المقالات

سعادة العراقيين


محمد عبد الجبار الشبوط ||

 

السعادة هدف مشروع يسعى اليه كل انسان. وعادة ما يعتمد الانسان في تحقيق سعادته على جهده الشخصي. لكن هذا لا يعفي الحكومات التي يخضع لها هذا الانسان من واجبها الاخلاقي والدستوري في ان تساعد الانسان بصورة مباشرة او غير مباشرة على تحقيق سعادته.

لكن الشعور بالسعادة امر شخصي. فكل انسان يشعر بالسعادة وفقا لمعاييره الخاصة للسعادة. وكما يقول الفليلسوف عمانويل كانت لايمكن اجبار انسان على الشعور بالسعادة وفقا لمعايير غيره.  فكل انسانه يحدد سعادته على نحو مختلف وله ان يسعى الى تحقيقها بالشكل الذي يراه على ان لا يتعارض ذلك مع القانون، كما ارى.

لكن هذا لا يمنع من وجود معايير عامة مشتركة يتفق عليها اغلبية الناس. وهم يعرفونها فلا داعي لذكر امثلة عنها. 

مؤشر السعادة العالمي الذي يصدر منذ ١٠ سنوات يسعى الى قياس الشعور بالسعادة على مستوى عالمي بالتوجه الى سكان بلدان البلدان المذكورة بالسؤال عن مدى شعورهم بالسعادة اضافة الى وضع معايير ثابتة يقيس بموجبها مستوى الشعور بالسعادة في هذه البلدان. وهذه المعايير غير جامعة مانعة كما يقولون في المنطق، حيث ان هناك معايير لم يذكرها المؤشر، وبالتالي فان السعادة في البلد المذكور في المؤشر هي سعادة بناء على هذه المعايير وليس غيرها. وهذه المعايير هي: 

  الناتج المحلي الإجمالي للفرد GDP per capita.

  توقع  الحياة life expectancy   

3. الدعم الاجتماعي Social support  جوابا على سؤال "إذا كنت في مشكلة ، هل لديك أقارب أو أصدقاء يمكنك الاعتماد عليهم لمساعدتك في كل مرة تحتاجها أم لا؟"

4. حرية اتخاذ القرارات في الحياة Freedom to make life choices   جوابًا على سؤال: "هل أنت راضٍ أم غير راضٍ عن حريتك في اختيار ما تفعله في حياتك؟"

5. السخاء Generosity  حوابا على سؤال التبرع "هل قدمت مساهمات مالية لجمعيات خيرية في الشهر الماضي؟" 

6. تصور الفساد  Perceptions of corruption  جوابا على سؤالين: "هل الفساد متفشٍ في جميع أرجاء الحكومة أم لا؟" و"هل الفساد متفشٍ في الشركات أم لا؟"

وبناء على هذه المعايير الستة فازت فنلندة بالدرجة الاولى في مؤشر عام ٢٠٢٣ بينما احتل العراق المرتبة  ٩٨ من  ١٣٧ دولة. 

ويحسب المؤشر الدرجة من ١٠. وعليه حازت فنلندة على ١٠/٧,٨ بينما حاز العراق ١٠/٤,٩. واذا كانت درجة النجاح من ٥ فان العراق قريب منها. 

اذا اعتبرنا ان ١٠/٥ هو خط السعادة الادنى فهناك ٩٤ دولة فوق هذا الخط، يعني مجال الدول السعيدة. 

والباقي اي من الدولة ٩٥ الى نهاية الجدول اي الرقم ١٣٧ دول في مجال الدول غير السعيدة. مرة اخرى: بموجب المعايير الستة المذكورة وليس غيرها. 

ويجب ان نلاحظ ان فنلندة لم تحز على ١٠/١٠ رغم انها احتلت الدرجة الاولى، ٩ يعني ان سعادة شعبها ليست تامة ولم تبلغ درجة الكمال، ما يعني ان الحياة في فنلندا تعاني من منغصات تؤثر على شعور مواطنيها بالسعادة مثل الفراغ الروحي، والمشاكل الاسرية، والمخدرات، والاغتصاب، وغير ذلك مما نعرف او لا نعرف. 

والعراق حاز على ما يقارب الخمس درجات اللازمة للنجاح، رغم انه في المرتبة ٩٨، ما يعني ان هناك شعورا بالسعادة بمستوى معين لا يستهان به بموجب المعايير الستة. ومن منا يستطيع ان يغفل الموشر الخامس، واعني به السخاء الذي صار مضرب المثل خاصة اثناء دورة خليجي ٢٥ واثناء زيارة الاربعين؟

 الخلاصة، انه لا شك ان هناك جوانب قد تكون كثيرة تحسنت في حياة العراقيين، ولا شك ايضا في ان جوانب اخرى مازالت بائسة. 

وقد يشعر بالسعادة ذلك المواطن العراقي الذي يشارك في زيارة الاربعين اكثر من ذلك المواطن الفنلندي الذي يعاقر الخمر كل مساء بارد!

وهذا هو تفسير الدرجة التي حصل عليها العراق.

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
المقالات لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
التعليقات
----خلف ناصر عبد الله : اتمنى لكم التوفيق والسداد بحوث روعه غيتها اعلاء اعلام دين الله سبحانه:؟ ...
الموضوع :
تفسير "هذا صراطُ عليٍّ مستقيم" (الحجر: 41)
منير حجازي : العلاقات التي تربط البرزانيين بالكيان الصهيونية علاقات قديمة يطمح الاكراد من خلالها أن يساعدهم اليهود على إنشاء ...
الموضوع :
النائب مصطفى سند يُحرك شكوى ضد ممثل حكومة كردستان في المانيا دلشاد بارزاني بعد مشاركته احتفال في سفارة الكيان الصهيوني
منير حجازي : الاخت الفاضلة حياكم الله نقلتي قول (أنطوان بارا) في كتابه الحسين في الفكر المسيحي وهو يعقد مقارنة ...
الموضوع :
الحسين في قلب المسيح
ولي : بعد سنوات اليوم يقبل ابناء عنيفص منفذ المقابر الجماعية بحق الانتفاضة الشعبانية ١٩٩١ في الكلية العسكرية بينما ...
الموضوع :
محكمة جنايات بابل تحكم باعدام الارهابي رائد عنيفص العلواني قاتل 26 مواطنا ودفنهم في حديقة داره ببابل
زياد مصطفى خالد : احسنت تحليل واقعي ...
الموضوع :
مسرحية ترامب مع زيلنسكي والهدف الامريكي !!
ابو حسنين : انظرو للصوره بتمعن للبطل الدكتور المجاهد والصادق جالس امام سيد الحكمه والمعرفه السيد علي السستاني بكل تواضع ...
الموضوع :
المرجع الديني الأعلى السيد السيستاني يستقبل الطبيب محمد طاهر أبو رغيف
قتيبة عبد الرسول عبد الدايم الطائي : السلام عليكم اود ان اشكركم اولا على هذا المقال واستذكاركم لشخصيات فذة دفعت حياتها ثمنا لمبادئها التي ...
الموضوع :
كلمة وفاء لإعدادية الكاظمية!!
م خالد الطائي : السلام عليكم, شكرا لصاحب المقال, عمي مالك عبد الدايم الطائي: خريج 1970م، تخرج من كلية العلوم بغداد ...
الموضوع :
كلمة وفاء لإعدادية الكاظمية!!
ام زهراء : مأجورين باىك الله فيكم ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
علاء عبد الرزاق الانصاري : الاهم صلي على محمد وال محمد الطيبين الطاهرين ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
فيسبوك