المقالات

المرشح الحضاري


محمد عبد الجبار الشبوط   كمواطن، لا يمكن ان اقدم دعمي وتأييدي لرئيس وزراء جديد لا يملك رؤية حضارية حديثة لبناء الدولة.  وتقوم هذه الرؤية-الشرط على اساسين هما:  الاساس الاول: منظومة القيم العليا الحافة بالمركب الحضاري القادرة على تحقيق افضل استثمار لعناصر المركب الخمسة (الانسان والطبيعة والزمن والعلم والعمل). وتقاس الافضلية بقدرة الدولة على تحقيق نمو في انتاجية المجتمع (انتاج الثروة)، و بالقدرة على توزيع الثروة بطريقة عادلة. وهذان من شروط تحقيق السعادة. والسعادة هدف مشروع يسعى اليه كل انسان. الاساس الثاني: توظيف العلم الحديث والتكنولوجيا الحديثة في مختلف المجالات، وخاصة في انتاج الثروة والادارة والخدمات.. الخ.  ودليل امتلاك رئيس الوزراء المرشح لهذه الرؤية الحضارية الحديثة وجود ستراتيجية شاملة للتعليم في البلاد، حيث ان بناء الدولة  الحضارية الحديثة يبدأ بالمدرسة. والمدرسة ليست مباني فقط، وانما مناهج ايضا. وما لم تكن المدرسة في اول قائمة اهتمامات رئيس الوزراء فذلك دليل على انه لا يملك الرؤية المطلوبة.  اقول هذا وانا اتابع ما يتسرب من الكواليس عن الاسماء المرشحة لتولي منصب رئيس الوزراء. والاسماء تكشف عن نمط تفكير الطبقة السياسية. كما اتابع ما يصدر عنها من بيانات وتصريحات مثل بيان تحالف الدولة وتعليق ائتلاف النصر عليه. وكلها تكشف عن ان الطبقة السياسية تفكر في دائرة مغلقة ليس فيها منفذ يقود الى الدولة الحضارية الحديثة.  يتضح ذلك حين نحلل رؤية هذه الاطراف لطبيعة الازمة الراهنة. انها تعتقد،  وفقا لبيان تحالف الدولة، وهو يعبر عن نمط تفكير كل الاطراف الاخرى، ان الازمة تكمن في الخلل في معادلة الحكم. وهذا خلل ليس فقط في معادلة الحكم، وانما في نمط تفكير الطبقة السياسية التي حصرت تفكيرها منذ عام ٢٠٠٣ بمسألة الحكم والحكومة. وانا اقول ان الخلل في غياب نظرية بناء الدولة، وليس فقط في معادلة الحكم، واذهب الى ابعد من ذلك الى القول ان الخلل الاعمق هو في المركب الحضاري للدولة والمجتمع والفرد، وفي منظومة القيم العليا الحافة بعناصر هذا المركب. وهذا هو اللامفكر فيه من قبل الطبقة السياسية الراهنة، التي تصر من جانب اخر على عدم الاستماع الى القول واتباع احسنه. واحسن القول هو ما يكشف عن الخلل الحقيقي او السبب الحقيقي للازمة. انا لا اقول ان على رئيس الوزراء الجديد ان يحقق الدولة الحضارية الحديثة في ليلة وضحاها. فهذا غير ممكن من الناحية الواقعية والعملية. لكني اشترط ان يملك هذا الرجل (او المرأة) وحكومته الرؤيةَ الحضارية الحديثة لبناء الدولة بحيث تكون اجراءاته وخطواته العملية متصلةً على نحو عضوي بفكرة الدولة الحضارية الحديثة. وهذا شرط غير متوفر في اطروحات الاطراف المختلفة للطبقة السياسية الراهنة بلا استثناء.  ان الحقيقة التي اعتقد بها هي انه لا يمكن الخروج من الازمة الراهنة الا بادوات من خارجها، واعني بذلك وجود فريق اخر يملك رؤية حضارية حديثة لبناء ألدولة والانسان والمجتمع.  اذا كان انسحاب التيار الصدري من المسرح السياسي اعاد الكرة الى الاطار التنسيقي، فان كلامي يعيد الكرة الى الشعب والى المواطنين، وليس الى الطبقة السياسية التي اعتقد انها لا تجيد اللعبة، اذا صح ان نسمي، مجازا، عملية بناء الدولة الحضارية الحديثة، لعبة. والا فالامر ليس لعبة انما هو مصير بلد ومستقبل شعب.  والامر يتوقف على الشعب والطليعة الواعية من مثقفيه ومفكريه وعلمائه الذين يتعين عليهم رفع راية التغيير الحضاري والبناء الحديث للدولة، بطريقة مدروسة وعلمية وسلمية تستفيد من الممكنات الالية المتوفرة من اجل الانتقال بالبلد من حالة اللادولة وانعدام الوزن الى حالة الدولة الحضارية الحديثة تدريجيا.
اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
المقالات لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
التعليقات
----خلف ناصر عبد الله : اتمنى لكم التوفيق والسداد بحوث روعه غيتها اعلاء اعلام دين الله سبحانه:؟ ...
الموضوع :
تفسير "هذا صراطُ عليٍّ مستقيم" (الحجر: 41)
منير حجازي : العلاقات التي تربط البرزانيين بالكيان الصهيونية علاقات قديمة يطمح الاكراد من خلالها أن يساعدهم اليهود على إنشاء ...
الموضوع :
النائب مصطفى سند يُحرك شكوى ضد ممثل حكومة كردستان في المانيا دلشاد بارزاني بعد مشاركته احتفال في سفارة الكيان الصهيوني
منير حجازي : الاخت الفاضلة حياكم الله نقلتي قول (أنطوان بارا) في كتابه الحسين في الفكر المسيحي وهو يعقد مقارنة ...
الموضوع :
الحسين في قلب المسيح
ولي : بعد سنوات اليوم يقبل ابناء عنيفص منفذ المقابر الجماعية بحق الانتفاضة الشعبانية ١٩٩١ في الكلية العسكرية بينما ...
الموضوع :
محكمة جنايات بابل تحكم باعدام الارهابي رائد عنيفص العلواني قاتل 26 مواطنا ودفنهم في حديقة داره ببابل
زياد مصطفى خالد : احسنت تحليل واقعي ...
الموضوع :
مسرحية ترامب مع زيلنسكي والهدف الامريكي !!
ابو حسنين : انظرو للصوره بتمعن للبطل الدكتور المجاهد والصادق جالس امام سيد الحكمه والمعرفه السيد علي السستاني بكل تواضع ...
الموضوع :
المرجع الديني الأعلى السيد السيستاني يستقبل الطبيب محمد طاهر أبو رغيف
قتيبة عبد الرسول عبد الدايم الطائي : السلام عليكم اود ان اشكركم اولا على هذا المقال واستذكاركم لشخصيات فذة دفعت حياتها ثمنا لمبادئها التي ...
الموضوع :
كلمة وفاء لإعدادية الكاظمية!!
م خالد الطائي : السلام عليكم, شكرا لصاحب المقال, عمي مالك عبد الدايم الطائي: خريج 1970م، تخرج من كلية العلوم بغداد ...
الموضوع :
كلمة وفاء لإعدادية الكاظمية!!
ام زهراء : مأجورين باىك الله فيكم ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
علاء عبد الرزاق الانصاري : الاهم صلي على محمد وال محمد الطيبين الطاهرين ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
فيسبوك