عدنان جواد ||
يقول القادة في العراق السياسيين منهم والعسكريين انه ليس هناك حاجة لوجود قوات اجنبية قتالية في العراق والاتفاق نص للاستشارة، لكن حركة تلك القوات وبأعداد كبيرة بلغت ثلاثة الاف مقاتل واشتراك طائرات F35 ودبابات ومدرعات، اثارت الشكوك والتكهنات، فهل هي رسالة موجه لإيران وروسيا في سوريا ام هي مجرد تغيرات للقطعات العسكرية روتينية كما تقول واشنطن، وفي هذا الشأن صرح بعض المحللين السياسيين، ان الصراع والتصادم بين ايران والولايات المتحدة الامريكية امر مستبعد، بل وبالعكس ان هناك اتفاقات بين الطرفين بإطلاق سراح امريكيين من اصل ايراني مقابل السماح بإطلاق الاموال الايرانية المجمدة في كوريا الجنوبية والعراق، وربما العودة للاتفاق النووي في قادم الايام، فالولايات المتحدة مقبلة على انتخابات ، والديمقراطيين برئاسة بايدن يريدون ان يحققوا انجازات يقنعوا فيها جمهورهم، فالانتصار في اوكرانيا يبدو انه شبه مستحيل والخريف على الابواب، والتطبيع بين السعودية واسرائيل يتطلب التهدئة مع ايران، والحفاظ على موقع الصدارة وتسيد العالم، يحتاج جهود كبيرة بإقناع الاصدقاء بالبقاء كحلفاء وعدم الذهاب في الاتجاه الاخر مع روسيا والصين ، في مجموعة بريكس وغيرها ، و كيف ذهبت السعودية والامارت لهذا التكتل الدولي الاقتصادي، فهي امام تحديات كثيرة، لذلك فان المنطقة ذاهبة للمصالحة والاستثمارات المتبادلة، واسلوب الضغط والاجبار والهيمنة صعب في هذا الوقت.
فيما يرى اخرون ان تصعيد الوضع في سوريا، امر مقصود والعمليات الارهابية في السيدة زينب في دمشق، بتفجير دراجة مفخخة وسقوط شهداء وجرحى، وان تنظيم داعش هو الذي تبناها، وتزامنت بذكرى عاشوراء، وهذا التنظيم لا يتحرك الا بإيحاء من واشنطن، وهذا الاستهداف هو حالة امنية اكثر منها سياسية، فكيفية الوصول الى دمشق وكل هذه التحصينات والتحوطات الامنية، وان اهمية وجود داعش هو المبرر لبقاء القوات الامريكية في المنطقة، بحجة مكافحة الارهاب، وفي السيطرة على مصادر الطاقة والغذاء في المنطقة، وقطع الامداد بين ايران ومحور المقاومة المتمثل بالعراق وسوريا ولبنان وفلسطين، وقطع خط الربط البري العراقي السوري الذي حرره القائد سليماني رحمه الله، والذي تعرض للقصف والاستهداف اكثر من مرة من الامريكان والإسرائيليين، هذا الطريق الذي شهد ارسال قوافل تجارية وانسانية ايام تعرض سوريا للزلزال المدمر، اضافة الى سيطرتها على شرق سوريا بمساعدة قسد الكردية، وتحريك بعض المناطق للثورة ضد النظام.
وفي الجانب التركي تخلى اوردغان عن وعوده بعد فوزه بالانتخابات بالانسحاب من سوريا، فتركيا اليوم ترحل السوريين من تركيا الى شمال غربي سوريا، وهي تقوم بإنشاء مجمعات سكنية وبتمويل قطري، تفصل الوجود الكردي في سوريا عن الحدود التركية في الاراضي السورية، وهي بذلك ابقت قواتها ووجودها داخل الاراضي السورية كعازل بينها وبين سوريا.
ان الوجود الامريكي في سوريا يحاول ان يثبت قدرته في المنطقة، ويضعف الوجود الروسي والايراني فيها ، وذلك من خلال تأليب الشارع بالتظاهر ضد تلك الدولتان بحجة التدخل في الشؤون الداخلية وانهم يعانون من الجوع والحاجة، والغريب ان امريكا هي المحتلة والتي تدخل بالشؤون الداخلية، لكن هذا حكم القوي على الضعيف، وهي تحاول ربط الاحداث مع بعضها، وتجرد محور المقاومة من الترابط السوري اللبناني الجيوسياسي والجغرافي، فتجرد المحور من شعبيته في مناطق تواجده، فقد تعيد مشروع الثورة ضد النظام السوري واسقاط شعبية حزب الله بالتجويع في لبنان وتحريك عملائها ضد حزب الله سياسيا، واستمرار حصار سوريا وتجويع شعبها، لإضعاف محور المقاومة داخلياً وشعبياً وقطع طريق امداداته، فالأمر ليس حرب عسكرية كما نتصور وصورها البعض ، وانما هي حرب ناعمة بالنسبة للوضع في العراق في ظل ازمة الدولار والمياه والكهرباء وضبط الحدود، وخطر عدم قدرة الحكومة على تطبيق القانون على من يدعي انه يمثل الحكومة ويخرق قوانينها، وهو امر متعلق بالحكومة في ان تثبت قوتها وسيطرتها بدعم من المرجعية والناس وخاصة في قضية الاستيلاء على املاك الناس والدولة، وخاصة ملاحقة الخارجين عن القانون، وان تلك الازمات اذا لم تحل ستكون في صالح واشنطن وعملائها في اضعاف خصومها ، وبما ان الولايات المتحدة الامريكية تعتبر دولة صديقة للعراق حسب اتفاق الاطار الاستراتيجي الذي عقدته في زمن حكومة المالكي، في الجانب الاقتصادي والبنى التحتية والطاقة، ولكنها لم تتحرك الا بالجانب الامني فقط، وما تلك الحشود العسكرية الا دعم لتلك الحرب الناعمة التي تريد اضعاف هذا المحور والذي وفي مقدمته سوريا والعراق، وربما هي لا تشترك فيه لكنها سوف تدعم من ينفذها خدمة لمصالحها، فالأمر الذي صار واضحاً ان المقصود هو الجانب السوري، بتحريك الشارع وتغيير النظام في سوريا، وسحب ورقتها من الجانب الروسي وابعاده عن المنطقة، ولكن هل ستسمح روسيا بذلك وهل سيحدث تصادم بينهما في سوريا هذه ما تثبته الايام القادمة.
https://telegram.me/buratha