الدكتور عبد القهار المجمعي ||
يعد المجتمع الماسوني محفلًا ذكوريًا من الطراز الأول، ولهذا السبب لطالما ربطت الأذهان ما بين المثلية الجنسية والماسونية. لكن للوقوف عند حقيقة هذا الأمر، ينبغي أولًا إعادة التنويه إلى أن المجتمع الماسوني هو شيء غامض بحد ذاته. بل أن الغموض والسرية لطالما يصبغان كل ما له علاقة بأسرار الماسونيين. ولا يقتصر هذا الغموض على أعضاء الماسونية ومن دونهم فقط، حتى أن الماسونيين من المستويات الأعلى يخفون الأسرار على الماسونيين من المستويات الأدنى.
وللرد على التساؤل الذي يُثار بين الماسونية والمثلية الجنسية، نذهب إلى ما كتبه المؤلف والشاعر الماسوني الأمريكي، “ألبرت بايك”، والذي عمل قاضيًا خلال الفترة “1864- 1869”. وفي حين يُنسب لـ “بايك”، العديد من الكتابات التي تتحدث عن الماسونية، يظل كتابه بعنوان “الكلمات ومعانيها الماسونية الخفية”، هو الكتاب الذي يستند إليه الباحثون للوصول إلى معلومات حول الماسونية بشكل أكبر. ذلك على الرغم من أن الغموض يظل يكتنف كتاباته التي يسود عليها طابع التحدث بالألغاز.
وقد ألمح “بايك” بالفعل إلى وجود ممارسات مثلية بين أعضاء الأخوية، وأشار كذلك إلى أن هذه الممارسات تأتي على هيئة طقوس ينبغي ممارستها. حيث يقول “بايك”، “يحيي المتدرب ذكرى هذه العاطفة في الاحتفال الأسري، وبينما يُشارك في لحم الضحية الخام، يبدو أن المتدرب ينتعش بفعل تيار جديد من ينبوع الحياة العالمية، ومن هنا تأتي أهمية العضو التناسلي عند الرجل”. كما أن “بايك”، قد أشار في مواقع مختلفة إلى أن عبادة الأعضاء هي جزء لا يتجزأ من الألغاز. في تلميح استخدمه الباحثون للربط بين الماسونية والمثلية الجنسية.
ويتابع “بايك”، قائلًا في كتابه -أثناء الحديث عن مراسم التعامل مع عضو حديث العهد إلى الرابطة- “إنه يختلط مع حشد من المبتدئين، ويتوج بالزهور، ويحتفل معهم بالعربدة المقدسة”. لكن تفسيرًا للفظة العربدة المقدسة هنا، لم يذكر “بايك” صراحة ما يُفيد بمعنى الكلمة. لكن يذهب الباحثون بالرأي أيضًا إلى أن هذه الكلمة تفسر بوصفها عربدة مثلية؛ وذلك نظرًا لأن “بايك”، قد أشار عبر مواضع مختلفة من كتابه إلى أن الماسونية هي حركة ذكورية مثلية من الطراز الأول، وأن المثلية تلعب دورًا رائدًا في الحركة.
وتشير تقارير أخرى إلى أن الماسونيين يعتقدون أن اللواط يفتح العين الثالثة على الكيان الشيطاني “اللوسيفر”؛ إذ إنهم يؤمنون أن اللواط يُهاجم نقاط ضغط للأعصاب موجودة في قاعدة العمود الفقري، مما يسبب شللًا عصبيًا مؤقتًا وتغير في الوعي يؤدي في نهاية المطاف لفتح العين الثالثة. وتؤكد هذه التقارير أن الطقوس المثلية هي أفضل سر محتفظ به في الدرجات الباطنية للماسونية.
وتوجد هناك سمة جديرة بالذكر يتشارك فيها كل من الماسونيين والمثليين، وهي التحيز العنصري للنوع. علاوة على ذلك، لم تعلن الماسونية عن أي قوانين تحظر انضمام المثليين لها. وعند هذه النقطة يُشار إلى أن الماسونية عبارة عن جماعة متحيزة بشكل واضح ضد النساء، ومنحازة لمصلحة العلاقات الجنسية المثلية، ويستخدم أعضاء هذه الأخوية –الأثرياء والنافذون وأهل السلطة- نفوذهم لمحاولة فرض القيم المؤيدة للمثلية على نطاق واسع.
وفي هذا السياق، يقول الكاتب الماسوني الأمريكي، “كارل هـ.كلاودي”، “الأسرار الماسونية الحقيقية لا تُخبر أبدًا، ولا حتى من الفم إلى الأذن. لأن السر الحقيقي للماسونية يخاطب قلبك، ومنه يخاطب أخيك. ولا يمكن للغة المصممة للسان أن تتكلم بها أبدًا، إنها تُلفظ فقط بلغة العين، في تجليات ذلك الحب الذي يكنه الرجل لصديقه، والذي يتجاوز كل الحب الآخر، حتى حب المرأة”.
ــــــــــــــــ
https://telegram.me/buratha