كتب: كاظم فنجان الحمامي
صورتان تعكسان حقيقة المأساة الإنسانية التي راح ضحيتها الشاب البصراوي حسين بن خليفة بن صدام بن شبيب البيضاني, في الصورة الأولى يظهر الشاب بابتسامته الجميلة ووجه الصبوح على ضفاف شط العرب.
التقطت له الصورة مساء يوم 18/5/2013, لكنه تعرض بعد يومين من التقاطها للإصابة بحروق عميقة وتشوهات في وجهه بعبوة ناسفة انفجرت وسط البصرة في ساحة سعد صباح يوم 20/5/2013 بتنفيذ مباشر من مجموعة إرهابية اعترفت بسلسلة من عمليات التفجير في البصرة.
نُقل (حسين) إلى مستشفى الفيحاء (العسكري سابقا) وخضع للعلاج البسيط المتوفر في ردهة الحروق, وكانت نسبة حروقه 70%, فمكث في المستشفى يوم واحد تردت فيه حالته نحو الأسوأ, فنقلته أسرته على نفقتها الخاصة إلى مستشفى الأحواز لقربة من البصرة, ثم نقلوه إلى أرقى مستشفيات طهران. مكث في إيران أكثر من شهرين, خضع فيها للعلاج المكثف في ردهات محمية, على يد اختصاصيين إيرانيين وأجانب, ثم خضع لمجموعة من العمليات الجراحية لعينيه ويديه وأطرافه بمبالغ باهظة دفعتها أسرته من مدخراتها الخاصة, بلغت أكثر من (150) مليون دينار عراقي بفواتير مصدقة من السفارة العراقية في إيران.
عاد (حسين) إلى البصرة بعد اجتيازه مرحلة الخطر, لكنه فقد نعمة البصر كليا, وفقد الأمل في استعادت عنفوان شبابه. المؤسف له أن (حسين) كان يعمل في تشكيلات شركة الحفر العراقية بالبصرة, التي لا يعنيها ما تعرض له موظفها, فكل الذي قامت به إدارتها أنها حجبت المخصصات والحوافز, واختزلت راتبه الشهري إلى ما يعادل (50) دولاراً فقط, فصرفت له نصف راتبه الاسمي منذ تاريخ إصابته وحتى يومنا هذا.
ويبقى السؤال الذي نوجهه إلى شركة الحفر والى وزارة النفط , فتقول لهم: هل عجزت ميزانيتكم عن تأمين احتياجات هذا الشاب المصاب ؟, وهل من العدل والإنصاف أن تتعاملوا مع موظفيكم بهذه الأساليب المتحجرة ؟, ثم كيف سيواجه هذا الشاب تحديات الحياة الثقيلة بهذه الدارهم المعدودات ؟, وما هو دور المنظمات الإنسانية في البصرة ؟, وما هي مسؤولياتها تجاهه؟. وهل من العدل أن يكون نصيبه من العراق وهو بهذه الظروف الصحية السيئة أن يتقاضى (50) دولار فقط شهرياً, وأين استحقاقاته في الرعاية والعناية ؟, ومن الذي سيهتم به ويرعى عائلته ؟, وهل سيكون هذا مصيره لو كان يحمل الجنسية الأمريكية ويعمل في الشركات النفطية في العراق ؟. .
انظروا إلى صورته الأولى ثم قارنوها بصورته الثانية, وتخيلوا حجم الحزن العميق الذي يحتجزه خلف قضبان اليأس وهو في هذه الحالة, خصوصاً بعدما فقد بصره, وبعدما فقد الأمل في استرداد نصف عافيته.
ترى كم من الشباب والشيوخ والنساء والأطفال على شاكلة (حسين) ؟. أغلب الظن أنهم يعيشون الآن في ظروف أقسى وأصعب من ظروف (حسين).
ربنا مسنا الضر وأنت أرحم الراحمين