محمد الكعبي ||
ما يمر به وطني العراق من انتكاسة وتراجع في اغلب مفاصله، صار من الصعوبة بمكان الوقوف عليها بهذه العجالة ، ولا يمكن حصرها، فقسم من الانتكاسات ما هو داخلي وقسم منها ما هو خارجي، وقد تكوت اسبابها خارج عن اراده أبناءه، وهناك اسباب متعلقة بنفس البناء الفكري والنفسي للمجتمع العراقي، واسباب لها مدخليه بعقلية الفاعل السياسي ، فضلا عن تكالب اغلب دول الإقليم والعالم عليه لتأكل بلحمه وتنهشه، بل اصبح فريسة والكل ينتظر دوره لكي يأخذ حصته منه، وان الاقوى فيهم من يبدأ بافتراسه، وما يقوم به بعض السياسيين من تغطية الفشل بقفزات اعلامية، فلا يحتاج إلى أن نغطيه بلقاءات وندوات وتفاهمات هامشية هنا وهناك ومساومات وشعارات واجتماعات لا قيمة لها لانها فاقدة للمنجز الواقعي، بل دعونا نتصارح ونتكاشف بعضنا بعضا، لنشخص الخلل الحقيقي القائم ونحاول ان نجد العلاج، ولاينبغي تجاوز الاخطاء بحجة عدم جلد الذات، فالاجيال القادمة على أقل تقدير، ستحاسبنا، اننا نعيش في بلد تفشى فيه الفساد المالي والإداري والاخلاقي فضلا عن الأمراض والبطالة والفقر والجهل، كل شيء منتهي الصلاحية، وبات لايصلح للاستخدام، حيث المشاريع الوهمية، وانعدام الخدمات، والتنمية قد تكون صفرا، والبناء محطم، والتعليم متدني، والمستشفيات دون مستوى الوسط، والشوارع متهالكة، والكفاءات مغيبة، والوطنيون مهملون ان لم يكونوا متهمين بالخيانة العظمى، والفاشل هو الحاكم كما قال د. آلان دونو في كتابه (نظام التفاهة) ونفوس الشباب منكسرة، والنيات تبدلت، والاهداف تلاشت، والطموحات أصبحت خيال، فكل هذا وذاك يجعلنا نعيد التفكير بما وصلنا اليه، ونسعى لتغييره مهما كان الثمن، فلا يمكن لبلد مثل العراق، ان يكون تحت هيمنة الخارجين عن القانون، انه العراق يستحق أن يكون الافضل، نعم هناك من نحسن الظن بهم، ونامل بهم الخير والتغيير وهؤلاء هم من يحمل راية الوطن ليكافح الانحراف ويحارب الفساد من اجل مستقبل زاهر ومستقر وان كانوا قلة لكن وجودهم يبعث الامل فينا، إن التغيير قادم وحتمي رغم انوف الاقزام، ومهما ملكوا من أموال ونفوذ وعصابات، وسيأتي اليوم الذي لا تنفعهم هيئاتهم الاقتصادية، ولا مولاتهم الاستثمارية، ولا جامعاتهم الفاشلة، ولا مستشفياتهم الاهلية، ومحطاتهم الفضائية التي تلمع وجوههم العفنة التي تدر عليهم أموال السحت، ولا تفيدهم شهاداتهم المزورة، كل المحاصصة والمحسوبية ستنتهي، وسيقدمون إلى المحاكم العادلة، سيحاسبهم الشعب وأن طال الزمان، فالشعوب تنتصر رغم انوف الجهلة والطغاة، سيزول الظلم حتما وينتهي، وسيستخلف الله قوما أخرين، يلعنونهم كما لعنوا من سبقهم، وهذه سنة الله في الذين خلوا من قبلهم، هذه هي الدنيا.
المشروع الحضاري قادم لا محالة، ووفق الرؤية الأفقية والعمودية، وعلى المستويات كافة، القريب والمتوسط والبعيد، يكمل بعظه بعضاً، ولا تنقطع، ان مسيرة تقودها الرجال والنساء من ابناء العراق قادمة تحمل البصيرة نحو الافضل والاحسن والاسمى وتعيد البسمة في وجوه الناس التي سرقها المتطفلون على بلدي، وستنطلق من حيث انتهى الاخر، نحو البناء والتنمية، نحن من نملك التغيير ان كنا نريد ذلك، وينبغي أن نفكر ونحاول ونكرر حتى ننجح، كفى نعيش البكاء على الازمات ونندب الحظ، ينبغي تحمل المسؤولية، وعلينا أن نقيم المسؤول ونطالبه بالمنجز وان لا ننبهر بعشيرته وحزبه، بل نسأل ماذا قدم وليس من هو والى اي جهة ينتمي.
البعض يعيش حالة من الرقاد والغيبوبة المصطنعة التي وضع نفسها بها، ولايحب ان يفيق لانه تعود أن ينام على المزابل والقاذورات، يعيش وهو يعشق الصور الكبيرة والشعارات الرنانة، ولا ينظر إلى قدمية وهي منغرسة في الوحل، البعض يحتاج إلى صدمة توقظه وصرخة مدوية تهزه من الداخل وتنطلق به إلى التنمية والتطور والبناء، لابد ان يفيق المجتمع ويستشعر الخطر ويبدأ بالسير نحو الخلاص، ينبغي ايجاد قيادة تملك خبرة الزمان وتجارب الاخرين وحكمة الكبار وافكار الحكماء وطموحات الشباب وروح الابوة وإخلاص الامهات وشرف العلماء، عندها سنكون قد بدائنا بالسير نحو تحقيق أهدافنا.
ــــــــــــــــــــــ
https://telegram.me/buratha