حمزة مصطفى ||
الديمقراطية مثل العافية بـ "التداريج". هذا مايقوله المسار التاريخي لمعظم الديمقراطيات الحية في العالم. لم تأت الديمقراطية فجأة, ولا يمكن فرضها عنوة, ولا بـ "العفرتة". كل شئ يجوز بـ "العفرتة" الإ الديمقراطية لأنها ثقافة ومنظومة وسلوك ينتج مؤسسات راسخة بضمانات طوعية مرة عبر تراكم التجارب ومرة عبر عقد إجتماعي يضمن حقوق الحقوق ويبدد المخاوف. مشكلتنا التي لم نزل غير قادرين حتى الآن على إيجاد مخرج لحلها هي الديمقراطية نفسها. لماذا؟ لأن الأميركان عندما إحتلوا العراق عام 2003 وجدوا بغباء غير مسبوق أن مشاكل العراق على مدى عقود يمكن أن تحل بـخمس دقائق عن طريق فرض الديمقراطية.
بمعنى أن الأميركان جلبوا لنا الديمقراطية فجأة, ديلفري, ومسلفنة. ليس هذا فقط بل فرضوها عنوة وبالعفرتة بوصفها الطريق الوحيد الذي ينقذنا من كل ترسبات الماضي, بل الحاضروالمستقبل أيضا. الديمقراطية من وجهة نظرهم حل لكل مشاكلنا وأزماتنا وإشكالياتنا القومية والدينية والمذهبية. ولأنهم مستعجلون فقد فرضوا علينا دستورا هو عبارة عن مواد مفخخة بدل أن تحل مشاكلنا مازلنا نبحث منذ 17 عاما من إقراره عن حل لمشكلة إسمها الدستور . في "العام الذي قضاه في العراق" لعب بنا الحاكم المدني الأميركي بول بريمر "شاطي شباطي". الغى بجرة قلم المؤسسة العسكرية وسط تصفيق قصيري النظر. شكل مجلس للحكم لم يحكم ولا ساعة. المصيبة أن أعضاء مجلس الحكم الذي منهم من قضى نحبه ومنهم من ينتظر, وقسم منهم بدل "ستون تبديلا" صدقوا إنهم زعماء البلد الذين لا "فوقاهم ولا جواهم". حصل ذلك بالفعل درى منهم أم لم "يدري والله" قبل إجراء أول إنتخابات برلمانية سبقتها حكومتان مؤقتة وإنتقالية واحدة من تصميم وإخراج زلماي خليل زاد والأخرى من إخراج وتصميم الأخضر الإبراهيمي.
جاء بعده قانون إدارة الدولة ولم تكن هناك دولة. كانت فقط دولة بول بريمر "الفاكسة" الذي غادرنا غير مأسوف عليه ليؤلف كتابا أشبع من عايشهم من قيادات وزعامات جلدا ولم يرد عليه أحد منهم. من رد على بريمر أناس لم يذكرهم بريمر بحرف لا "شين ولازين". بعد 19عاما مازلنا لم نؤسس لديمقراطية "ينطلع" بيها بين دول العالم الديمقراطي. مازلنا نأمل, سنبقى نأمل. فالديمقراطية مثل العافية بـ "التداريج".