المقالات

في ذكرى شهادة نبي الرحمة

3317 02:17:00 2006-03-28

وعلى سبيل المثال لا الحصر مرت بنا قبل أيام زيارة الاربعين للامام الحسين ع وكلنا شاهدنا كيف ان وسائل الاعلام العربية والمسلمة آلت على نفسها ان لا تنقل تلك المشاهد الحية او تسجل تقارير عنها ( بقلم : الشيخ احسان الفضلي )

عندما يحاول باحث ما ان يتحدث عن حياة احد العظماء يحاول ان يختار جانب معين امتاز به هذا الشخص عن اقرانه ليظهر التألق الذي امتازت به الشخصية. ولكن عندما يحاول الباحث ان يتناول شخصية ورد فيها: خير خلق الله. فان الامر يكون اشبه بالاستحالة في التحقق. لان مثل هذا الموجود كله تمييز مما يجعل الاحث يستشعر العجز التام في محاولة لتحديد نقطة انطلاق تعطي الانطباع الواضح حول معالم ذلك الموجود.ولعلّ من اجمل مايمكن ان يقال هو: ان المولى عز وجل لرحمانيته ورحيميته بالعباد أراد ان يجسد لهم الكمالات ضمن الاطار البشري فاضاء الممكنات بنور الوجود المحمدي، مبشراً ومذكراً ومنذراً (( فذكر إنما انت مذكر* لست عليهم بمصيطر))قال حسان بن ثابت:وأكمل منك لم تر عين --- واجمل منك لم تلد النساءخلقت مبريء من كل عيب --- كأنك خلقت كما تشاءذلك المخلوق الذي جسد الرحمة ((وما ارسلناك إلا رحمة للعالمين)) والذي اكتملت فيه عناوين القيادة التشريعية والسياسية ((لقد جاءكم رسول من انفسكم عزيز عليه ما عنتم حريص عليكم بالمؤمنين رؤف رحيم)).

وهو ذلك الامل للانسانية قال رسول الله ص: إنما شفاعتي لأهل الكبائر من امتي.وهو الذي قال فيه أمير المؤمنين علي بن ابي طالب ع حينما سأله حبر من احبار اليهود: افنبي انت؟ فقال ع: ويلك إنما انا عبد من عبيد محمد ص.هذا الكمال المتجسد في الرسول الاكرم ص كانت احدى الاساءات إلى شخصه والتي عشناها وما زلنا نعيش معالمها اليوم تمثلت في الرسوم الكاريكتيرية لرسام دنماركي مغمور نشرت عبر صحيفة دنماركية. وعلى اثر ذلك حرقت العديد من مكاتب سفارة الدنمارك في بعض البلدان العربية وتمت مقاطعة المنتجات الدنماركية ولا زالت إلا اليوم تعاني الدنمارك من أثر تلك الرسوم. والجميل في الامر هو وقوف العالم الاسلامي وقفة رجل واحد في الاستنكار والمقاطعة والتي كانت صاحبة الاثر الاكبر على الصعيد العالمي والاوربي على وجه الخصوص رغم الصورة الوحشية لحرق السفارات والتهديدات بالاختطاف والقتل .وفي خضم كل ذلك كانت هناك اصابع اتهام توجه إلى الشيعة وعلى وجه التحديد إلى العراق وبالخصوص إلى النجف الاشرف أي المرجعيات الدينية. ومما قيل انها – المرجعيات الدينية – لم تظهر تفاعل مع هذا الامر ولم تدعوا إلى المقاطعة وغيرها. وتحدث الكثير من المثقفين منتقدين من جانب او محاولين التغطية على تقصير وفق فهمهم من جانب آخر. واستمر الموضوع واخذ ابعاد عديدة رغم كل المحاولات الدنماركية والاوربية من تقديم الاعتذارات وتكرارها، بل اشير باصبع الاتهام لكل من سعى لحل هذه الازمة، وآخرها كان في مؤتمر علماء الدين المسلين والذي اقيم في البحرين. ودعى المؤتمر لاقامة منظمة دولية لنصرة الرسول الاكرم ص، وهذا أمر رائع جدا وتطور ملحوظ ولكن؟؟ هل فعلاً سوف تعمل هذه المنظمة على نصرة الرسول الاكرم ص؟لانها إذا ارادت فعلا ان تنصر الرسول الاكرم ص فعليها ان تعالج الاسباب الحقيقية التي أدت وتؤدي إلى مثل هذه الاساءه لشخص الرسول ص. فالرسام الكاريكتيري الدنماركي عندما اعتدى على شخص الرسول ص عبر تلك الرسومات والتي تظهر الرسول الاكرم يرتدي عمامه على هيئة قنبله إنما عبر عن فهمه لصورة قائد لفكر وايديولوجية من خلال ما يراه اليوم من منجزات التكفيريين في العالم. ولست هنا في مقام تقديم مبررات لسفيه نكره مثل هذا الرسام، ولكن في مقام تحليل وتدقيق لفهم الاسباب الحقيقية التي دعت لظهور مثل هذه الرسول المسيئة. وقد يقول شخص ممن يتبنون نظرية المؤامرة إنما الرسوم جاءت في إطار الحرب على الاسلام. والجواب: الحرب على الاسلام ليست جديدة ولا وليدة اليوم بل هي حرب منذ نزول الوحي على نبي الرحمة ص وعلى أقل التقادير لماذا لم تظهر الرسوم قبل عشرين او حتى عشرة سنين، لماذا اليوم؟والتحليل المنطقي يشير إلى ان الصورة التي يقدمها التكفيريون وما يصح ان نصطلح عليه الاسلام الاموي هي التي تدفع برسام مغمور سفيه ان يخلق في مخيلته مثل هذه الرسوم المسيئة، فهو لم يرى وسائل الاعلام تنقل صور عن الاسلام المحمدي الاصيل ليدرك من خلالها صورة نبي الرحمة ص .وعلى سبيل المثال لا الحصر مرت بنا قبل أيام زيارة الاربعين للامام الحسين ع وكلنا شاهدنا كيف ان وسائل الاعلام العربية والمسلمة آلت على نفسها ان لا تنقل تلك المشاهد الحية او تسجل تقارير عنها. في الوقت الذي تهتم كل الاهتمام لمظاهرة تخرج لاقل من مائة شخص في منطقة معينة. اما مظاهرة ومسيرة مارثونية لاكثر من ستة ملايين شخص يتحدون اعنف أرهاب يعصف بالعالم اليوم لا يحتاج إلى تغطية إعلامية بل في اكثر التقادير سطر يمر في اسفل الشاشة.واعود إلى المنظمة الدولية لنصرة الرسول ص واسأل؟هو سوف تخرج مظاهرات كما شهدنا من مظاهرات عندما ظهرت الرسوم المسيئة في العالم العربي تستنكر وتدين الارهاب التكفيري (الاسلام الاموي) لتقول للعالم هذا ليس دين نبي الرحمة وان الذين يربطون انفسهم بالسيارات المفخخة ليقتلوا الاطفال والنساء والشيوخ وسط سوق شعبي او عمال يسعون إلى كسب رزقهم لا يمثلون الاسلام لان نبي الرحمة ص عندما دخل مكة والتي كانت الاشد على الرسول ص عداءا وقسوة وحربا قال ص: لا تثريب عليكم اذهبوا فانتم الطلقاء. وعندما تحقق المنظمة هذا نستطيع ان نقول بحق انها منظمة لنصرة الرسول ص .وهذا يقودنا إلى سؤال مهم وهو: اذا لم يراعوا كل ذلك بل لم يشيروا ابدا بالاستنكار إلى الإسلام الاموي – وهو بالفعل ما جرى في مؤتمر علماء الدين المسلمون في البحرين- فلماذا هذا الاهتمام الكبير منهم حول الرسوم المسيئة؟ وحقيقة الأمر ان رجال الدين في عالمنا العربي واقعين تحت انياب السلطة، وهذه السلطات تدرك جيدا خصوصا بعد درس الحفرة الصدامية ان لا يلعبوا بالنار ويفسحوا المجال واسعاً امام الاسلام الاموي، ولذا عملت هذه السلطات على تقييد حركة رجالات الاسلام الاموي مع عدم ايقافها لتكون ورقة رابحة في التعاطي السياسي مع القطب الاوحد – النظام العالمي الجديد- . وعندما جاءت قصة الرسوم المسيئة والتي امتازت بـ: اولا: انها بعيدة عن القطب الاوحد، وثانيا: انها تتعلق بشخص الرسول ص والذي يمثل قمة الهرم لدى المذاهب جميعها، وثالثا: تعطي الانطباع لمفهوم نظرية المؤامرة التي يروجون لها – الحرب الصليبية- .وهذه النقاط الثلاثة جعلت رجالات الاسلام الاموي غير مقيدين من قبل السلطات فانطلقوا ليحققوا مكاسب من ورائها. ومن هذه المكاسب ان يقولوا لتلك السلطات اننا مازلنا اصحاب التأثير والقرار في الشارع ولا زالت زمام الامور بيدنا ولن نصطدم مع السلطات وغيرها الكثير. ولذا نرى ان الازهر في مصر فهم الواقع كما فهمته المرجعيات الدينية في النجف الاشرف وادركت الاستثمار السياسي الذي يتعامل به رجالات الاسلام الاموي فاكتفوا بالاستنكار والادانة.ونستطيع ان نتلمس هذا واضحاً جداً من خلال البيانات التي صدرت عن المرجعيات الدينية والتي اشارت بوضوح إلى ان الاساءة الحقيقية تتمثل في تقديم صورة الاسلام الاموي على انها الاسلام المحمدي إلى العالم.ان ورثة الاسلام المحمدي الاصيل الائمة الاطهار من آل البيت عليهم السلام بينوا لنا المعنى الحقيقي للاساءة إلى شخص الرسول الكريم ص، فعن الامام الصادق عليه السلام: مالكم تسوؤون لرسول الله ص . فقيل كيف نسوؤه؟ فقال ع: اما تعلمون ان اعمالكم تعرض عليه فإذا رأى معصية فيها ساءه ذلك، فلا تسوؤوا رسول الله صلى الله عليه وآله وسروه . الشيخ احسان الفضلي

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
المقالات لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
دينار بحريني 0
يورو 0
الجنيه المصري 0
تومان ايراني 0
دينار اردني 0
دينار كويتي 0
ليرة لبنانية 0
ريال عماني 0
ريال قطري 0
ريال سعودي 0
ليرة سورية 0
دولار امريكي 0
ريال يمني 0
التعليقات
حيدر الاعرجي : دوله رئيس الوزراء المحترم معالي سيد وزير التعليم العالي المحترم يرجى التفضل بالموافقه على شمول الطلبه السادس ...
الموضوع :
مجلس الوزراء : موقع الكتروني لإستقبال الشكاوى وتقديم التعيينات
سهام جاسم حاتم : احسنتم..... الحسين بن علي بن أبي طالب عليهما السلام.جسد اعلى القيم الانسانية. لكل الطوائف ومختلف الاقوام سواء ...
الموضوع :
الحسين في قلب المسيح
Muna : بارك الله فيكم ...احسنتم النشر ...
الموضوع :
للامام علي (ع) اربع حروب في زمن خلافته
الحاج سلمان : هذه الفلتة الذي ذكرها الحاكم الثاني بعد ما قضى نبي الرحمة (ص) أعيدت لمصطفى إبن عبد اللطيف ...
الموضوع :
رسالة الى رئيس الوزراءالسابق ( الشعبوي) مصطفى الكاظمي
فاديه البعاج : اللهم صلي على محمد وال محمد يارب بحق موسى ابن جعفر ان تسهل لاولادي دراستهم ونجاح ابني ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
محمد الخالدي : الحمد لله على سلامة جميع الركاب وطاقم الطائرة من طيارين ومضيفين ، والشكر والتقدير الى الطواقم الجوية ...
الموضوع :
وزير النقل يثني على سرعة التعاطي مع الهبوط الاضطراري لطائرة قطرية في مطار البصرة
Maher : وياريت هذا الجسر يكون طريق الزوار ايضا بأيام المناسبات الدينية لان ديسدون شارع المشاتل من البداية للنهاية ...
الموضوع :
أمانة بغداد: إنشاء أكبر مجسر ببغداد في منطقة الأعظمية
ساهر اليمني : الَّذِينَ إِن مَّكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنكَرِ وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الْأُمُورِ ...
الموضوع :
السوداني : عاشوراء صارت جزءا من مفهومنا عن مواجهة الحق للباطل
هيثم العبادي : السلام عليكم احسنتم على هذه القصيدة هل تسمح بقرائتها ...
الموضوع :
قصيدة الغوث والامان = يا صاحب الزمان
فيسبوك