د. علي حكمت شعيب ||
أستاذ الجامعة اللبنانية
إذا أردنا استعراض حركة الشيعة تاريخياً في لبنان والمنطقة منذ تشكل لبنان الكبير ومن ثم تشكل لبنان بصيغته الحالية عام ١٩٤٨م فإننا نجد الحقيقة الواضحة التالية:
الشيعة لم يكن لهم قبل الثورة الإسلامية في إيران أي قوة إقليمية يستندون إليها.
لذلك لم يكن لهم وزن في المعادلة اللبنانية ومتغيراتها التي ارتكزت فيها الطوائف المكوّنة للبلد إلى قوى إقليمية.
فلما انتصرت الثورة الإسلامية استندوا إلى هذه القوة الإقليمية ولم ينطلقوا منها للاستئثار بموارد البلد والاستعلاء على غيرهم.
بل كانت رؤيتهم شاملة وبصيرتهم نافذة وقيادتهم راشدة بدءاً من قيادة سماحة الإمام المغيّب السيد موسى الصدر أعاده الله ورفيقيه بخير.
فاهتموا بالبيئة الخارجية وتهديداتها الوجودية لوطنهم.
فنادوا بالوحدة الإسلامية والوطنية وعملوا على الاستفادة من هذا السند الإقليمي لمواجهة التحديات التي يعاني منها لبنان والأمة العربية والإسلامية والتي تتربع على رأسها قضية فلسطين ومواجهة الكيان الصهيوني المؤقت.
فلما راكموا نجاحاً بعد نجاح في مواجهة هذه التهديدات الوجودية فحققوا التحرير عام ٢٠٠٠ وواجهوا آلة الحرب الصهيونية في تموز ٢٠٠٦ أهدوا النصر لكل اللبنانيين ومن بعد ذلك انتصروا في الحرب التكفيرية ٢٠١٧ وثبتوا بعد ذلك نواة محور المقاومة لتصبح المقاومة التي أسسوها قوة إقليمية.
ما أعز الشيعة هو محبتهم لغيرهم وتوجيه مواردهم لخدمة وطنهم وأمتهم.
ما أعزّ الشيعة هو اتباعهم لنهج ولاية الفقيه الذي تجسد عملياً لديهم في دولة وأطر مؤسساتية في القرن العشرين بشكل لم يتحقق ذلك لهم عبر تاريخهم.
ما أعز الشيعة هو تخليهم عن العصبية الدينية وبذلهم أرواحهم للدفاع عن المسلمين والمستضعفين من أبناء بلدهم وأمتهم.
ما أعز الشيعة هو التفافهم حول المقاومة وقيادتها الرشيدة واستنادهم إلى قوة إقليمية من منطلق ديني عقائدي هم سادة عندها وليسوا أتباعاً.
فإن قال قائل إذاً هم عملاء لإيران ونحن في بلدنا ننشد السيادة والاستقلال قلنا له:
إنك لا تفقه أسس تشكّل الدول في النظام العالمي الحالي.
فلا يوجد دولة ما عدا القوى الدولية الكبرى غير تابعة أو قل عميلة لقوة إقليمية فقوة دولية.
تلك العلاقة بالقوة الإقليمية الصاعدة في المنطقة وفرت لهم سبلاً عديدة للتنمية ومن ثم نجاحهم في تحقيق أهدافهم الموجهة لخدمة وطنهم وأمتهم نجاحاً لم تعرفه قوة محلية عبر القرون الماضية ساهم في تجذر واتساع نهج المقاومة التي تبنوها.
تلك هي أبرز أسباب نهوض وعزة الشيعة في لبنان التي ساهمت في إيجاد محور المقاومة وجعلت من لبنان وطناً سيداً على أراضيه وموارده قوياً بما يمتلك من نقاط قوة كبرى أبرزها قوة المقاومة وليس قوياً في ضعفه تجتاحه فرقة موسيقية صهيونية بساعات معدودة.
https://telegram.me/buratha