رسول حسن نجم ||
احد الأصدقاء في جلسة ، صب جام غضبه على الدستور الدائم للعراق وارتفع صوته بإلقاء كل السلبيات في المجتمع والحكومة عليه ، وعندما سألته : هل قرأت الدستور؟ فأجاب بصوت منخفض لا والله ماقاريه! وأنا اعلم بأنه لم يكلف نفسه بقرائته ، ليس هو فقط بل كثير من العراقيين لم يقرءوه ، والسبب الرئيسي في تقديري يعود إلى الفراغ العقلي الذي ملؤوه بمواقع التواصل الاجتماعي ، هذا العالم الإفتراضي الذي تقمص فيه الكثير من العراقيين شخصيات صفحاته وصارت تمثل عندهم الحقيقة وهي غير ذلك ، مما إنعكس سلبا على حياتهم العملية وسلوكهم في الواقع الاجتماعي حتى أصبح عندهم الفيس مرجعا يستدلون به في أحاديثهم! ولأن المقام لايتسع لهذا العالم المتلاطم الامواج ويحتاج منا الى كتابات توعوية كبيرة وتفاصيل دقيقة بعيدة عن الإسهاب والتعقيد لكي تصل إلى أكبر عدد من المتلقين ، نرجع الى الدستور ولماذا أصرت المرجعية العليا على صياغة دستور دائم للعراق ومن قِبل أًناس منتخبين بإنتخابات حرة ونزيهة وطرحه للإستفتاء الشعبي العام لإضفاء الشرعية عليه. ولتوضيح هذا الامر نوجز النقاط التالية :
١- ضمان عدم الإنقلاب على الشرعية والتداول السلمي للسلطة ، ففي العراق ومنذ تأسيسه لم يُكتب دستور دائم للبلاد بل دساتير مؤقتة تصوغها الحكومات الانقلابية والغير خاضعة للإستفتاء الشعبي حسب ماتقتضيه مصالحها السياسية اللاشرعية والتي لاتخدم الشعب ، وهذا مالمسناه منذ ١٩٢١ لغاية ٢٠٠٥.
٢- أي إنقلاب وتحت أي مسمى في دولة لها دستورها الدائم لايمثل الارادة الشعبية ولايمكن لباقي الحكومات الإعتراف به كونه غير شرعي.
٣- الدستور الدائم في العراق ضمن توزيع الثروات والحقوق والواجبات بعدل ومساواة بين كل العراقيين ، ولأول مرة في تاريخ العراق ضمن الحفاظ على الشعائر الحسينية.
٤- وضح السيد جعفر الصدر أهمية الدستور الحالي في إدارة البلاد وأهمية الحوار بين أبناء الشعب ومباركة المرجعية له (مع تحفظها على بعض فقراته) في مقال له عند ترشيحه لرئاسة الوزراء.
٥ - يمكن للمواد الخلافية فيه أن تعدل تحت قبة البرلمان وطرح التعديلات للإستفتاء العام ، بما فيها نوع نظام الحكم وغيره من كُبريات المواد الدستورية.
٦ - الدستور الدائم هو الضمانة الوحيدة بعدم الرجوع إلى الدكتاتورية وعسكرة المجتمع ولغة القوة وقانون الغاب.