حسين فلسطين ||
يَتجاوز مدى تأثير واقعةِ الطّفِ مسائل البُعد العقائدي والسياسي و يَتخطى هذا التأثير بكلِ ما للتغيرِ من معنىٍ خالد تجسد في كلِ حدثٍ من احداثهِ اسمى صور تغيير الواقع المفروض من السلطةِ بقوةِ السيف و الحديد والنار في وقتٍ لم يكن للأنسانِ الاّ الخضوع سبيلاً فكل شيئ للحاكمِ مُباح دمه وعرِضهِ وَ ماله وكرامته!
اذ لم يكن الطف مجرد انتقالة نوعية فريدة من ملامحِ الذُل والخنوع لتحل محلها إشراقات نصرًا خالدة رُسِمت بدماءِ ال بيت الحسين (عليه السلام) وصحبه ومن والاه , بل ان واقعة كربلاء تشمل كل أبعاد الحياة و بإدق تفاصيلها ،فهي ذلك الحدّث الكوّني الغير قابل للزوالِ بل تَتزايد مديات التأثير فيها كلما تقدم الزمن.
وكأي بحثٍ تبقى نتائج التجربةِ خير البراهين واقواها فهي دون أدنى شكّ تساعد كثيرًا في ترجمةِ أحداثٍ مهما كانت تأثيراتها لن ولم تجعلنا بصورة كاملة لاعتبارات كثيرة لا تقلل من قوة البراهين،ولا أعتقد أن غير (الحشد) يرتقي لان يكون صورة من صورِ عاشوراء والطّف تحديدًا خصوصا مع التشابه الكبير والقريب بين مجريات الأحداث التي سبقت وتزامنت مع الواقعتين من حيث نوع المواجهةِ وايلدلوجية العدو واهدافه يقابلها مشتركات (الطف و الحشد) !
فمن وحيّ عاشوراء الحسين وصحبه الاخيار وبعد أكثر من أربعة عشر قرن من الزمن عادّت ملامح الطفّ ورجاله الأنصار بوجهٍ محمديّ آخر أسمه (الحشد الشعبي المقدس) بعد إعلان فتوى الجهاد الكفائي في 14 شعبان من قبلٍ المرجعية العليا عقب أحداث إعلان تنظيم داعش السعودي واحتجازه الوهابية ( ثوار العشائر السنية وفصائل بعثوهابية اخرى ) الولاية على مدن الموصل وصلاح الدين والانبار ،إذ شهدت تلك المعارك عناوين وتفاصيل متشابهة حتى في مسألة قيادات والأفراد وما تميزوا به من تباين الاعتقاد والانتماء واختلاف الاعرّاق والمستويات الاجتماعية والاقتصادية للمشاركين في الواقعتين ( بأستثناء ما نعتقد به من فوارق العصمة الإلهية وما خص به ال البيت عليهم السلام ) ،فمن غير المسلمين والتائبين والنساء والشباب ..الخ كان تحت لواء ابي عبد الله الحسين وهذا ما رأيناه مع من حظر تحت لواء المرجعية ،فما قادة النصر شهداء الإسلام (الحاج قاسم سليماني) و ( الحاج أبو مهدي المهندس ) إلا تعبير صادق عن الامتداد الطبيعي لوجودِ من على شاكلة (حبيب) و (زهير) وهو اصدق ما يؤكد حضور كربلاء في الحشد الشعبي.
وترسخت صور التشابه حتى في مسألة التعامل مع قادة الواقعتين وما تعرض له اهليهم وذويهم ومتعلقيهم من مظلومية وارهاب لم ترّه عين ولم تسمع به أذنّ، فعلى الرغمِ من وجودِ الصفات الذاتية والمكتسبة اضافة للتضحيات التي توجب تقديسهم ، لم يقابلوا إلاّ بكل دنيء، وهو عكس ما كان حريّ بالأُمّة أن تقدمه فبعد صالحيّ الطفّ الخالد كان الحشد مثالاً ومتدادًا حقيقياً لان يكون صالحاً حسينياً و سبيلا بعد سبيل عاشوراء والنجم الزاهر وإن شهدائه إعلام الدين و قواعد العلم وشموسّ طالعة لم يُختتم فيه طريق الحق سلسلة مشاهد التضحية والآباء فكان الطفّ طريقاً للحشد المقدس وتجسيدًا لصادقٍ بعد صادقّ ..!