عدنان جواد ||
ان المعرفة على ثلاثة احوال: جلالية ، وجمالية، وكمالية، ونذكر مثالاً لتقريب المعنى " لو رأيت جبلا من بعد فانك ستعرفه من حدوده، وانه ليس شجراً ولا حيواناً ولا انساناً وانما هو جبل، وهذه المعرفة يقال لها جلالية، ولو اقتربت اكثر ورأيت جماله وصلابته وشموخه فهذه معرفة جمالية، وعندما تصعد عليه وترى سفوحه وواقعة وكنهه فهذه تسمى كمالية.
فمعرفة سلمان الفارسي ( رضي الله عنه) للأمام علي عليه السلام معرفة جمالية، فهو يقتفي اثره ويطبق ما يقول ويعمل، اما المعرفة الكمالية مختصة بالله تعالى والرسول والامام علي ، حيث صرح النبي محمـد صلى الله عليه واله وسلم بقوله: (ياعلي ما عرف الله الا انا وانت، وما عرفني الا الله وانت، وما عرفك الا الله وانا) ( بصائر الدرجات :336) والسبب واضح هو انه لا يعرف حقيقة الولي والحجة وباطن امير المؤمنين الا من كان محيطاً بذلك، فعلى هذا الكلام تكون معرفتنا بالأئمة عليهم السلام معرفة جلاليه ، وكلما ازدادت معرفتنا بهم زدنا حباً لهم، وكلما زدنا حباً لهم زدنا ادباً ، ومن خلال الادب والحب زدنا علماً ونوراً، لان العلم ليس بكثرة التعلم وانما هو نور يقذفه الله في قلب من يشاء، وقال النبي عيسى عليه السلام: (من اخلص لله اربعين يوماً فجر ينابيع الحكمة من قلبه على لسانه) لان قيمة الانسان بالمعرفة، ومعرفة شيعة اهل البيت وعلمهم تزداد بمعرفة علوم وادعية وزيارات وكلام اهل البيت والتخلق بأخلاقهم وصفاتهم، فهي تمنح الانسان الادب والخضوع والخشوع والمودة وينال القرب الى الله ويفوز بسعادة الدارين، والامام الحسين عليه السلام له الدور الاكبر في احياء الدين، فهو ضحى بكل ما لديه لأجل هداية البشرية وتوضيح طريق الحق والباطل.
ولكن مع ذلك يحارب زوار الحسين، وتلك الحرب من ايام الامويين، فكان الامويون يستقدمون حراسا من الشام حتى يمنعون الناس من زيارة الامام الحسين، خوفاً من تسامح اهل العراق مع الزوار، وكان الزوار يتحركون في الليل ويسكنون في النهار خوفا من بطش هؤلاء الحراس، وفي زمن العباسيين وصل الامر لدرجة الفظاعة، فقاموا بحرث الارض وتوجيه الماء عليها لكي تضيع معالم القبر الشريف، وكانت هناك شجرة يستدل بها الزوار على القبر اقتلعوها، لكن بعض الزوار المحبين حقاً والذين يعرفون الحسين حقاً يشمون التراب فيعرفون تراب القبر، وما فعله الاجداد اعاده الاحفاد في زمن صدام عندما ضربوا الضريح بالمدافع، ومنع الزوار من زيارته بمختلف الطرق من التنكيل والتعذيب، في محاولة لإزالة الاثر المعنوي والمادي.
وبعد زوال النظام البعثي روى عطش الملايين لزيارة الحسين ، بحرية الزيارة وتوفير الخدمات للزائرين من قبل اصحاب المواكب والدولة، لكن كم يقال "الخلف ما مات"، ففي الآونة الاخيرة بعض الجهلة مغسولي العقول من اولاد الرفاق يبثون مقاطع فيدوية يتعرضون فيها لزوار ابي عبدالله الحسين عليه السلام من الجمهورية الاسلامية الايرانية، ويستهزئون بهم، ونحن مقبلون على زيارة الاربعين، على الذين يسمون انفسهم شيعة وانهم من اتباع اهل البيت عليهم السلام، ان يسالوا انفسهم هل هم مع الحق ام ضده، واين هو الحق؟!، مع الاموين والعباسيين وازلام صدام الذين منعوا زوار الحسين من زيارته، ام هم مع خدام الحسين الذين يستقبلون الزوار ويقدمون لهم افضل الخدمات، فيجب التفكير بمعرفة وعلم وروية بعيداً عن التأثير السياسي والعاطفي، وان الزوار والزيارة لها مردود اقتصادي كبير للبلد بعيداً عن التفكير القومي والعرقي، تقدم الدول المغريات والتسهيلات حتى يأتيها السواح من مختلف دول العالم وتخصص وزارات دولة لهذا الغرض، بينما في دولتنا بعض الجهلة يضايقون الزوار!!، نحن في هذا المقام لانطلب من الحكومة فهي ليس لديها سلطة على بعض القوى والتيارات، ولكن نطلب من هيئة الحشد نشر افرادها بلباس مدني ينتشرون بين الزوار حتى يمنعون حدوث مثل هذه الافعال المنكرة اخلاقياً واجتماعياً ودينياً.