المقالات

السفارة في الطيارة..!

1106 2023-02-11

عبدالملك سام ||

 

🔘 في العام 2000م تم عرض فيلم (قواعد الإشتباك Rules of engagement) للمخرج وليم فريدكين، والذي تم تصويره في المغرب، وحقق إيرادات تجاوزت الـ 71 مليون دولار.. وما يهمنا في الفيلم هي مشاهد صورت محاولة اقتحام السفارة الأمريكية في صنعاء، وكيف قام الجنود الأمريكيين بحماية السفارة وقتل المقتحمين رغم أنهم لم يستخدموا كامل قوتهم وأسلحتهم!

كم مرة قلت لكم أن كل هذا مجرد تمثيل؟ وأن الخيال يبقى خيال؟ الواقع أن هناك من لم يستمع لنصائحي، وظل يعتقد أن هؤلاء الجنود المتأنقين كائنات أسطورية قادرة على إخراج النار من مؤخراتها! والحقيقة أن هذه الأفلام ليست سوى أداة للحرب الناعمة، ومن أهداف إنتاج هذه النوعية هو تضخيم قدرة الجنود الأمريكيين لتخويف الناس، وهذا ما فعلته أدوات أمريكية - كالقاعدة - لتضخيم قدراتها، وتسهيل هزيمة خصومها عبر الترهيب!

ما حدث في العام 2015م يؤكد أن الواقع يختلف تماما عن الخيال، ففي فجر يوم الأربعاء 11 فبراير عام 2015م قام السفير الأمريكي حينها، (ماثيو تولر) وبعينين منتفختين من السهر (لأنه قضى ليلته يحرق أوراق ووثائق السفارة)، وسلم مفاتيح السفارة للموظفين اليمنيين هناك، وهرب بنحو 200 جندي مارينز بثلاثين سيارة مصفحة، والسبب كما صرح سعادته هو أنه لم يعد للأمريكيين أي مهمة في صنعاء!

مائتان جندي من (المارينز) كانوا قادرين - حسب (هوليود) - على احتلال مجرة (درب التبانة) دون أن يصاب أحد منهم بخدش، فما الذي يدفعهم للرحيل فجأة قبل أن يطلع النهار؟! بل وأن يكون هذا الفرار بحماية وضمانة وعلى متن طائرة عمانية؟! أي أنه لم تتجرأ أي طائرة أمريكية على الهبوط في المطار!

أنا متأكد بأن السفير (تولر) كان قد خاط - قبل هذا اليوم - 201 جلبابا إستعدادا للفرار، وأن (فريدكين) قد سبهم حتى جف حلقه بعد أن سمع خبر هذا الإنسحاب المهين، وأن هذه الحادثة لو حصلت قبل تصوير فيلم (قواعد الإشتباك) لما وجد الفيلم من ينتجه!

نحن فيما مضى كنا نتعب من منظر هؤلاء الجنود وهم يمرون أمام أعيننا بأسلحتهم باهظة الثمن، وعرباتهم الفارهة، ولكن تحت حماية جنود يمنيين بأجسامهم النحيفة وأسلحتهم الصدئة! وكنا نتسائل عمن يحمي من؟! فقد كنا متأثرين بأفلام (هوليود) ونعتقد أن الجندي الأمريكي ضد الكسر مثل الساعات اليابانية! أما بعد هذه الحادثة فقد أقلعت عن عادة تصديق كل ما يعرض في الأفلام، وبت مقتنعا أن (هوليود) أشد كذبا من (بوليود).

اليوم يصادف الذكرى الثامنة لهذه الحادثة الغريبة، ولأننا رأينا صورا أكثر وضوحا لقوة وبأس الشعب اليمني خلال سنين العدوان الماضية، ولكني أعتقد أنه من المهم والمفيد والواجب أن يتم الاحتفاء بهذا اليوم العزيز على غرار الاحتفاء بيوم 31 نوفمبر 1963م، كونه حدث فيه جلاء آخر جندي (مارينزي) عن الشمال، وتركهم للموظفين اليمنيين في سفارتهم ليلاقوا مصيرهم! فهل من مدكر؟!

أما السبب الثاني لإحتفائنا بهذه الحادثة هو أنهم بعد أن فروا تفاجأنا بفرار العملاء بعدهم، ودون أن نتحرى أو نبذل جهودا لكشف من يتعامل معهم، وبذلك أصبح اليمن أنظف وأجمل.. ألا يستحق هذا الأمر أن نحتفل من اجله؟!

·        سؤال المقال: هل تعتقد أن الفيلم تنبأ بالحادثة؟ أم أن الأمر كان مجرد صدفة؟

قبل أن تسرح بخيالك لتفكر بالحل دعني أجيبك على السؤال.. فالأمر ببساطة هو أنهم يدركون أنهم مكروهين في العالم العربي وخصوصا اليمن، وهم لديهم إستطلاعات للرأي ووسائل أخرى ليس أقلها معرفتهم بأنفسهم وسياساتهم القذرة.. هم يعرفون أنفسهم!

 

ــــــــــــــــــــ

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
المقالات لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
التعليقات
----خلف ناصر عبد الله : اتمنى لكم التوفيق والسداد بحوث روعه غيتها اعلاء اعلام دين الله سبحانه:؟ ...
الموضوع :
تفسير "هذا صراطُ عليٍّ مستقيم" (الحجر: 41)
منير حجازي : العلاقات التي تربط البرزانيين بالكيان الصهيونية علاقات قديمة يطمح الاكراد من خلالها أن يساعدهم اليهود على إنشاء ...
الموضوع :
النائب مصطفى سند يُحرك شكوى ضد ممثل حكومة كردستان في المانيا دلشاد بارزاني بعد مشاركته احتفال في سفارة الكيان الصهيوني
منير حجازي : الاخت الفاضلة حياكم الله نقلتي قول (أنطوان بارا) في كتابه الحسين في الفكر المسيحي وهو يعقد مقارنة ...
الموضوع :
الحسين في قلب المسيح
ولي : بعد سنوات اليوم يقبل ابناء عنيفص منفذ المقابر الجماعية بحق الانتفاضة الشعبانية ١٩٩١ في الكلية العسكرية بينما ...
الموضوع :
محكمة جنايات بابل تحكم باعدام الارهابي رائد عنيفص العلواني قاتل 26 مواطنا ودفنهم في حديقة داره ببابل
زياد مصطفى خالد : احسنت تحليل واقعي ...
الموضوع :
مسرحية ترامب مع زيلنسكي والهدف الامريكي !!
ابو حسنين : انظرو للصوره بتمعن للبطل الدكتور المجاهد والصادق جالس امام سيد الحكمه والمعرفه السيد علي السستاني بكل تواضع ...
الموضوع :
المرجع الديني الأعلى السيد السيستاني يستقبل الطبيب محمد طاهر أبو رغيف
قتيبة عبد الرسول عبد الدايم الطائي : السلام عليكم اود ان اشكركم اولا على هذا المقال واستذكاركم لشخصيات فذة دفعت حياتها ثمنا لمبادئها التي ...
الموضوع :
كلمة وفاء لإعدادية الكاظمية!!
م خالد الطائي : السلام عليكم, شكرا لصاحب المقال, عمي مالك عبد الدايم الطائي: خريج 1970م، تخرج من كلية العلوم بغداد ...
الموضوع :
كلمة وفاء لإعدادية الكاظمية!!
ام زهراء : مأجورين باىك الله فيكم ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
علاء عبد الرزاق الانصاري : الاهم صلي على محمد وال محمد الطيبين الطاهرين ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
فيسبوك