محمد الكعبي ||
السياسة لغةً: مأخوذة من الفعل ساس يسوس، وهي على وزن فعالة.
واما اصطلاحاً: كيفية أدارة شؤون الدولة داخليا وخارجياً، أو فن توزيع القوة أو فن الممكن، أو العلاقة بين الحاكم والمحكوم، أو الطريقة إلى ادارة شؤون المجتمعات من خلال الوصول إلى اتخاذ القرارات، وقد عرفها هارولد: بأنها عبارة عن دراسة السلطة التي تقوم بتحديد المصادر المحدودة، وعرفها ديفيد إيستون: بأنها عبارة عن دراسة تقسيم الموارد الموجودة في المجتمع عن طريق السلطة، أو العلاقة بين الطبقات، أو صنع القرار الملزم، أو تسيير أمور الناس وغيرها الكثير من التعريفات لها أو لعلوم السياسة.
فلكل فن أو علم قواعد تحكمه وتكون ركائز أساسية يتكئ عليها المختص والباحث، الا السياسة رغم وجود جامعات ومعاهد ومراكز تخصصية الا انها - السياسة - متغيرة ومرنة وقابلة لكل تحول وتبدل وتخضع لكثير من الحيثيات المتجددة والمتغيرة، قد يكون فاعلها فرد أو مجموعة يُطوع الأحداث لمراداته وغاياته وهذا بحد ذاته من الصعب بمكان تحديده لأن النفس الانسانية ليس لها حدود.
أقول إن السياسة لها مفهوم واسع ويشمل العلم الذي يهتم بالأنظمة والادارة وكيفية تشكيل الاحزاب وطرق التعامل مع الاحداث وكيفية الوصول إلى السلطة أو التأثير فيها وادارة الدولة وقيادة الجماهير، أي هو فن أو ممارسة يحتاج إلى من يتقنها ويتعاطى معها بكل اريحية مع القدرة على التحكم بالمواقف والقرارات وتغيير الانفعالات حسب المساحات التي يعمل بها الفاعل السياسي، وليس هناك تعريف جامع مانع للسياسة لأنها نشاط بشري يتبلور من خلال الفكر الانساني ويتطور حسب الاحداث والمتغيرات الداخلية والخارجية، وللسياسة مديات واسعة ومستويات مختلفة وطرق متعددة لكن يبقى مفهوم السياسة واسعاً ومتشعباً ومتمدداً وفق النظريات والافكار الحديثة، مما جعل تعريف السياسة صعب، قد نجد تعريفات هنا وهناك لكنها غير وافية خصوصا أن اغلب ما ندرسه ونقرأه لا نجده في الواقع العملي فالانقلابات والوراثة والانتخابات النزيهة والمزورة، والاحزاب والشخصيات والمافيات واللوبيات المحلية والعالمية و التكنلوجيا والاقتصاد والثقافة والمجتمع والدين وحركة الجماهير والاعلام وغيرها عوامل لها مدخليه في عالم السياسة حيث جعلت الكثير من النظريات عاجزة عن الوقوف على شكل ثابت لمفهوم السياسة، ويحتاج الانسان أن يدرس ويقرأ التأريخ ويقف على تجارب الدول وانظمتها وعلى مكامن القوة والضعف فيها، ويخوض العمل السياسي عملياً ليستطيع أن يدير الامور بالممكن.
يعتقد البعض أن السياسة عبارة عن كذب وتحايل واستغفال الجماهير وتهريج وصراخ وقفز على المواقف والتلاعب بالقيم والمعايير الانسانية ، وفرض الارادات والاستقواء السياسي على الاخرين، المهم المكاسب كيف ما كانت.
الاخلاص والنبل والشرف والوفاء والاخلاق مبادئ ليمكن التنازل عنها لان بدونها يصبح السياسي مجرد حيوان مفترس يلتهم الجميع.
البلدان المتقدمة تحكمها قوانين وانظمة صارمة من خلالها يتم اختيار الشخصيات لمناصب الدولة وخصوصا المهمة والحساسة منها، ولابد أن يملك السياسي المؤهلات ويمر بعدة دورات وبرامج ومناصب ادارية وسياسية واجتماعية وثقافية وله حضور فاعل وأنشطة وخبرة متراكمة، خلاف ما عندنا فالوراثة والانتماء الحزبي والعمالة أو من خلال عصابات مسلحة أو أموال تستطيع أن تزور وتحتال وترهب وترغب وان كنت جاهلا أو لا تملك أدنى المستويات فستصبح وزيرا أو نائباً أو مسؤولا رفيعا في الدولة، وتطيعك الامة بما يمنحك المنصب من نفوذ وقدرة.
إن الامل معقودٌ على النخب والكفاءات المخلصة والاحزاب الوطنية التي تحمل همّ الامة والتي تبذل قصارى جهدها لتخليص البلاد والعباد من براثن الجهل والجهلة. واني ارى يوم الخلاص قريب جدا لأن السياسيين الفاسدين هم من يخربون بيوتهم بايدهم، {يُخْرِبُونَ بُيُوتَهُمْ بِأَيْدِيهِمْ وَأَيْدِي الْمُؤْمِنِينَ فَاعْتَبِرُوا يَا أُولِي الأَبْصَارِ} الحشر/2.
ــــــــــــ
https://telegram.me/buratha