ونظرة سريعة في اسماء بعض الساسة والقادة والوزراء والمسؤولين تؤكد ما يردده الشارع العراقي من كونهم (لزكة جونسون) فأكبر اعضاء البرلمان الجديد سنا مضى على وجوده في العمل السياسي قرابة الستين سنة ( يعني رجليه املولحه بالقبر ) لكنه لا يزال متمسك بكرسيه ( بقلم : محمد حسن الموسوي )
(اللزكة) مفردة من مفردات اللغة العراقية الدارجة وتقابل بالعربية مفردة (لزقة) واصل الكلمة من لزق لزوقا والتزق به لصق ويقال لزق الشئ الصقه اي فعله من غير احكام ولا اتفاق. اما جونسون فهو اسم علم . و(لزكة جونسون) هي لزقة تستخدم في العلاج الطبي حيث تُلصق على الظهر لمعالجة ألم الظهر وتستخدم هذه (اللزكة) على نطاق واسع في العراق وتمتاز بقوة اللصق اذ تحتاج الى جهد كبير لأزالتها من على الظهر ومن هنا راحت مثلا حيث يصف العراقيون الشخص الذي يرفض التنحي عن مكانه بـ (لزكة جونسون).
و(لزكة جونسون) ماركة عالمية شهيرة ولا اعلم بالضبط من هو جونسون؟ فهل المراد منه الشاعر والناقد الادبي الانكليزي صموئيل جونسون والمولد عام 1709 وصاحب كتاب ( حياة الشعراء الانكليز) ام المراد منه الرئيس الامريكي السابق ليندون جونسون التكساسي الاصل وفي ايامه وقعت حرب 1967 او نكسة حزيران كما تسمى.ام المراد به (جونسون آند جونسون )المؤسسة العالمية للمنتجات والخدمات الصحية والتي كرمت أخيرا الكلية الطبية الملكية في ايرلندا لافتتاح فرعها في البحرين للنهوض بالواقع الصحي العربي.؟ طبعا بناء كلية بريطانية في البحرين او مصنع امريكي في السعودية او مصفاة نفط فرنسية في دبي او فتح قاعدة عسكرية امريكية في قطر الى آخره من هذه الدولة الغربية او تلك يعتبره العرب (انتصارا) للديبلوماسية العربية لكن بناء مستوصف في قرية نائية في العراق او فتح مدرسة من قبل القوات المتعددة الجنسيات في بغداد او تعبيد طريق في الجنوب العراقي من قبل الدول الاجنبية المانحة ُيعد خيانة وتآمر على مصالح الامة العربية وتهديدا لعروبة العراق. عجيب أمر (اشقائنا ) العرب !
وفي اعتقادي ان المعني بجونسون هو الاحتمال الثالث اي اسم الشركة العالمية (جونسون اند جونسون) لانها مؤسسة طبية وقد تكون (اللزكة) واحدة من منتجاتها وهو الاقوى اذ لاعلاقة (للزكة) بالادب حتى تتخذ من الاديب الانكليزي صموئيل جونسون اسما لها فما علاقة ألم الظهر بالشعر والشعراء؟ وعندها يصبح من غير المعقول ان تحمل (لزكة) طبية اسم اديب او شاعر يعني ( اشجاب الجلاق على العمبة) كما يقول العراقيون.
واما احتمال ان يكون جونسون اسم الرئيس الامريكي السابق فهو الاخر مستبعد لانه لاعلاقة للسياسة بألم الظهر نعم لها علاقة بدوخة الرأس وهذا مما لا شك فيه , بلى لو كان الرئيس الامريكي السابق جونسون فحل ضراب او من ابطال الافلام الاباحية لكان بالامكان تصور مثل هذه العلاقة بين اسم (اللزكة) وجونسون في اشارة الى قوة ظهره عند الضراب مما يجعله ماركة عالمية تستحق التسمي به ولكن لاجود لمثل هذا الافتراض اصلا وعنده يسقط هذا الاحتمال ايضا ويبقى الاحتمال الثالث قائما حسب نظرية الاحتمالات والله العالم.
لكن الحال اليوم في العراق يشير الى غير ذلك اذ يشير الى وجود علاقة قوية بين (لزكة جونسون) والسياسة. فمثلا أغلب العراقيين صار يؤكد هذه العلاقة عندما يتحدث عن الحكومة والمسؤولين والوزراء فيها, والحكومة كما تعلمون سياسية. وبكلمة اخرى كثيرا ما تسمع العراقيين اليوم يقولون ان المسؤول الفلاني او الوزير العلاني صار مثل (لزكة جونسون) في اشارة الى انه يرفض التخلي عن كرسيه او منصبه او عن زعامة حزبه حتى ولو كانت القاعدة الحزبية_في حال وجودها_ سئمت منظره او ملَّ الشارع العراقي خطبه الطلسمية والتي لا تعدو كونها (زواع لغوي وفكري) وهذ الامر سنتطرق اليه في مقال قادم , او كَلَّ عوام الناس وبسطائهم من تصرفاته (الحنقبازية) او تصريحاته (الفاشوشية) فالناس اليوم في العراق بحاجة الى الامن لا الى الخطب الرنانة وهم بحاجة الى الكهرباء لا الى التحليلات الطنانة كما ان اكثرهم بات يكره سماع بعض المفردات اللغوية المكررة من قبيل الشفافية ورحم المحنة وشرعنة الدستور والدستور المشرعن والى آخره من (الزواع اللغوي) الذي لا يغني ولا يُسمن.
ونظرة سريعة في اسماء بعض الساسة والقادة والوزراء والمسؤولين تؤكد ما يردده الشارع العراقي من كونهم (لزكة جونسون) فأكبر اعضاء البرلمان الجديد سنا مضى على وجوده في العمل السياسي قرابة الستين سنة ( يعني رجليه املولحه بالقبر ) لكنه لا يزال متمسك بكرسيه فهل يُلام العراقيون اذا ما قالوا عنه( لزكة جونسون) واما زعيم أحدى الكتل البرلمانية والمشهور بـ (الهزاز) لان رأسه يهتز هزا عندما يبدأ بأطلاق تصريحاته الطائفية النارية فهو الاخر شارف على التسعين من العمر ولا يزال على حد تعبير المثل العراقي ( فك بالسما او فك بالكاع) والانكى من ذلك انه يطمح للحصول على منصب سيادي! فمتى يا ترى سيأتي دور الجيل السياسي الجديد؟
بعض الوزارت اضحت حكرا على مسؤول حزبي بعينه ثلاث حكومات تبدلت ووزيرنا التحفة ذو الوجه المدور والرأس الكروي والخدود المتورمة كخدي أم كلثوم والكرش المنتفخ من شرب الويسكي لايزال في منصبه لايغادر كرسيه وليست لديه الرغبة على ما يبدو في ذلك, مما حول وزارته الحساسة بسبب ترهله ولا مبالاته الى (خان اجغان) يعيث فيها الانتهازيون والوصوليون فسادا ومع ذلك فهو مطمئن الى بقاءه في كرسيه لا لكفاءته بل لانه خال لزعيم سياسي والخال كما تعرفون احد الضجيعين والعاقل يفهم. والسؤال هل ستكتحل عيون العراقيين برؤية وزير جديد غير صاحبنا (اللزكة) ام سيبت بهذا الامر بعد تشكيل لجنة تحقيق يعني ( أيس يعبيس).
وحتى لا نظلم الاخرين فليس كل المسؤولين (لزكة جونسون) بل ان منهم من ضرب المثل بايمانه بمبدأ التداولية وسلم الجمل بما حمل لخليفته الذي يبدو انه (لزكة جونسون) اصلية لايريد ان يتزحزح حتى ولو احترق العراق.
الجلبي وعلاوي والطلباني نماذج تستحق الاشادة بها لانها رفضت ان تتحول الى (لزكة جونسون). فالاول أذعن لنتيجة الانتخابات وترك مقعده البرلماني برحابة صدر ولم يطعن بشرعية صندوق الانتخاب رغم انه عراب عملية تحرير العراق فكان بذلك مثالا للسياسي الذي يقدس نتيجة الصندوق ويحترمها لانها تعبر عن ارادة الشعب ومن يحترم شعبه يحترم رأيه وخياره ولا يتحايل عليه بالالفاظ والعبارات المنمقة.
والثاني ورغم الاعتراضات الكثيرة على ايام حكمه الا انه احترم ارادة الشعب وتخلى عن الحكومة من دون ان يخلق لنفسه ولشعبه أزمة سياسية. والثالث اعلنها صراحة جهارا نهارا انه (اذا لم يصار الى انتخابي ثانية لرئاسة الجمهورية وأ ُختير غيري فسأقبل النتيجة وأعود الى كردستان) قالها من دون ان يستنجد بادوات النصب والجزم من قبيل لا ولم ولن اتنازل .
هؤلاء يستحقون كل الاحترام اتفقنا معهم ام اختلفنا لانهم أثبتوا انهم يصنعون الكرسي لا الكرسي يصنعهم وشتان بين الاثنين. فصانع الكرسي يصنعه بجهده ويجود به لغيره اما صنيعة الكرسي فلا يرغب ان يرى غيره يجلس عليه لانه لم يصدق انه جلس عليه. فالاول حر ٌ والثاني أسير الكرسي فلا تتعجب اذا ما اصبح ( لزكة جونسون).
محمد حسن الموسوي
https://telegram.me/buratha