المقالات

دولة الفساد اقوى من دولة رئيس الوزراء

656 2023-04-16

عدنان جواد ||

 

يكاد كل رئيس وزراء عراقي وفي بداية عمله، يطلق الوعود بانه سوف يحارب الفساد ويقضي على الفاسدين، ولكن تنتهي حكومته ولم نرى فاسد واحد خلف القضبان وانما يزداد الفساد ولم نرى فاسدين، ورئيس الوزراء الحالي محـمد شياع السوداني اضاف لها اعادة الاموال المسروقة فهل يستطيع ذلك؟

اكد سياسيون عراقيون استحالة فتح ملفات كبيرة في ظل هيمنة القوى السياسية على موارد الدولة، وعده البعض بالملف الشائك وانه اخطر من الارهاب، وفي حالة فتح ملف الفساد واتهام شخصيات كبيرة ومن الصف الاول، قد يؤدي الى انهيار العملية السياسية، فان اكثر الكتل السياسية تفاوض على الوزارات والدرجات الخاصة بغية الظفر بالعقود الاقتصادية لتلك المؤسسات .

ان الفساد في العراق يمارس من اصغر موظف في الدولة، وقد انتشر هذا الامر بعد ضعف الدولة في التسعينات، ايام الحصار الاقتصادي على العراق ، حيث كان راتب الموظف لا يسد حاجة العائلة المعيشية لأيام معدودة، فيضطر الموظف لسرقة ما تحت يده ، فسادت ثقافة الرشوة في انجاز المعاملات، واصبحت شبه مقبولة في المجتمع، البعض يقول ان عملية الفساد والابتزاز تبدا من اصحاب السلطة، وان هؤلاء اغلبهم اتوا من القرى والارياف ومن المناطق الفقيرة، هذا حسب المنظور النفسي والاجتماعي ، وخاصة في فترة حكم الضباط للعراق الى فترة حكم صدام، فالذاكرة العراقية مليئة بالأحداث السلبية، حروب صراعات ودماء ومقابر جماعية، وانتفاضات شعبية تقمع بأسلحة فتاكة واعدام شخصيات مصلحة و مؤثرة في المجتمع، فتحدث الفروقات في توزيع الثروات والاستحقاقات، فمن في السلطة غالبا فوق القانون، وهو يعيش في بحبوحة و رخاء والمجتمع يعاني من الفقر، وحتى لو يقتل او يسرق لا يحاسب، لذلك اعتبر المواطن العادي ان حقه مسروق وان الدولة التي يعيش فيها تسرقه، وهذا سبب ضعف المواطنة، واما التضحيات والاندفاع للحروب اما من الخوف والرعب كما حدث في حروب صدام العبثية ولجنة الاعدامات في الخطوط الخلفية، او بدافع ديني كما حدث بالحرب ضد داعش، ومع الاسف استمر الامر بعد 2003 فالذين تصدوا للسلطة، مارسوا نفس المنهج القديم، ايضاً فتم تقاسم الثروة والمناصب للطبقة الحاكمة وترك الشعب يعاني، ففي التسجيل العقاري مثلا لا يتحول المنزل من البائع الى الشاري بدون دفع مبلغ كبير، بحجة الضريبة والمصلحة العامة في حين ان ربع المبلغ يذهب لخزينة الدولة، والباقي يوزع للموظفين المختصين، وفي الصحة يتم تهريب الادوية بحجة عدم وجودها فيضطر المواطن للشراء من الخارج، فيذهب لجيب البعض الذي يبيعه في خارج المستشفى، وفي التربية وقضية نقل الطلاب والرقعة الجغرافية، والدخول للامتحانات الوزارية، وتزوير الشهادات وصحة الصدور، وفي المؤسسات الامنية فالكثير من الرتب تباع، فتجد شاب يملك رتبة كبيرة وبالعكس هناك ناس كبار في السن ورتبهم صغيرة، وشراء المواقع والعمل في السيطرات، وتعطيل المعاملات والروتين من اجل دفع الرشوة،  والكثير من الامثلة التي غابت عن ذاكرتي.

فهل يستطيع رئيس الوزراء القضاء على الفساد، واقالة الوزراء الذين يفشلون في تأدية مهامهم، وهل تقبل الكتل السياسية بإقالة وزيرها الفاشل؟!، فسرقة القرن اشترك فيها شخصيات سياسية ، تم اعادة جزء من الاموال واطلاق سراحهم، او حكمهم بعقوبات بسيطة، ويتم التضحية بشخصيات ثانوية مجرد ادوات، وما حدث في الانبار من سرقات في بيع الاراضي، والذي يشار فيها اشتراك شخصيات سياسية مؤثرة،  البعض منهم اصبح يهدد بإنشاء اقليم سني وحول القضية الى طائفية ومذهبية ومكون، ليس حباً بالمكون ولكن خوفاً عل سلطته ومصالحة وأرباحه، فالحكم سنة او سنتين سجن وبدون تنفيذ العقوبة، وترك المسؤول الاول لا يحد من الفساد، صحيح ان دولة الفساد قوية ومعششة في مفاصل الدولة، لكن يمكن التغلب عليه بخضوع الكتل السياسية والاحزاب للمحاسبة وبدون مجاملة، وضبط الحدود، والتخلص من اللجان الاقتصادية للأحزاب في وزارات الدولة، وحصر السلاح بيد الدولة، فأي جهة تمتلك سلاح لا يستطيع الشرطي القبض على المتهم لأنه مسلح، ولا يستطيع القاضي اصدار امر القبض لأنه يتعرض للتهديد وربما القتل او خطف احد افراد عائلته، فالأمر صعب ويحتاج ارادة ودعم شعبي ووعي، وما دمت لم تتلوث يدك في سرقة المال العام ، فادعم القضاء في تطبيق القانون على الجميع والا فدولة الفساد باقية وتتمدد.

 

ــــــــ

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
المقالات لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
دينار بحريني 0
يورو 0
الجنيه المصري 0
تومان ايراني 0
دينار اردني 0
دينار كويتي 0
ليرة لبنانية 0
ريال عماني 0
ريال قطري 0
ريال سعودي 0
ليرة سورية 0
دولار امريكي 0
ريال يمني 0
التعليقات
محمود الراشدي : نبارك لكم هذا العمل الجبار اللذي طال إنتظاره بتنظيف قلب بغداد منطقة البتاويين وشارع السعدون من عصابات ...
الموضوع :
باشراف الوزير ولأول مرة منذ 2003.. اعلان النتائج الاولية لـ"صولة البتاوين" بعد انطلاقها فجرًا
الانسان : لانه الوزارة ملك ابوه، لو حكومة بيها خير كان طردوه ، لكن الحكومة ما تحب تزعل الاكراد ...
الموضوع :
رغم الأحداث الدبلوماسية الكبيرة في العراق.. وزير الخارجية متخلف عن أداء مهامه منذ وفاة زوجته
عمر بلقاضي : يا عيب يا عيبُ من ملكٍ أضحى بلا شَرَفٍ قد أسلمَ القدسَ للصُّ،هيونِ وانبَطَحا بل قامَ يَدفعُ ...
الموضوع :
قصيدة حلَّ الأجل بمناسبة وفاة القرضاوي
ابراهيم الجليحاوي : لعن الله ارهابي داعش وكل من ساندهم ووقف معهم رحم الله شهدائنا الابرار ...
الموضوع :
مشعان الجبوري يكشف عن اسماء مرتكبي مجزرة قاعدة سبايكر بينهم ابن سبعاوي
مصطفى الهادي : كان يا ماكان في قديم العصر والزمان ، وسالف الدهر والأوان، عندما نخرج لزيارة الإمام الحسين عليه ...
الموضوع :
النائب مصطفى سند يكشف عن التعاقد مع شركة امريكية ادعت انها تعمل في مجال النفط والغاز واتضح تعمل في مجال التسليح ولها تعاون مع اسرائيل
ابو صادق : واخیرا طلع راس الجامعه العربيه امبارك للجميع اذا بقت على الجامعه العربيه هواى راح تتحرر غلسطين ...
الموضوع :
أول تعليق للجامعة العربية على قرار وقف إطلاق النار في غزة
ابو صادق : سلام عليكم بلله عليكم خبروني عن منظمة الجامعه العربيه أهي غافله ام نائمه ام ميته لم نكن ...
الموضوع :
استشهاد 3 صحفيين بقصف إسرائيلى على غزة ليرتفع العدد الى 136 صحفيا منذ بدء الحرب
ابو حسنين : في الدول المتقدمه الغربيه الاباحيه والحريه الجنسيه معروفه للجميع لاكن هنالك قانون شديد بحق المتحرش والمعتدي الجنسي ...
الموضوع :
وزير التعليم يعزل عميد كلية الحاسوب جامعة البصرة من الوظيفة
حسن الخفاجي : الحفيد يقول للجد سر على درب الحسين عليه السلام ممهداً للظهور الشريف وانا سأكمل المسير على نفس ...
الموضوع :
صورة لاسد المقاومة الاسلامية سماحة السيد حسن نصر الله مع حفيده الرضيع تثير مواقع التواصل
عادل العنبكي : رضوان الله تعالى على روح عزيز العراق سماحة حجة الإسلام والمسلمين العلامة المجاهد عبد العزيز الحكيم قدس ...
الموضوع :
بالصور ... احياء الذكرى الخامسة عشرة لرحيل عزيز العراق
فيسبوك