عدنان جواد ||
يكاد كل رئيس وزراء عراقي وفي بداية عمله، يطلق الوعود بانه سوف يحارب الفساد ويقضي على الفاسدين، ولكن تنتهي حكومته ولم نرى فاسد واحد خلف القضبان وانما يزداد الفساد ولم نرى فاسدين، ورئيس الوزراء الحالي محـمد شياع السوداني اضاف لها اعادة الاموال المسروقة فهل يستطيع ذلك؟
اكد سياسيون عراقيون استحالة فتح ملفات كبيرة في ظل هيمنة القوى السياسية على موارد الدولة، وعده البعض بالملف الشائك وانه اخطر من الارهاب، وفي حالة فتح ملف الفساد واتهام شخصيات كبيرة ومن الصف الاول، قد يؤدي الى انهيار العملية السياسية، فان اكثر الكتل السياسية تفاوض على الوزارات والدرجات الخاصة بغية الظفر بالعقود الاقتصادية لتلك المؤسسات .
ان الفساد في العراق يمارس من اصغر موظف في الدولة، وقد انتشر هذا الامر بعد ضعف الدولة في التسعينات، ايام الحصار الاقتصادي على العراق ، حيث كان راتب الموظف لا يسد حاجة العائلة المعيشية لأيام معدودة، فيضطر الموظف لسرقة ما تحت يده ، فسادت ثقافة الرشوة في انجاز المعاملات، واصبحت شبه مقبولة في المجتمع، البعض يقول ان عملية الفساد والابتزاز تبدا من اصحاب السلطة، وان هؤلاء اغلبهم اتوا من القرى والارياف ومن المناطق الفقيرة، هذا حسب المنظور النفسي والاجتماعي ، وخاصة في فترة حكم الضباط للعراق الى فترة حكم صدام، فالذاكرة العراقية مليئة بالأحداث السلبية، حروب صراعات ودماء ومقابر جماعية، وانتفاضات شعبية تقمع بأسلحة فتاكة واعدام شخصيات مصلحة و مؤثرة في المجتمع، فتحدث الفروقات في توزيع الثروات والاستحقاقات، فمن في السلطة غالبا فوق القانون، وهو يعيش في بحبوحة و رخاء والمجتمع يعاني من الفقر، وحتى لو يقتل او يسرق لا يحاسب، لذلك اعتبر المواطن العادي ان حقه مسروق وان الدولة التي يعيش فيها تسرقه، وهذا سبب ضعف المواطنة، واما التضحيات والاندفاع للحروب اما من الخوف والرعب كما حدث في حروب صدام العبثية ولجنة الاعدامات في الخطوط الخلفية، او بدافع ديني كما حدث بالحرب ضد داعش، ومع الاسف استمر الامر بعد 2003 فالذين تصدوا للسلطة، مارسوا نفس المنهج القديم، ايضاً فتم تقاسم الثروة والمناصب للطبقة الحاكمة وترك الشعب يعاني، ففي التسجيل العقاري مثلا لا يتحول المنزل من البائع الى الشاري بدون دفع مبلغ كبير، بحجة الضريبة والمصلحة العامة في حين ان ربع المبلغ يذهب لخزينة الدولة، والباقي يوزع للموظفين المختصين، وفي الصحة يتم تهريب الادوية بحجة عدم وجودها فيضطر المواطن للشراء من الخارج، فيذهب لجيب البعض الذي يبيعه في خارج المستشفى، وفي التربية وقضية نقل الطلاب والرقعة الجغرافية، والدخول للامتحانات الوزارية، وتزوير الشهادات وصحة الصدور، وفي المؤسسات الامنية فالكثير من الرتب تباع، فتجد شاب يملك رتبة كبيرة وبالعكس هناك ناس كبار في السن ورتبهم صغيرة، وشراء المواقع والعمل في السيطرات، وتعطيل المعاملات والروتين من اجل دفع الرشوة، والكثير من الامثلة التي غابت عن ذاكرتي.
فهل يستطيع رئيس الوزراء القضاء على الفساد، واقالة الوزراء الذين يفشلون في تأدية مهامهم، وهل تقبل الكتل السياسية بإقالة وزيرها الفاشل؟!، فسرقة القرن اشترك فيها شخصيات سياسية ، تم اعادة جزء من الاموال واطلاق سراحهم، او حكمهم بعقوبات بسيطة، ويتم التضحية بشخصيات ثانوية مجرد ادوات، وما حدث في الانبار من سرقات في بيع الاراضي، والذي يشار فيها اشتراك شخصيات سياسية مؤثرة، البعض منهم اصبح يهدد بإنشاء اقليم سني وحول القضية الى طائفية ومذهبية ومكون، ليس حباً بالمكون ولكن خوفاً عل سلطته ومصالحة وأرباحه، فالحكم سنة او سنتين سجن وبدون تنفيذ العقوبة، وترك المسؤول الاول لا يحد من الفساد، صحيح ان دولة الفساد قوية ومعششة في مفاصل الدولة، لكن يمكن التغلب عليه بخضوع الكتل السياسية والاحزاب للمحاسبة وبدون مجاملة، وضبط الحدود، والتخلص من اللجان الاقتصادية للأحزاب في وزارات الدولة، وحصر السلاح بيد الدولة، فأي جهة تمتلك سلاح لا يستطيع الشرطي القبض على المتهم لأنه مسلح، ولا يستطيع القاضي اصدار امر القبض لأنه يتعرض للتهديد وربما القتل او خطف احد افراد عائلته، فالأمر صعب ويحتاج ارادة ودعم شعبي ووعي، وما دمت لم تتلوث يدك في سرقة المال العام ، فادعم القضاء في تطبيق القانون على الجميع والا فدولة الفساد باقية وتتمدد.
ــــــــ
https://telegram.me/buratha