صابرين البغدادي ||
طبعت التغيرات التي حدثت في العقدين الأخيرين والاندماجات التي جرت بين الشركات الكبرى والمصارف وحمى الهيمنة على الأسواق الإعلامَ بطابع مختلف، إذ تركزت المؤسسات الإعلامية بيد قوى المال والاحتكارات العملاقة، أو اتجهت لخدمتها، وفقد الإعلام جزءاً كبيراً من استقلاليته النسبية ومهنيته. وشُغل الإعلام السياسي بتسليط الأضواء على الإساءات والعورات والفضائح في نشاط الشخصيات العامة أكثر من اهتمامه بمناقشة السياسات والأزمات.
واحتكرت مجموعة من وكالات الأنباء، عبر شهرتها وقوة بثها وانتشار مراسليها الواسع، وشبكة المعلومات التي تسيطر عليها، الساحة الإعلامية والمشهد برمته، وغدت قادرة على انتقاء الأخبار وبثها وإبهار المتلقي بسرعة الوصول إلى الحدث وتغطيته بطريقة لافتة، وكملت الدائرة الضيقة حول المؤسسات الإعلامية عبر تقليص مساعدات الدولة لها في عدد من البلدان، وانحفاض الإيرادات من الإعلان. ويرى مايكل سكدسن أن الانتهاك الرئيس في وسائل الإعلام ليس تحريف الأخبار، بل إمكان اختيارها اعتباطياً (مس ص20).
والعولمة المعاصرة بطابعها (المهيمن والمنحاز) ولَّدت انقساماً حاداً داخل المجتمعات وبين الدول، وخلقت صراعات لا مبرر لها، ودفعت وسائل الإعلام التي تسيطر عليها إلى تبرير عمليات التدخل، وشرعنة الاحتلال، وأبقت كثيراً من المعطيات والوثائق الدالة على الانتهاكات الصارخة للقوانين والمعايير الدولية قيد السرية، وباتت الحاجة ملحة جداً إزاء هذا الوضع المأزوم إلى عولمة إنسانية وعادلة.
ــــــــــــــــــــــــ
https://telegram.me/buratha