون والموقع الجغرافي.

   في حين ينظر الإسلام للناس كافة نظرةً واحدةً متكاملةً، فيساوي بينهم كأسنان المشط، ويقرر أنهم أخوة في الدين أو نظراء في الخلق، وفقاً لمعاييره الإنسانية التي أثبتتها العقيدة الإسلامية ((ولقد كرّمنا بني آدم...)).

   من هنا، فإن بناء حضارتنا المستقبلية يكون على أرضها وقيمها وتراثها وفكرها، وليس على أنقاض الحضارات الأخرى وقيمها وأفكارها ومدنياتها. قد تكون بعض الحضارات والمدنيات الأخرى في طريقها الى التصدّع أو التراجع، وهي المآلات الطبيعية للحراك الإنساني منذ بدء الخليقة وحتى الآن، حيث تسود حضارات ومدنيات، ثم تنهار وتستبدل بأخرى، و فق معادلات السنن الإلهية، وهو ما تبحثه فلسفة التاريخ وعلم اجتماع الحضارات. لكن الحضارة الإسلامية المستقبلية لن تنتظر هذا الانهيار لتبني صروحها على أشلائهم كما سبق لهم أن فعلوا.

   قد يضطر المسلمون للتدافع مع الحضارات والمدنيات الأخرى ومواجهتها قسراً، خلال دفاعهم عن أنفسهم، أزاء هجمات الغرب ـ مثلاُ ـ  ((ولولا دفع الله الناس بعضهم ببعض لفسدت الأرض...))، لكن الأصل هو التحاور مع هذه الحضارات والمدنيات؛ لأننا لا يمكن أن ننكفئ على أنفسنا في بناء مستقبلنا، ولا يمكن أن نكون بمعزل عن دائرة التأثير والتأثر، فضلاً عن أن الخطاب الإسلامي هو خطاب إنساني عالمي للناس كافة، وأن المسلمين يعملون في إطار حمل الأمانة والتكليف والمسؤولية الشرعية والأخلاقية تجاه الآخرين ((وما أرسلناك إلّا رحمة للعالمين)).

     وعلى هذا الأساس يسعى الإسلام لبناء المستقبل الأفضل للإنسانية جمعاء (( وما أرسلناك إلّا كافة للناس بشيراً ونذيراً»، الأمر الذي يجعل مستقبَلات الآخرين رهن المستقبل الذي ينشده الإسلام.

   إن مستقبلنا الوطني والإسلامي والإنساني المنشود؛ يبشر العالم بحياة العدل والحق والخير والجمال والحرية، وهو رسالة الله (تعالى) التي أمر نبيه الكريم (ص) بتبليغها للناس كافة، ليحقق الإنسان من خلالها أهداف الاستخلاف والاعمار.

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
المقالات لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
دينار بحريني 0
يورو 0
الجنيه المصري 0
تومان ايراني 0
دينار اردني 0
دينار كويتي 0
ليرة لبنانية 0
ريال عماني 0
ريال قطري 0
ريال سعودي 0
ليرة سورية 0
دولار امريكي 0
ريال يمني 0
التعليقات
حيدر الاعرجي : دوله رئيس الوزراء المحترم معالي سيد وزير التعليم العالي المحترم يرجى التفضل بالموافقه على شمول الطلبه السادس ...
الموضوع :
مجلس الوزراء : موقع الكتروني لإستقبال الشكاوى وتقديم التعيينات
سهام جاسم حاتم : احسنتم..... الحسين بن علي بن أبي طالب عليهما السلام.جسد اعلى القيم الانسانية. لكل الطوائف ومختلف الاقوام سواء ...
الموضوع :
الحسين في قلب المسيح
Muna : بارك الله فيكم ...احسنتم النشر ...
الموضوع :
للامام علي (ع) اربع حروب في زمن خلافته
الحاج سلمان : هذه الفلتة الذي ذكرها الحاكم الثاني بعد ما قضى نبي الرحمة (ص) أعيدت لمصطفى إبن عبد اللطيف ...
الموضوع :
رسالة الى رئيس الوزراءالسابق ( الشعبوي) مصطفى الكاظمي
فاديه البعاج : اللهم صلي على محمد وال محمد يارب بحق موسى ابن جعفر ان تسهل لاولادي دراستهم ونجاح ابني ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
محمد الخالدي : الحمد لله على سلامة جميع الركاب وطاقم الطائرة من طيارين ومضيفين ، والشكر والتقدير الى الطواقم الجوية ...
الموضوع :
وزير النقل يثني على سرعة التعاطي مع الهبوط الاضطراري لطائرة قطرية في مطار البصرة
Maher : وياريت هذا الجسر يكون طريق الزوار ايضا بأيام المناسبات الدينية لان ديسدون شارع المشاتل من البداية للنهاية ...
الموضوع :
أمانة بغداد: إنشاء أكبر مجسر ببغداد في منطقة الأعظمية
ساهر اليمني : الَّذِينَ إِن مَّكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنكَرِ وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الْأُمُورِ ...
الموضوع :
السوداني : عاشوراء صارت جزءا من مفهومنا عن مواجهة الحق للباطل
هيثم العبادي : السلام عليكم احسنتم على هذه القصيدة هل تسمح بقرائتها ...
الموضوع :
قصيدة الغوث والامان = يا صاحب الزمان
فيسبوك