د. علي حكمت شعيب ||
أستاذ في الجامعة اللبنانية
"ٱلرِّجَالُ قَوَّ مُونَ عَلَى ٱلنِّسَاۤءِ بِمَا فَضَّلَ ٱللَّهُ بَعۡضَهُمۡ عَلَىٰ بَعۡضࣲ وَبِمَاۤ أَنفَقُوا۟ مِنۡ أَمۡوَ لِهِمۡۚ"
لقد فصّل القرآن الكريم تلك القوامية وهي تعني المبالغة في القيام على الشيء أي المبالغة في حفظه وتدبيره لغوياً وفي واقعنا الحالي تفيد:
تحمل مسؤولية إدارته وقيادته وذلك نظراً للتفاضل أي التفاوت في القدرات التي تؤهل الرجل أكثر من المرأة للقيام بأعباء هذا الدور لما يتمتع به من مواصفات ملائمة له. فالمراد بما فضّل الله بعضهم علی بعض أي:
"بما يفضل ويزيد فيه الرجال بحسب الطبع علی النساء، وهو زيادة قوة التعقل فيهم، وما يتفرّع عليها من شدة البأس والقوة والطاقة على الشدائد من الأعمال. فإن حياة النساء حياة إحساسية عاطفية مبنية علی الرقة واللطافة."
(تفسير الميزان)
لذلك تراها لا تقدر على ما يؤديه الرجل من أعمال ضرورية عديدة لإدارة شؤون الأسرة. وهنا تبرز عدة نقاط:
- أولاهما: إن بعض النساء أفضل بدرجات من الرجال للقيام بأعباء هذا الدور وهذا صحيح لكن التشريع القرآني للقوانين يأخذ بالحسبان النوع دون النظر إلى الأفراد فنوع الرجال بشكل عام مناسب أكثر لهذا الدور.
- ثانيهما: إن الأفضلية تنتقص من حق المرأة لتجعلها أدنى من الرجل مرتبة وهذا رأي خاطئ.
فالأفضل لا تعني الأكرم لأن الأكرم هو الأتقى الذي يقوم بما عليه كاملاً غير منقوص.
"إن أكرمكم عند الله أتقاكم"
وأي كيان اجتماعي كالأسرة أو الحزب أو المدرسة أو ... لا بد له من قيادة واحدة وهذا مبدأ أساسي من مبادئ الإدارة الحديثة وهو وحدة الرئاسة لكي لا يكون هناك ازدواجية في القرار فينشأ النزاع.
لكن من هو القائد المدير صاحب القوامية.
إنه الذي يدير بخبرته وجاذبيته الشخصية ومهاراته التواصلية الإقناعية والتفاوضية مبتعداً عن مسألة استخدام السلطة أو العقاب في تسيير أمور منظمته ومعتمداً على أسلوب المشاركة في اتخاذ القرار.
حيث في حال الأسرة ينبغي أن تكون المرأة مستشارة له يشاورها ويأخذ برأيها إن كان أنسب من رأيه وأرجح ولا عيب أو نقص في ذلك كما يعتقد بعض الجاهلين من الناس بعلم الإدارة.
فعملية اتخاذ القرار تبحث عن القرار الرشيد وتعتمد المشاركة فيه. وفي حال لم تستطع المرأة إقناعه برأيها وأصر هو على رأيه فلا بد من أن تطيعه حفاظاً على وحدة الرئاسة التي من دونها تتفكك الأسرة.
ثالثهما: تتصور المرأة خطأ أن القيادة أو القوامية الممنوحة للرجل هي فقط بسبب إنفاقه على الأسرة حتى إذا ما أنفقت هي من راتبها أو مالها مال القرار لها.
وهذا تفسير مخالف للمبدأ القرآني الذي يثبت تلك القوامية أو القيادة للرجل لما له من مواصفات كما أسلفنا ولا يلغيها عنه في حال عدم القدرة على الإنفاق.
كل ذلك حفاظاً على أسرة سليمة وحياة عائلية هنيئة تعمر فيها الحياة الطيبة لتنجب أبناء صالحين يكملون مسيرة التكامل الإنساني ويعمرون الأرض بالخير والهدى وكلمة التقوى.
ــــــــــــــــــــــ
https://telegram.me/buratha