وتستمر طاحونة القتل والذبح في شوارع العاصمة بغداد وغيرها امام مرى ومسمع العالم دون نصير... رغم ان المسؤولية الاولى لامن مواطني البلد المحتل تقع على عاتق القوات المحتلة حسب ميثاق جنيف والاعراف الدولية، ( بقلم : د. علي الحسيني )
العاملون في السياسة يعرفون الازمة بحدوث حالة مفاجئة او استثنائية تهدد التعامل الطبيعي اوالايجابي بين طرفين او اكثر، ويتطلب تجاوز الحالة السعي الجاد الى وضع حل مقنع وواقعي لاسبابها وتفاعلاتها. والسياسي الناجح هو الذي يتنبا بحدوث الازمة ويتخذ الخطوات والمواقف اللازمة لتجنب الوقوع فيها. واليوم، وبعد مضي اكثر من ثلاث اشهر على فوز الائتلاف العراقي الموحد باكبر الاصوات في الانتخابات العامة لايزال الشارع العراقي ينتظر ولادة الحكومة الجديدة، والساحة السياسية تتعرض لكثير من التوترات والمنعطفات اهمها تصعيد الحملات الارهابية ضد العراقيين ومقدساتهم، وتدهور مستوى الخدمات الاجتماعية والتناحر الطائفي في مناطق التماس بين السنة والشيعة، ومحاولات ربط الملف الايراني النووي وتداعياته بالساحة العراقية ظلما وعدوانا الامر الذي انعكس على تعميق معاناة اهلينا في العراق وهم لايعنيهم هذا الملف في هذه المرحلة الصعبة، وتستمر طاحونة القتل والذبح في شوارع العاصمة بغداد وغيرها امام مرى ومسمع العالم دون نصير... رغم ان المسؤولية الاولى لامن مواطني البلد المحتل تقع على عاتق القوات المحتلة حسب ميثاق جنيف والاعراف الدولية، ودون موقف حاسم من الائتلاف العراقي الموحد لمعالجة الازمة الحالية المثارة حول تسمية رئيس الوزراء الجديد مرشح الائتلاف... ان الكثير من العراقيين يتسائلون لماذا تترك القيادة السياسية للائتلاف الحبل على الغارب ولاتدخل بحزم لوضع حد لهذه الازمة المستمرة حتى ولو كانت مفتعلة، وخاصة عندما تصبح ( قميص عثمان ) تتذرع به الجهات المتنازعة على الساحة العراقية ويضحى الناخب العراقي الضحية الاولى لهذا النزاع... فالفراغ السياسي والاداري يتفاقم والمعاناة اليومية تتصاعد بسبب التاخير في تشكيل حكومة كفوءة متماسكة وقوية كما دعت الى ذلك المرجعية الدينية في تصريحاتها المتعددة عند لقائها بالمسؤولين في الدولة وغيرهم.واذا كان المنطق الذي يتحدث به المعارضون لترشيح رئيس الوزراء بعيدا عن الطائفية والعنصرية فليكونوا منصفين ويكون معيارهم في الحكم على هذا الترشيح هو مدى جدارة الشخص المرشح لنيل هذا المنصب بغض النظر عن انتمائه، ويناقش هذا الموضوع صراحة وبكل شفافية وموضوعية ويصوت عليه البرلمان، وهذا ماكنا نود حصوله في الجلسة الاولى لمجلس النواب قبل اسبوعين... ونرى في تشكيل هيئة او مجلس الامن الوطني للاشراف على اداء رئيس الحكومة محاولة لتهميش دور مجلس النواب من جهة وتمييع سلطة رئيس الوزراء من جهة ثانية، والذي يفترض ان يكون قويا وذا صلاحيات لادارة الحكومة في الظروف القادمة، يضاف الى انه اجراء غير دستوري قد يزيد الطين بلة ويسهم في استمرار الفوضى الادارية والدستورية الحالية.ويوهن العملية الديمقراطية الفتية التي يتطلع اليها شعبنا الصابر وحلفائه وفي مقدمتهم شعوب الدول التي ساهمت في خلاصه من الظلم والدكتاتورية بقيادة الولايات المتحدة وبريطانيا.واذا كان الامر يستند الى تخاصم شخصين بين رئيس الجمهورية ورئيس الوزراء المرشحين او خلاف على الصلاحيات كما اوضحها دستور الدولة العراقية الذي اختاره الشعب واقره البرلمان فعليهما الالتزام به او الانسحاب واعطاء المجال لغيرهم حفاظا على وحدة العراق ورعاية للمصالح الوطنية.ان الجماهير العراقية تعيش حالة الغليان والخيبة من التعثر الحاصل في العملية السياسية وقد قامت بدورها الوطني رغم سيوف الارهاب المسلطة عليها، فشاركت في الانتخابات واختارت ممثليها من اجل بناء عراق مستقر وامن، وحق المواطنين على الساسة المنتخبين ان يلتزموا الثوابت الوطنية وتوجيهات المرجعية ويحترموا الدستور، والاستحقاقات الانتخابية باعتبارها اساس الاستحقاق الوطني حسب ارادة المواطنين الناخبين لهم، وليرض كل بقسمه حتى ياتي حين الانتخابات القادمة بعد اربع سنوات... واذا قصر الساسة بحق الارادة العامة للشعب من خلال تخليهم عن الصالح العام والانشغال بالمصالح الخاصة والضيقة فسوف يتخلى المواطنون عن المشاركة في العملية السياسية في المستقبل، وتستمر حالة الفوضى والارتباك السياسي وتعم حالة عدم الثقة بين المواطنين والساسة وتسير الدولة الى التفكك وتنهار العملية الديمقراطية لاسمح الله.وفق الله الجميع لخدمة عراقنا الجريح، وقل اعملوا فسيرى عملكم ورسوله والمؤمنون.
د. علي الحسيني.عن التعبئة الشعبية العراقية..www.newiraqforall.com
https://telegram.me/buratha