محمد الكعبي ||
ان التقدم الصيني المتسارع في اغلب المجلات وما وصلت اليه من بناء وتنمية وتطور على مستوى عال أهلها على ان تكون منافسا شرسا في السوق العالمي بل أصبح لها وجود في المحافل الدولية على مستوى السياسة والقرارات الدولية، خصوصا انها تسعى على ان يكون ناتجها القومي موازيا للناتج القومي الامريكي أو اعلى منه، مع مضاعفة انفاقها العسكري حيث وصل إلى مستويات عالية جدا، فضلا عن التقدم التكنولوجي الهائل.
تعتبر الصين من اكبر المصدرين والشركاء التجاريين مع الدول العربية والاوربية والافريقية، والذي غطى تصديرها اغلب الاسواق، وممكن أن يكون للصين قدم السبق في سد الثغرات الموجودة في الساحة العربية والعالمية، الا انها مازالت لم تستطع ان يكون لها الدور المحوري في تشكيل خارطة المنطقة فضلا عن العالم والتي تنسجم مع تطلعاتها، فهي تحاول ان يكون لها وجود فعال لكن ينصدم بمعوقات كثيرة، ولكل مشروع ازماته، ورغم الصعود الصيني وحفاضها على وتيرة الارتقاء في موقعها الدولي من خلال ما تتمتع به من قدرات علمية وبشرية، وما التطور التكنلوجي الا واحد من اهم الانجازات التي جعلت الصين منافسا قويا في الساحة الدولية، واتساع الاستثمار الصيني في مختلف المناطق من العالم والذي يعتبر من العوامل المهمة في تنامي اقتصادها ونموها فضلا عن تغلغلها في تلك المناطق سياسيا وثقافيا مما فتح شهية الصينيين لتوسعة نشاطهم مما اثار حفيظة اميركا والغرب خوفا على مصالحهم الاستراتيجية والتي تعتبرها واشنطن امن قومي لا يمكن التفريط به باي شكل من الاشكال، خصوصا مشاريع الصين العملاقة والعالمية كمشروع (الحزام والطريق) ، والذي يعتبره خصومها انه مشروع توسعي وبداية الهيمنة على النظام العالمي كما يعتبره البعض تهديدا وجوديا، وتسعى بكين على تطوير وتوسيع مشاريعها الاقتصادية والسيطرة على الطرق العالمية للنقل بكل ما أوتيت من قوة لتفرض نفسها، الا إنها تواجه مشاكل وتحديات تعيق من تحقيق حلمها أو ربما يأخر مشروعها العالمي ومنها:
اولاً: عدم وجود مشروع حضاري واضح المعالم يكون بديلا عن الغرب وحضارته.
ثانياً: تداخلها الاقتصادي والمالي مع الغرب وعدم استقلالها يعتبر عامل غير مشجع.
ثالثاً: الوجود الامريكي في المنطقة وتحكمه بالقرار الاممي، فضلا عن سيطرة وتحكم واشنطن باغلب الهيئات والمنظمات العالمية وتحكمها السياسي في اغلب البلدان مع تفوقها العسكري والاقتصادي على الصين.
رابعاً: المشاكل الداخلية كمشكلة المسلمين، وكذلك صراعها مع تايوان، وهي جزيرة تتمتع بالحكم الذاتي، والتي تعتبر الصين تايوان جزء من أراضيها، والتي تستخدمها امريكا كورقة ضغط على الصين، وكان الرئيس الأمريكي جو بايدن، قد صرح في وقت سابق بأن القوات الأمريكية ستدافع عن تايوان في حالة وقوع هجوم صيني، واعتقد انه مجرد ورقة ضغط، لان الولايات المتحدة اليوم ليست كأمس وغير قادرة على دخول معركة خارج حدودها وخصوصا مع دولة مثل الصين، فضلا عن مشاكلها الداخلية والخارجية والازمات المالية والاجتماعية المتكررة والمتلاحقة والتي قللت من قدرتها على ادارت الملفات كسابق عهدها مما فتح الباب لبعض الدول ومنها الصين محاولة التصدي لريادة العالم أو لشراكة امريكا في ادارة الملفات والتحكم بالدول حتى وصل ببعض الحكومات محاولة التفرد بقيادة العالم واقصاء اميركا من القمة.
* الفساد الذي يستشري في اغلب المفاصل ويشكل تحديا كبيرا للصين ومن اسبابه هو عدم الفصل بين السلطات وانحصار القرار في جهة واحدة أو جهتين.
* تدني الخدمات داخل المجتمع الصيني والخلل يكمن في سوء التوزيع، والتفاوت الطبقي، فضلا عن سوء الخدمات المقدمة للمواطنين واهمها الصحة والمياه، حتى عدها البنك الدولي بانها مشكلة سوف تؤدي إلى كارثة على الاجيال القادمة، كما اشار التقرير ان ثلثي المجتمع الريفي يعتمد على مياه ملوثة بسبب المصانع الملوثة والتي قامت الحكومة الصينية بأغلاق الالف المصانع، مع وجود نقص واضح في معالجة مياه الصرف الصحي، ويوجد الكثير من المياه الجوفية غير صالحة للاستخدام.
* احتجاجات الفضاء الافتراضي من قبل الشعب متزامنا مع فضائح الفساد في الجانب الصحي والتي اثارت غضب الشعب الصيني، واستغلالها من قبل خصوم الصين.
* اعتصامات ومظاهرات المحاربين القدامى مما يعتبر سابقة بسبب سوء الوضع المعيشي للمحاربين وعوائلهم.
ينبغي على الحكومة الصينية تقييم ادائها وتنظيم شؤنها الداخلية وحلها بحسم
وبالطرق التي تتكفل في تخفيف وتيرتها أو القضاء عليها، وعليها الالتفات إلى مطالب الشعب والاستجابة لهم وتلبية الحاجات وسد الثغرات وتقليل الفجوة الطبقية بين ابناء الشعب وينبغي عليها القيام بالإصلاحات الشاملة لتتمكن من فرض ارادتها وقدرتها على العالم والا فالهيمنة الغربية متحكمة بالمشهد العالمي ولاتسمح بالتنازل عنه، وعلى حكومة بكين السعي بجد للفصل بين السلطات، وان تجعل للقضاء هيئة مستقلة وغير تابعة للاقاليم والولايات ولا
للمجالس المحلية، والسعي لمنع أو تحجيم دور السياسيين في تدخلاتهم مع تفعيل دور الهيئات والمؤسسات الرقابية الحقيقية المستقلة، وعلى الصين استغلال الظروف الحالية والاحداث العالمية والتي تتجه إلى تعدد الاقطاب، وعليها ان تعمل مع شركائها بشكل مباشر يحقق لها النجاح على ان تكون من تلك الاقطاب. وعلى الحكومة الصينية السعي لتكون من ضمن محور مضاد يتكون من عدة دول تنسجم معها في الاهداف، مستغلة تراجع امريكا في كثير من الملفات ومنها منطقة الشرق الاوسط، وقد يستغرق وقتا وجهدا، ولكنه ممكن اذا استطاعت الصين من الدخول في مساحات واسعة من العالم خصوصا في اسيا وافريقيا وامريكا الجنوبية، وتشكيل تحالفات وتوسيعها لتتمكن من مواجهة الغرب، نعم انها تسير بشكل جيد من الناحية الاقتصادية والسياسية من حيث تغلغلها في العالم، لكنها ما زالت بعيدة عن ترجمته كبديل عالمي.
ـــــــــــــــ
https://telegram.me/buratha