عدنان جواد ||
سمعنا وطالعنا كتب التاريخ، وما هو دور المرجعية وكيف حفظت البلاد والعباد من الوقوع في منزلقات الفوضى والفرقة والفتن، فهي امتداد لأهل البيت عليهم السلام الذين وحدوا الامة، فهم ينهلون من منبع صافي لا تشوبه اية شائبة، يأتي من النبي الكريم صل الله عليه واله الذي تحمل حقد قريش وكيدهم، ووصيه الذي ترك السلطة لمن يريدها واخذ يصحح الاخطاء وينصح الرؤساء، ويحارب القاسطين والمارقين والمردة ويحافظ على الدين، وبعد استشهادهما انبرى الائمة الاطهار عليهم السلام وفي مقدمتهم الامام الحسين عليه السلام الذي تصدى لانحراف الدين وتقويمه بنفسه واهل بيته واصحابه ، لا نريد ان نذكر سطور في كتب كتبت بحق المرجعية، قد يعترض البعض على صحتها للفارق الزمني بين هؤلاء المراجع وزماننا، نحن نتحدث عن مرجعيات رأيناها شحماً ولحماً ومنطقاً ، فمنها من تصدى للظلم والطغاة وهزمهم رغم عدتهم وقوة سلاحهم المادي، كالسيد الشيرازي والسيد محسن الحكيم(قدس) سابقاً والسيد الخميني (قدس) الذي حول دولة مستضعفة لا تمتلك صاروخ واحد للدفاع عن نفسها الى دولة نووية لديها صواريخ يصل مداها الاف الكيلومترات، والتطور في كافة المجالات، والشهيد الصدر والبروجوردي والغروي والخوئي ومحمـد صادق الصدر(قدس الله اسرارهم) ضحوا بأنفسهم لكي يبقى الدين والمرجعية محافظة على قوتها واستقلاليتها.
تمر اليوم 13 حزيران الذكرى السنوية لفتوى الجهاد الكفائي، فبعد احتلال العراق واسقاط نظام صدام من قبل الولايات المتحدة الامريكية، التي توقعت ان ينحاز الشعب لواشنطن، وان تصيغ القوانين والدستور بنفسها، لكن المرجعية رفضت ذلك واصرت على كتابة الدستور بأيدي عراقية، وبعد بروز القوى الشيعية والتي شاركت بالحكم، وكان اول من دعمها الجمهورية الاسلامية الايرانية ومقاطعة العرب لها، فما كان من الحكومات العراقية الا بتوطيد العلاقة معها، فاصبح النفوذ الايراني في العراق اكبر من نفوذ الولايات المتحدة الامريكية، لذلك ارادوا ان يغير وجهته من ايران الى واشنطن، ولكن لم يحدث ما ارادوا، لذلك حاولوا اسقاط هذا النظام بعدة طرق ، منها المفخخات والتفجيرات، والمظاهرات والاعتصامات، والشعارات الطائفية، والاغتيالات ، ثم بعد ذلك قامت بجمع المتطرفين والمجرمين من جميع انحاء العالم يحملون فكر متطرف يحلل الذبح والقتل لكل من يخالفه ، وفتحوا نار جهنم على العراقيين، وقد تم تزويدهم بالسلاح والاموال، وهم بذلك وحسب مخططهم قتل عصفورين بحجر واحد، اي قتل المسلمين الشيعة والسنة بحرب دموية عقائدية، وتصفية اكبر عدد من الطرفين، لكن المرجعية كانت بالمرصاد فأصدرت فتوى الجهاد الكفائي بعد ان احتلت داعش ثلث العراق، فحولت الهزيمة الى نصر ، توقعوا ان الحرب سوف تدوم سنين طويلة، ومن المستحيل اعادة المدن المحتلة الى اهلها، فما هذه القوة التي افشلت هذه المخططات الكبيرة؟، وما هذا الاقتدار، انها المرجعية التي لا تخضع للحكومات مثل الازهر والمجمع العلمي في السعودية، لأنها تأخذ رواتبها من الحكومات، بينما المرجعية مستقلة اقتصادياً منذ تأسيسها بعد وفاة السفراء الاربعة، وقوتها المعنوية بالتقليد، بفتوى واحدة خرج الملايين، لذلك جند الاعداء الاعلام المقروء والمسموع ووسائل التواصل الاجتماعي لتجريد المرجعية من مصدر قوتها، فاطلقوا صيحات لا خمس ولا تقليد ومع الاسف سقط البعض من السذج بهذا الفخ، فهم يريدون تجريد المرجعية من قوتها بهتك شخصيتها واسقاط القدسية عنها، وابشعها واكثرها لؤماً وتأثيراً، قتلها قادة النصر، مرة من قبل مدعي المرجعية(المتمرجعين) الذين يسقطون مقام المرجعية بتلفيق الاكاذيب، وهم مدعومين من قوى عالمية معروفة التوجه، ومرة اخرى من مدعي الثقافة وبعض الذين فقدوا البوصلة في التقليد، وان لا حاجة للتقليد وان اي شخص بإمكانه ان يطلع على الحلال والحرام من الكتب ومن اية الله (كوكل) كما يقولون!!، وهم يخالفون منهج التخصص الذي ينادي به المدنيين والليبراليين، واما الخمس فهي وسيلة لأخذ اموال الناس لخدمة المراجع وحواشيهم، ونسوا وتناسوا ان المرجعية لديها مؤسسات ضخمة كمؤسسة العين التي تمد عوائل الايتام والفقراء والمحتاجين برواتب شهرية، اضافة الى توفير المساكن لهم، و مستشفيات تعالج المحتاجين بالمجان ومشاريع ضخمة في مختلف المجالات.
فينبغي التصدي لهذه المحاولات التي تريد اضعاف المرجعية ودورها في المجتمع، من الحكومة اولاً، ومن قبل المتصدين للمشهد الثقافي والديني، لان ضعف المرجعية يعني فقدان الحكمة في اتخاذ القرارات ، وتعني الفوضى وسيطرة الدول على القرار في العراق، بل التحكم بالوضع في الداخل من قبل العصابات والعشائر واي جهة تمتلك قوة، فهي صمام الامان وقوة الدولة من قوتها، والحشد الشعبي رهن اشارتها في بسط الامن والامان.
ــــــــــــــــــــــ
https://telegram.me/buratha