الشيخ الدكتور حيدر الشمري ||
لا زالت معادلات الصراع تتغير بين الحين والآخر، كما ان أجيال الحروب اخذت تتصاعد شيئاً فشيئاً.
فمنذ الجيل الاول الى الجيل الثالث كانت معادلات الصراع واحدة وان تغيرت على مستوى الاسلحة ومعدات القتال الا انها في الوقت ذاته ظلت على نسق واحد ولم تتغير كثيـراً.
ولكن انبثاق الجيل الرابع من الحروب احدث فرقاً كبيـراً في تلك المعادلات. ومما زاد من توسعها ارتباطها المباشر بالفكر السياسي الذي ساد العالم منذ نهاية الثمانينيات وتفكك الاتحاد السوفيتي.
هذا الجيل من الحروب الذي عدة خصائص، يقع في مقدمتها الامتداد الزمني، فهي تمتد لسنوات عديدة، وفي بعض الأحيان لعقود طويلة، وتكون الأولوية فيها للأبعاد السياسية اكثر مما هي للعسكرية.
لذا فقد تكون المعركة في هذا الجيل سياسية أكثر مما هي عسكرية، والهدف من الحرب هو لتحقيق نصر سياسي على الخصم وكسر ارادته ورفع تكلفة استمراره في الحرب، واستنزافه مادياً، كما في التجربة السوفيتية في أفغانستان في الثمانينيات.
اما حروب الجيل الخامس والتي يظهر أثر القوة الناعمة فيها واضحاً، من استخدام الوسائل الى الادوات الى البعد الإيدلوجي، وخلق التناقضات ما بين الدولة والمجتمع، بتوظيف الوسائل كافة، لإحداث فجوة كبيرة بينهما.
ومعادلات الصراع في هذه الحروب تتغير كثيراً، وتوظف فيها مجالات مختلفة احدها المجال السيبراني مع المزج بين التكتيكات التقليدية وغير التقليدية، لنكون امام جيل خامس من الحروب ألا وهو الحرب المعرفية التي توّظف القدرات البشرية المعرفية عن طريق الغوص في تفاصيل البيئة المعرفية البشرية ومدركاتها الذهنية. لاسيما وأن الحرب المعرفية باتت حرب العقل البشري ، ليكون فيها الفضاء السيبراني هو الأداة الفاعلة كونه يحدث أثرا نفسيا على عموم الناس طالما أنه يتفاعل مع أدوات تكنولوجيا المعلومات والاتصال المعرفي التي تمارس تحكما ذاتياً – آلياً من جانب، وتحكما معرفيا يسود فيه الذكاء الاصطناعي والتي باتت مدمجة مع بيئة الانسان التقني من جانب آخر .
تلك الحرب التي باتت تعرف بأنها(حروب العقل ضد العقل).
ـــــــــــــــ
https://telegram.me/buratha