عباس سرحان ||
إدعت إبنة صدام حسين، رغد، أنها ستُستقبل بالورود حين تعود الى بغداد حاملة جثة أبيها الذي أعدمه القضاء العراقي بعد محاكمته عن عدد محدد من جرائم القتل العمد والإبادة الجماعية التي اقترفها.
ولا داعي هنا لأن نعيد استعراض كل جرائم صدام التي ارتكبها في أربعين عاما من حكمه، فهي بكل ما تمثله من انتهاك لحقوق بني البشر، وما تجسده من وضاعة ودناءة وحقارة منفذيها ما زالت ماثلة في أذهان ضحايا الجلاد ويتذكرونها دائما.
وتكفي الاشارة هنا الى افتعال صدام حربين دوليتين خاسرتين ضد جيران العراق بلا مبرر وشن حرب داخلية ضد الشيعة في الوسط والجنوب، وإعدام علماء الدين في الحوزة العلمية ودفن الأحياء في مقابر جماعية لأسباب طائفية وتهجير سكان العراق ممن يشك في ولائهم الى دول الجوار.
وللمنصف أن يتصور الكمّ الهائل من المعاناة الانسانية التي سببتها جرائم صدام لملايين الأشخاص ممن فقدوا أحبتهم في السجون أو في المنافي، أو في مقابر جماعية وأحواض التيزاب " ماء النار" عدا عن حجم الدمار المادي والمعنوي الذي ألحقه بالشعب العراقي وشعوب المنطقة.
لكن ما يهمنا هنا أن نقرأ السبب وراء التصريح البائس لابنة صدام في هذا الوقت وما هي اهدافه ومن يقف وراء دفعها لهذا التصريح؟.
من الواضح أن رغد أضحت في السنوات الاخيرة بضاعة تحت الطلب للقيام بأي دور يلحق الأذى بالعراقيين وخصوصا ضحايا أبيها، فهي جاهزة لتنفيذ أي تكليف من دولة او جهة دولية تريد الأذى بالعراقيين.
وهكذا فعلت في شباط 2021 عندما اطلت برأسها من على قناة "العربية" السعودية محاولة رسم صورة مغايرة لصورة ابيها الجلاد، ولتضفي عليه بريقا انسانيا لم يكن فيه مطلقا، وقد استفزت بلقائها ذاك ملايين العراقيين من ضحاياه.
وتأكدَ ان الجهة الممولة والمديرة لقناة "العربية" ارادت في حينه توجيه رسالة كراهية وإزعاج الى الشعب العراقي ردا على الرفض الشعبي الواسع في وسط وجنوب العراق لمساعي الاستثمار السعودي في بادية السماوة.
أما تصريح رغد الاخير الذي قالت فيه إن" جثة صدام ستعود قريبا الى بغداد بترحيب شعبي واسع" فهو يندرج ضمن محاولة اردنية لابتزاز العراق، بعدما عصفت الازمة الاقتصادية الخانقة بالأردن وتسببت بمظاهرات عارمة في عدة مدن اردنية في وقت سابق.
وقد زار وفد اردني بغداد مطلع العام الجاري والتقى مسؤولين وسياسيين عراقيين طالبا منهم زيادة كميات النفط العراقي شبه المجاني التي يتلقاها الاردن وتقديم قروض عراقية ميسّرة وإلغاء الرسوم الجمركية على البضائع الاردنية.
لكن المسؤولين العراقيين رفضوا تلبية المطالب الاردنية متعذرين بما يعانيه العراق من مشاكل اقتصادية، وبخشيتهم من الغضب الشعبي العراقي المحتمل في حال التفريط بثروات العراق دون مقابل.
وقد عاد الوفد الاردني خالي الوفاض لتقوم جهات اردنية بلعب ورقة رغد هذه المرة في محاولة لابتزاز العراق واجبار الحكومة العراقية على الدفع مقابل تعهد الاردن بإسكات ابنة صدام التي تقيم في العاصمة الاردنية عمّان منذ 2003.
لكن فات هذه الجهات أن أمنيات أفعى عمّان بالعودة الى العراق ولعب دور سياسي هي أحلام العصافير، وابنة صدام بعد كل المتغيرات التي حدثت في العراق والمنطقة تحاول بيع السراب للعراقيين.
وعلى القيادة الاردنية أن تدرك أن إغلاق العراق لحدوده مع الأردن وتوقفه عن تزويده بالنفط شبه المجاني لمدة أسبوع واحد فقط، سيجعل الشارع الاردني يلتهب مجددا بالمظاهرات والاحتجاجات الشعبية الغاضبة التي ستنال من الملك نفسه لا من الحكومة فقط.
لذا فإن ورقة أفعى الأردن لن تكون في مصلحة الحكومة الاردنية، بل على العكس انها ستكون وبالا عليها، والحكومة العراقية مطالبة وبشكل عاجل باستيضاح الموقف الاردني من التصريحات الاخيرة لهذه اللاجئة العراقية المتهمة بدعم عمليات ارهابية في العراق.
وعلى العراق أن يجرب إغلاق منفذ طريبيل لمدة شهر واحد من "أجل الصيانة" قبل ان يطالب الحكومة الاردنية بتسليم ابنة صدام الى القضاء العراقي لتمثل امام محكمة عادلة لتورطها بمجزرة سبايكر.
ـــــــــــــ
https://telegram.me/buratha