محمد الكعبي ||
تشكل المرأة ركنا من أركان الأسرة المهمة والحساسة لما تتمتع به من خصائص قد لا تتوفر عند الرجال وهذه من المنن الربانية التي حباها المولى تعالى، لتكون محل نظر الشارع المقدس لمهمة جليلة قد انيطت بها وهي بناء أمة بكل ما تحمل هذه الامة بين طياتها من صراع وتصادم وتضاد، فكانت المرأة السور والمحامي والجندي الذي يبذل كل ما يملك من أجل انقاذ من يعنيها أمره، فعانت الارهاصات على مستوى النظرة الاجتماعية لها على مر الزمان.
مهمة المرأة عظيمة من خلال تربية وتعليم وصقل المواهب لدى أولادها وترسيخ المفاهيم الصالحة في نفوس اسرتها من خلال روحها الزكية العطرة، وهي الشجرة المثمرة المعطاء التي لا تعرف للعطاء حدودا فكان ليلها نهارا، وتعبها راحة، ومرضها ابتسامة لا تصرح بجراحتها بل تتعالى على كل الآلام لكي لاتعكر جو البيت ولتحتفظ بصورتها الجميلة أمام أسرتها لأنها منبع العطاء المتدفق من نهر الوفاء والاخلاص والتضحية، انها عبير الحب و الخير والرقة والرحمة والوفاء والجمال، قد عَبرَت بروحها بحار الحزن والحرمان لتضم بين جناحيها كل الاحبة لتغمرهم بحنانها.
المرأة عنصر أساسي في المجتمع على مختلف الأصعدة وذلك لأهميتها ودورها الحساس في أنشاء جيل يتحمل اعباء مهمة الخلافة الربانية من خلال تعاطيها مع أولادنا وتربيتهم وبث روح الدين والصلاح فيهم، وكان للصفات التي يراد للمرأة حملها محل نظر وتأمل الجميع وغاية يسعى لها الكل، فاختيار الزوجة الصالحة ذات المواصفات الخاصة التي تتمثل بالدين والخلق الرفيع مطلب يسعى له الجميع، وفي نفس الوقت ورد التحذير من اختيار المرأة ذات الطبائع السيئة والتي ليس لها القدرة على نظم أمرها وادارة شؤون اسرتها مما يعرض صرح الاسرة العظيم للانهيار والدمار.
كان الاسلام حريصا على تحديد مواصفات خاصة بالمرأة والرجل والتي تعبر عن قيمة بناء الأسرة وتنظيم هيكلها وحجم اهتمام الشارع المقدس بها، لذا ورد عن الحبيب المصطفى ’: إيّاكُم وخضراءَ الدّمن، فقيل: وما خضراء الدمن يا رسول الله؟، فقال: المرأة الحَسناء في منبت السوء)، أن اختيار المرأة الصالحة ضرورة دينية وعقلية لأنها الجذر الاصلي للأسرة والمجتمع فإذا صلحت صلحت الأسرة ثم المجتمع عندها تنعم البشرية بالراحة والامان،
لأن سوء الخلق مؤشر خطير ينذر على عدم قدرتها على قيامها بواجباتها الاسرية وخصوصاً تربية الأولاد والتي تعتبر وظيفة تضامنية بين الزوجين كل بحسبه لأنها مهمة مقدسة تحتاج على جهد استثنائي.
المرأة العاقلة ذات البصيرة السليمة عليها إدراك مالها وما عليها من الحقوق والواجبات وخصوصاً في هذه الدنيا الطويلة العريضة المملوءة بالمشاكل والاحداث والتي تحتاج إلى تعامل خاص وفق رؤية صحيحة منبثقة من تعاليم اجتماعية سليمة تعبر عن التفاعل الديني بين الشخصية الانسانية وبين الاحداث والتي تترجم تلك التعاليم من خلال السلوك العملي بين الافراد، ويجب حضور لغة الاحترام والود والتفاهم الهادف والهادئ، وأن أغلب حالات الصراع والتفكك الأسري والطلاق نتيجة تداخل الوظائف وفقدان لغة الحوار والتكبر والعناد والتعنت وتدخل الأهل والاصدقاء السلبي وفقدان الثقة بين الزوجين وغيرها اسباب تهدد استقرار الاسرة.
فالحياة الزوجية تندرج تحت مجموعة ليس بالقليلة من الحقوق والواجبات يتوجب على كلا الزوجين رعايتها واحترامها، كما إن معرفة مثل هذه الحقوق والواجبات يمثل الخطوة الأهم والأساس في الطريق الصحيح لبناء أسرة متكاملة مستقرة سعيدة والذي ينبغي على جميع أفراد المجتمع السعي إلى تحقيقها وتأسيسها وتطويرها من خلال تفعيل دور المؤسسات الدينية والسياسية والاجتماعية والثقافية والاعلامية من نشر التعاليم والقوانين بين افراد المجتمع.
المرأة الصالحة المؤمنة تحمل رسالة الإباء والعزة والكمال، إنها المعلم والطبيب والمحامي الذي يعمل بلا كلل ولا ملل، انها الجمال والدلال والحب والحنان، إنها عبير الروح و البهاء والرقة والحب المودوع في دواخلها وبين جنبيها الذي تنثره على أسرتها، انها المرأة بكل ما في الكلمة من تجليات واشراقات تنير برونقها ظلمة الحياة وتعيد البسمة على شفاه المحرومين انها الأم والاخت والبنت والزوجة، انها هبة الله في عالم الوجود، فهي المعلم والناصح والمرشد والمربي والانيس، أنها القلب الكبير الذي يضم الجميع، انها الكائن الملكوتي، انها الام التي استحقت ان تكون الجنة تحت قدميها، شكراً ل (أمي، أختي، زوجتي، أبنتي).