حوراء علي الحميداوي ||
علمنا رسولنا الكريم التحلي بالكثير من الأخلاق الحميدة، والابتعاد عن الأخلاق الذميمة، وإنّ من أسوأ الطباع التي يجب أن نبتعد عنها هو طبع الطمع، والطمع يعني الرغبة في الحصول على كل شيء، وامتلاك المزيد منه دون النظر إلى حاجة الآخرين منه، وهو عكس القناعة والرضا، فالإنسان الطماع إنسان لا يملأ عينه إلّا التراب، وهو إنسان لا يشبع ولا يرضى بما قسمه الله له، بل يبحث دوماً عن المزيد وإن كان على حساب الآخرين.
الطمع عبارة عن رغبة جامحة لامتلاك الثروات أو السلع أو الأشياء ذات القيمة المطلقة بغرض الاحتفاظ بها للذات، بما يتجاوز احتياجات البقاء والراحة بكثير، وهو يسري على الرغبة الطاغية والبحث المستمر عن الثروة والمكانة والسلطة، وايضا هو الهوس بامتلاك جميع الثروات والسلع لابهار المجتمع المحاط بنا.
قيل قديماً إن القناعة كنز لا يفنى، وقيل أيضاً إنّ الطمع ضر ما نفع، وهذان القولان صحيحان تماماً، فالإنسان القنوع إنسان مرتاح البال، راض بقضاء الله تعالى ورزقه الذي كتبه له، سعيد بما يملك ولو كان قليلاً، على عكس الإنسان الطماع الذي يظن أنّ كثرة المال هي ما يجلب السعادة، فينطلق في هذه الدنيا راكضاً ركض الوحوش حتى يحصل على المزيد وينسى أن العمر يمضي، فيترك عائلته ومن يحبونه وراء ظهره، ويجري ليجمع النقود ويكنزها، وهو بذلك يخسر كل شيء جميل في هذه الحياة دون أن يشعر.
يعد الطمع صفة من الصفات اللا حميدة مهما اختلفت العصور واختلفت الأوقات، فمنذ قديم الزمن وتلك الصفة مرفوضة تماما حيث أنها تتسبب في الكثير من الخراب والدمار في المجتمعات، وذلك لأنها تساعد على نشر الفوضى بكثرة.
بسبب تلك الصفة تندثر الأخلاق الحميدة وتعم الأخلاق الذميمة، هذا يعد سبب من أسباب تأخر المجتمعات، وليس ذلك فقط بل يعتبر أيضاً من أسباب الحروب بين الدول، فالطمع صفة لا تقوم بالتأثير على الفرد فقط بل تؤثر على المجتمع بأكملة.
قال الله سبحانه وتعالى
((وَإِنَّ كَثِيرًا مِّنْ الْخُلَطَاء لَيَبْغِي بَعْضُهُمْ عَلَى بَعْضٍ)) [ص: 24]. (لَيَبْغِي بَعْضُهُمْ عَلَى بَعْضٍ: بسائق الطَّمع والحرص، وحب التكاثر بالأموال التي تميل بذويها إلى الباطل إن لم يتولَّهم الله بلطفه).
ــــــــــ
https://telegram.me/buratha