عبدالملك سام ||
🔘 في العام 2000م تم عرض فيلم (قواعد الإشتباك Rules of engagement) للمخرج وليم فريدكين، والذي تم تصويره في المغرب، وحقق إيرادات تجاوزت الـ 71 مليون دولار.. وما يهمنا في الفيلم هي مشاهد صورت محاولة اقتحام السفارة الأمريكية في صنعاء، وكيف قام الجنود الأمريكيين بحماية السفارة وقتل المقتحمين رغم أنهم لم يستخدموا كامل قوتهم وأسلحتهم!
كم مرة قلت لكم أن كل هذا مجرد تمثيل؟ وأن الخيال يبقى خيال؟ الواقع أن هناك من لم يستمع لنصائحي، وظل يعتقد أن هؤلاء الجنود المتأنقين كائنات أسطورية قادرة على إخراج النار من مؤخراتها! والحقيقة أن هذه الأفلام ليست سوى أداة للحرب الناعمة، ومن أهداف إنتاج هذه النوعية هو تضخيم قدرة الجنود الأمريكيين لتخويف الناس، وهذا ما فعلته أدوات أمريكية - كالقاعدة - لتضخيم قدراتها، وتسهيل هزيمة خصومها عبر الترهيب!
ما حدث في العام 2015م يؤكد أن الواقع يختلف تماما عن الخيال، ففي فجر يوم الأربعاء 11 فبراير عام 2015م قام السفير الأمريكي حينها، (ماثيو تولر) وبعينين منتفختين من السهر (لأنه قضى ليلته يحرق أوراق ووثائق السفارة)، وسلم مفاتيح السفارة للموظفين اليمنيين هناك، وهرب بنحو 200 جندي مارينز بثلاثين سيارة مصفحة، والسبب كما صرح سعادته هو أنه لم يعد للأمريكيين أي مهمة في صنعاء!
مائتان جندي من (المارينز) كانوا قادرين - حسب (هوليود) - على احتلال مجرة (درب التبانة) دون أن يصاب أحد منهم بخدش، فما الذي يدفعهم للرحيل فجأة قبل أن يطلع النهار؟! بل وأن يكون هذا الفرار بحماية وضمانة وعلى متن طائرة عمانية؟! أي أنه لم تتجرأ أي طائرة أمريكية على الهبوط في المطار!
أنا متأكد بأن السفير (تولر) كان قد خاط - قبل هذا اليوم - 201 جلبابا إستعدادا للفرار، وأن (فريدكين) قد سبهم حتى جف حلقه بعد أن سمع خبر هذا الإنسحاب المهين، وأن هذه الحادثة لو حصلت قبل تصوير فيلم (قواعد الإشتباك) لما وجد الفيلم من ينتجه!
نحن فيما مضى كنا نتعب من منظر هؤلاء الجنود وهم يمرون أمام أعيننا بأسلحتهم باهظة الثمن، وعرباتهم الفارهة، ولكن تحت حماية جنود يمنيين بأجسامهم النحيفة وأسلحتهم الصدئة! وكنا نتسائل عمن يحمي من؟! فقد كنا متأثرين بأفلام (هوليود) ونعتقد أن الجندي الأمريكي ضد الكسر مثل الساعات اليابانية! أما بعد هذه الحادثة فقد أقلعت عن عادة تصديق كل ما يعرض في الأفلام، وبت مقتنعا أن (هوليود) أشد كذبا من (بوليود).
اليوم يصادف الذكرى الثامنة لهذه الحادثة الغريبة، ولأننا رأينا صورا أكثر وضوحا لقوة وبأس الشعب اليمني خلال سنين العدوان الماضية، ولكني أعتقد أنه من المهم والمفيد والواجب أن يتم الاحتفاء بهذا اليوم العزيز على غرار الاحتفاء بيوم 31 نوفمبر 1963م، كونه حدث فيه جلاء آخر جندي (مارينزي) عن الشمال، وتركهم للموظفين اليمنيين في سفارتهم ليلاقوا مصيرهم! فهل من مدكر؟!
أما السبب الثاني لإحتفائنا بهذه الحادثة هو أنهم بعد أن فروا تفاجأنا بفرار العملاء بعدهم، ودون أن نتحرى أو نبذل جهودا لكشف من يتعامل معهم، وبذلك أصبح اليمن أنظف وأجمل.. ألا يستحق هذا الأمر أن نحتفل من اجله؟!
· سؤال المقال: هل تعتقد أن الفيلم تنبأ بالحادثة؟ أم أن الأمر كان مجرد صدفة؟
قبل أن تسرح بخيالك لتفكر بالحل دعني أجيبك على السؤال.. فالأمر ببساطة هو أنهم يدركون أنهم مكروهين في العالم العربي وخصوصا اليمن، وهم لديهم إستطلاعات للرأي ووسائل أخرى ليس أقلها معرفتهم بأنفسهم وسياساتهم القذرة.. هم يعرفون أنفسهم!
ــــــــــــــــــــ
https://telegram.me/buratha