علي الخالدي ||
الروح معجزة من معاجز الله سبحانه وتعالى ، و آية من آياته الكبرى في أنفسنا،ومن علائم الخير في ارضه، التي فشلت ادق المجسات البشرية في تصويرها، وعجزت فلاسفة الارض في شرحها وقص الروايات فيها .
بعيداً عن الفلسفة والسرد المركب، والاسترسال المطول وعقدة المصطلحات، و تشويش المعاني ،نبدأ بقوله تعالى : ( ونفس وما سواها * فألهمها فجورها وتقواها)،{ الشمس - الآية 8} ، من الآية الكريمة يظهر ان الروح مخيرة في نوع القوى واستخدامتها،فالروح لها ثلاثة أسماء : نفس وقلب وعقل، اي ان الروح(هي النفس وذاتها العقل ونفسها القلب ) ، و كل اسم تعرف به، حسب الحدث الذي تمر فيه.
ولتوضيح ذلك عرفت الروح انها مكون ملكوتي، وحينما نزل إلى الارض اراد ما يساعده على الحركة، فاختار جسد الانسان، ليكون آله تمكنه في العمل ، كما ان لها اربع قوى او سمهم اربع جنود، يتصارعون فيما بينهم، ليظفر في النهاية واحد منهم بغلبة البقية، للفوز بقيادة الروح، فتصبح القوى المنتصرة هويتها وقالبها الباطني ،وملكته التي ستاخذه إلى الجنة او النار، واول تلك القوى هي العقلية ، وتعني الحكمة والتفكر والتدبر، وتحاول السير بسراط مستقيم دون انحراف عن النقطة الثابتة ، وتعمل جاهدة للسيطرة على بقية القوى الثلاث، وتسخيرها لمصلحتها، وتعتبر القوى الوحيدة في مواجهة وصراع واقتتال دائم مع القوى الثلاث المتحدة تجاهها والنافرة منها ،وهي قوى جاذبة نحو الفضيلة ، وتعمل صدمات ونوبات ايقاظ لنفس الإنسان،اذا ما تعرض للغيبوبة نتيجة لخروجها من تحت سيطرة القوى العاقلة ، تعود به للتوبة والاستغفار ، و وتسمى (بالنفس اللوامة) .
وتجدر بالاشاره ان القوى الثلاث المتبقية ، هي قوى سالبة عكسية الاتجاه، لا تلتقي مع العاقلة في اي نقطة ، فالقوة الشهوية وتسمى بالقوة الحيوانية او البهيمة ، فهي لا تعرف غير الملذات، والشراهة في الاكل والنكاح، وكذلك الكسل والنوم، وتحمل صورة البهائم والانعام ،أما القوة السبعية فيمكن توصيفها بالمخالب، اي جارحة، قاتلة، واحشة،جارمة، لا تعرف غير التدمير و التخريب ، وافضل توصيف لها، صورة الضبع و الذئب والكلب .
وفي نفس الصدد فالقوة الوهمية توصف انها اقذر تلك القوى الثلاث، واقبحها واخسها وارذل الصفات فيها ، وتسمى بالشيطانية وتحمل الصورة الخنزيرية ، همها وضع المؤامرات، وشبك كل ماهو سيء من خيوط الشر، و اسناد القصص والخواطر و الاوهام والخيال، وصولا بصاحبها لادنى دركات الرذيلة، وهي قوى نافرة بعيدا عن اللب (العقل ) ، وتسمى( بالنفس الأمارة) .
استناداً لما سبق فالقوة النشطة ، هي من تعطي الصورة الحقيقية للإنسان وانطباعاته الناتجة عن امتلاكه تلك القوى ،اي ان سيطرة القوة الوهمية يكون المرء باطنه شيطانياً وصورته الخنزير، وإذا احتوته افاعل واجرام السبعية يكون صاحبها وحشاً وصورته الضبع او الكلب، واذا سيطرة القوة العقلية يكون بهيئة الملاك، لذلك تجد ان العاقلة، تعمل على ترويض القوة السبعية، فبدل التدمير تستخدمها في البناء والدفاع، والقوة البهيمة او الشهوية بدل الإفراط و التفريط بالشهوات، تستخدمها بالزواج الشرعي وبتطوير النسل، وكذلك منع الشيطانية و تحجيم عملها .
يظهر من كل ما تقدم ان صاحب الروح الملائكية ،وحامل هوية الإنسان الذي حمله الله تعالى الامانة، هو من يستخدم القوى العاقلة بالطريق المستقيم ، ويتدبر في الشريعة قب المضي بأي عمل، قال تعالى (انا هديناه النجدين اما شاكراً واما كفورا)سورة الإنسان الآية 3 .
ــــــــــــــ
https://telegram.me/buratha