احترام عفيف المُشرّف ||
التقوى هى مركز الدائرة في كل الفروض والبوصلة لكل الأعمال والركيزة والأساس والمقياس ، فلا عمل يقبل بدونها ولاثواب يُرتجى بنعدامها، فحيثما وجدت التقوى وجد الإخلاص ووجد الإتقان في أعمال الدنيا والآخرة، ووجد الإيمان والاطمئنان،
وإذا تفكرنا في كتاب الله وآياته نجد أن التقوى هى مركز العمل وأساسه، فعندما فرض الله سبحانه وتعالي فرائضه أعلمهم بأن المطلوب من هذه الأعمال هو التقوى، وإنها لاتقبل بدون التقوى،
ففريضة الحج لايكتمل زادها وتزودها إلا بالتقوى:{وَمَا تَفْعَلُوا مِنْ خَيْرٍ يَعْلَـمْهُ اللهُ وَتَزَوَّدُوا فَإِنَّ خَيْرَ الزَّادِ التَّقْوَى وَاتَّقُونِ يَا أُولِي الْأَلْبَابِ)
تتوالى آيات الكتاب الحكيم لترشدنا لأهمية التقوى، وإن الله لايريد من العمل سوى التقوى فيه :{لَنْ يَنَالَ اللهَ لُحُومُهَا وَلَا دِمَاؤُهَا وَلَكِنْ يَنَالُهُ التَّقْوَى مِنْكُمْ كَذَلِكَ سَخَّرَهَا لَكُمْ لِتُكَبِّرُوا اللهَ عَلَى مَا هَدَاكُمْ وَبَشِّرِ الْـمُحْسِنِينَ} ، كذلك الصوم المطلوب فيه والأساس منه التقوى :{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ} حتى البنيان لابد فيه من التقوى:{ لَـمَسْجِدٌ أُسِّسَ عَلَى التَّقْوَى مِنْ أَوَّلِ يَوْمٍ أَحَقُّ أَنْ تَقُومَ فِيهِ فِيهِ رِجَالٌ يُحِبُّونَ أَنْ يَتَطَهَّرُوا وَاللهُ يُحِبُّ الْـمُطَّهِّرِينَ} كذلك يرشدنا سبحانه وتعالى بأن التقوى لا يعطيها سبحانه إلا لمن اصطفى من عباده: {فَأَنْزَلَ اللهُ سَكِينَتَهُ عَلَى رَسُولِهِ وَعَلَى الْـمُؤْمِنِينَ وَأَلْزَمَهُمْ كَلِـمَةَ التَّقْوَى وَكَانُوا أَحَقَّ بِهَا وَأَهْلَهَا وَكَانَ اللهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمًا}
يوصينا الله أن ندخل التقوى في تعاملاتنا وحتى في الكلام فيما بيننا البين:{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا إِذَا تَنَاجَيْتُمْ فَلَا تَتَنَاجَوْا بِالْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ وَمَعْصِيَةِ الرَّسُولِ وَتَنَاجَوْا بِالْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَاتَّقُوا اللهَ الَّذِي إِلَيْهِ تُحْشَرُونَ}
والآيات في الحث التقوى كثيرة وماعلينا إلا أن نتدبر في كتاب الله لنعرف الطريق..
تطرقنا في الشطر الأول من حديثنا عن التقوى وأهميتها مستشهدين بآت من كتاب الله عز وجل وفي الشطر الثاني نتناول من كانوا نتاج التقوى وهم المتقين، وما هي صفاتهم وكيف هي سماتهم مستشهدين أيضاً بآيات من الذكر الحكيم، الذي لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه، فقد بين سبحانه كرامة المتقين وفضلهم على من سواهم :{أَمْ نَجْعَلُ الَّذِينَ آَمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ كَالْـمُفْسِدِينَ فِي الْأَرْضِ أَمْ نَجْعَلُ الْـمُتَّقِينَ كَالْفُجَّارِ)
المتقون تولوا الله فتولاهم الله :{إِنَّهُمْ لَنْ يُغْنُوا عَنْكَ مِنَ اللهِ شَيْئًا وَإِنَّ الظَّالِـمِينَ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ وَاللهُ وَلِيُّ الْـمُتَّقِينَ} كذلك قبول الأعمال يعتمد أن تكون من المتقين :{وَاتْلُ عَلَيْهِمْ نَبَأَ ابْنَيْ آَدَمَ بِالْحَقِّ إِذْ قَرَّبَا قُرْبَانًا فَتُقُبِّلَ مِنْ أَحَدِهِمَا وَلَـمْ يُتَقَبَّلْ مِنَ الْآَخَرِ قَالَ لَأَقْتُلَنَّكَ قَالَ إِنَّمَا يَتَقَبَّلُ اللهُ مِنَ الْـمُتَّقِينَ) كلاهما ابناء نبي ولكن المتقى كان له القربى والقبول، وكذا تكفل الله بنصر المتقين على من عاداهم :{الشَّهْرُ الْحَرَامُ بِالشَّهْرِ الْحَرَامِ وَالْحُرُمَاتُ قِصَاصٌ فَمَنِ اعْتَدَى عَلَيْكُمْ فَاعْتَدُوا عَلَيْهِ بِمِثْلِ مَا اعْتَدَى عَلَيْكُمْ وَاتَّقُوا اللهَ وَاعْلَـمُوا أَنَّ اللهَ مَعَ الْـمُتَّقِينَ}
{إِلَّا الَّذِينَ عَاهَدْتُمْ مِنَ الْـمُشْرِكِينَ ثُمَّ لَـمْ يَنْقُصُوكُمْ شَيْئًا وَلَـمْ يُظَاهِرُوا عَلَيْكُمْ أَحَدًا فَأَتِمُّوا إِلَيْهِمْ عَهْدَهُمْ إِلَى مُدَّتِهِمْ إِنَّ اللهَ يُحِبُّ الْـمُتَّقِينَ}
إن بقدر رقة المتقين ورحمتهم تجدهم هم الأغلظ على الكفار: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا قَاتِلُوا الَّذِينَ يَلُونَكُمْ مِنَ الْكُفَّارِ وَلْيَجِدُوا فِيكُمْ غِلْظَةً وَاعْلَـمُوا أَنَّ اللهَ مَعَ الْـمُتَّقِينَ} وهم المبادرون المسرعون للجهاد: {لَا يَسْتَأْذِنُكَ الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِاللهِ وَالْيَوْمِ الْآَخِرِ أَنْ يُجَاهِدُوا بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنْفُسِهِمْ وَاللهُ عَلِيمٌ بِالْـمُتَّقِينَ} وقد نال المتقين كل مراتب الفلاح والنجاح فهم الراضون بكل أقدار الله :{وَقِيلَ لِلَّذِينَ اتَّقَوْا مَاذَا أَنْزَلَ رَبُّكُمْ قَالُوا خَيْرًا لِلَّذِينَ أَحْسَنُوا فِي هَذِهِ الدُّنْيَا حَسَنَةٌ وَلَدَارُ الْآَخِرَةِ خَيْرٌ وَلَنِعْمَ دَارُ الْـمُتَّقِينَ} والمتقين يظلوا مراعين لله متقين له حتى آخر لحظات أعمارهم :{كُتِبَ عَلَيْكُمْ إِذَا حَضَرَ أَحَدَكُمُ الْـمَوْتُ إِنْ تَرَكَ خَيْرًا
الْوَصِيَّةُ لِلْوَالِدَيْنِ وَالْأَقْرَبِينَ بِالْـمَعْرُوفِ حَقًّا عَلَى الْـمُتَّقِينَ } وحتى في يوم المعاد لا فلاح ولا فوز إلا للمتقين.:{الْأَخِلَّاءُ يَوْمَئِذٍ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ إِلَّا الْـمُتَّقِينَ}
ومن عاش حياته في تقوى الله حتى نال مراتب المتقين كان جزاءه ما وعد الله به المتقين:{جَنَّاتُ عَدْنٍ يَدْخُلُونَهَا تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ لَهُمْ فِيهَا مَا يَشَاءُونَ كَذَلِكَ يَجْزِي اللهُ الْـمُتَّقِينَ} وبعد أن تجولنا في رياض القران الكريم وعرفنا التقوى وأهميتها وتعرفنا على المتقين وصفاتهم، هل لدينا القلوب التى تعي والعقول التى تتفكر وتتدبر أن طريق المتقين هو الطريق المستقيم ونهجهم هو القويم وأن خير الدنيا يناله المتقين، ونعيم الأخرة يفوز به المتقين. والعاقبة للمتقين
ــــــــ
https://telegram.me/buratha