الدكتور فاضل حسن شريف
عن التدرج في التنزيل يقول آية الله السيد محمد باقر الحكيم قدس سره: استمر التنزيل التدريجي للقرآن الكريم طيلة ثلاث وعشرين سنة؛ وهي المدة التي قضاها النبي صلى الله عليه وآله وسلم في أمته منذ بعثته إلى وفاته، فقد بعث صلى الله عليه وآله وسلم لأربعين سنة ومكث في مكة ثلاث عشرة سنة يوحى إليه، ثم هاجر إلى المدينة وظل فيها عشر سنين والقرآن يتعاقب ويتواتر عليه حتى مات وهو في الثالثة والستين من عمره الشريف. وقد امتاز القرآن عن الكتب السماوية السابقة عليه، بإنزاله تدريجاً وكان لهذا التدرج في إنزاله أثر كبير في تحقيق أهدافه وإنجاح الدعوة وبناء ال،مة، كما أنه كان آية من آيات الإعجاز في القرآن الكريم ويتضح كل ذلك في نقاط منها نجد أن القرآن ينزل مسلياً للنبي مرة بعد مرة، مهوناً عليه الشدائد كلما وقع في محنة، ويخفف عنه أحياناً ويعلمه أن الكافرين لا يجرحون شخصه ولا يتهمونه بالكذب لذاته، وإنما يعاندون الحق بغياً كما هو شأن الجاحدين في كل عصر كما في قوله "قَدْ نَعْلَمُ إِنَّهُ لَيَحْزُنُكَ الَّذِي يَقُولُونَ فَإِنَّهُمْ لَا يُكَذِّبُونَكَ وَلَكِنَّ الظَّالِمِينَ بِآيَاتِ اللَّهِ يَجْحَدُونَ" (الأنعام 33).
عن مفهوم التأويل للسيد محمد باقر الحكيم قدس سره: وهنا لا بد أن نشير إلى أنه لا يوجد في مدرسة أهل البيت عليهم السلام حديث لا يقبل الدرس والمناقشة والتمحيص إلا النادر من الأحاديث المتواترة، ولذلك فهم يخضعون كل هذه الأحاديث وغيرها مهما كانت الكتب التي دونتها أو الرجال الذين رووها إلى الدرس والتمحيص. نعم يوجد اتجاه بين العلماء من الأخباريين من يحاول أن يضفي صفة الاعتبار والصحة على الكتب الأربعة المعروفة، وهي الكافي للشيخ الكليني، ومن لا يحضره الفقيه للشيخ الصدوق، والتهذيب والاستبصار للشيخ الطوسي، ولكن الاتجاه العام والسائد عند علماء مدرسة أهل البيت لا يقبل مثل ذلك. ومن هذا المنطلق نجد سيدنا الأستاذ الشهيد الصدر قدس سره يرفض الاخبار التي تقول بأن فهم القرآن مختص بأئمة أهل البيت عليهم السلام بعد أن يسلم دلالتها، لأنها مخالفة للقرآن الكريم والسنة النبوية القطعية، ولان رواتها ضعفاء متهمون بالغلو. ولكن العلامة الطباطبائي كما عرفنا يحاول أن يؤول هذه الأخبار بأنها بصدد بيان أن الأئمة لهم دور التعليم والدلالة إلى طريق التفسير، لا ان القرآن لا يفهمه إلا الأئمة من أهل البيت عليهم السلام ولكننا يمكن أن نحمل هذه الروايات على أنهم عليه السلام بمستوى خاص من التفسير. إن التفسير في نظر أهل البيت له مفهوم واسع يشمل فهم الظهور القرآني، كما يشمل معرفة المصاديق والامثلة والتفاصيل المرتبطة بالقرآن الكريم، سواء كانت في قصص الأنبياء أو الأمثال المضروبة أو الاحكام التفصيلية للشريعة، أو الاحداث التي اقترنت بنزول القرآن الكريم، أو التطبيقات التي يمكن أن تتحقق في مستقبل الأيام، كما أوضحنا ذلك قبل الحديث عن الملاحظات. وهذا الفهم للتفسير يعتمد على عدة منطلقات مثل تعرض القرآن وبيانه لكل شئ كما ورد في ايات مباركة منها "وَمَا مِنْ دَابَّةٍ فِي الْأَرْضِ وَلَا طَائِرٍ يَطِيرُ بِجَنَاحَيْهِ إِلَّا أُمَمٌ أَمْثَالُكُمْ مَا فَرَّطْنَا فِي الْكِتَابِ مِنْ شَيْءٍ ثُمَّ إِلَى رَبِّهِمْ يُحْشَرُونَ" (الانعام 38).
وعن مفهوم الامة في السياق القرآني للدكتور محمد جعفر العارضي بنظر المرجع السيد محمد باقر الحكيم: الأمَّة: جماعة تجتمع على أمر ما، من دين، او مكان ،او زمان. وردت لفظة «الأُمَّة» في القرآن الكريم في دلالتها الاجتماعية (56 مرة. وعلى الرغم من تعدد السياقات التي تحتوي هذه اللفظة، وكثرة تفريعاتها، ومن ثمَّ كثرة دلالاتها، الا إنَّنا نجد السيد محمد باقر الحكيم قدس سره قد أدار هذا التعدد السياقي وعالجه معالجة شاملة منتجة، فبدا ممهدا تارة، و مستنتجا تارة اخرى … فتناول مفهوم «الأُمَّة» بلحاظين هما: تناوله بلحاظ دلالته على البعد الاجتماعي المجرد، بمعنى دلالته على «مجرد الجماعة» البشرية «التي تربطها رابطة الاجتماع». وورد لفظ الامة في آيات منها "وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا إِلَى أُمَمٍ مِنْ قَبْلِكَ فَأَخَذْنَاهُمْ بِالْبَأْسَاءِ وَالضَّرَّاءِ لَعَلَّهُمْ يَتَضَرَّعُونَ" (الانعام 42)، و "كَذَلِكَ زَيَّنَّا لِكُلِّ أُمَّةٍ عَمَلَهُم" (الانعام 108) وتناوله بلحاظ دلالته على البعد المعنوي و الفكري للجماعة البشرية.
وعن القصص القرآنية للسيد محمد باقر الحكيم: أهداف بعثة الأنبياء: بيان أن الغايات والأهداف من إرسال الرسل والأنبياء هي من أجل هداية الناس وإرشادهم وحل الاختلافات والحكم بالعدل بينهم ومحاربة الفساد في الأرض، وفوق ذلك كله هو إقامة الحجة على الناس، ولذا جاء استعراض قصص الأنبياء بشكل واسع لبيان هذه الحقائق. وقد أشار القرآن الكريم إلى هذا الهدف من القصة في عدة مواضع منها "وما نرسل المرسلين إلا مبشرين ومنذرين فمن آمن وأصلح فلا خوف عليهم ولا هم يحزنون" (الأنعام 48). فإنها وردت في سياق قوله تعالى: "ولقد أرسلنا إلى أمم من قبلك فأخذناهم بالبأساء والضراء لعلهم يتضرعون" (الأنعام 42).
https://telegram.me/buratha