الدكتور فاضل حسن شريف
جاء في كتاب البيان في تفسير القرآن للسيد ابو القاسم الخوئي قدس سره: القرآن والمعارف : صرح الكتاب في كثير من آياته الكريمة بأن محمدا صلى الله عليه وآله وسلم أمي، وقد جهر النبي بهذه الدعوى بين ملا من قومه وعشيرته الذين نشأ بين أظهرهم ، وتربى في أوساطهم، فلم ينكر أحد عليه هذه الدعوى ، وفي ذلك دلالة قطعية على صدقه فيما يدعيه. ومع أميته فقد أتى في كتابه من المعارف بما أبهر عقول الفلاسفة ، وأدهش مفكري الشرق والغرب منذ ظهور الاسلام إلى هذا اليوم ، وسيبقى موضعا لدهشة المفكرين، وحيرتهم إلى اليوم الاخير، وهذا من أعظم نواحي الاعجاز. ولنتنازل للخصوم عن هذه الدعوى ، ولنفرض أن محمدا صلى الله عليه وآله وسلم لم يكن أميا، ولنتصوره قد تلقن المعارف، وأخذ الفنون والتاريخ بالتعليم، أفليس لازم هذا أنه اكتسب معارفه وفنونه من مثقفي عصره الذين نشأ بين أظهرهم؟ ونحن نرى هؤلاء الذين نشأ محمد صلى الله عليه وآله وسلم بينهم ، منهم وثنيون يعتقدون بالاوهام ، ويؤمنون بالخرافات ، وذلك ظاهر. ومنهم كتابيون يأخذون معارفهم وتأريخهم، وأحكامهم من كتب العهدين التى ينسبونها إلى الوحي ، ويعزونها إلى الانبياء. وإذ فرضنا أن محمدا صلىاللهعليهوآلهوسلم أخذ تعاليمه من أهل عصره، أفليس لازم هذا أن ينعكس على أقواله ومعارفه ظلال هذه العقائد التي اكتسبها من معلميه ومرشديه ومن هذه الكتب التي كانت مصدر ثقافته وعلومه؟ ونحن نرى مخالفة القرآن لكتب العهدين في جميع النواحي ، وتنزيهه لحقائق المعارف عن الموهومات الخرافية التي ملات كتب العهدين وغيرها من مصادر التعلم في ذلك العصر. وقد تعرض القرآن الكريم لصفات الله جل شأنه في آيات كثيرة، فوصفه بما يليق بشأنه من صفات الكمال ، ونزهه عن لوازم النقص والحدوث. وهذه نماذج منها : "وَقَالُواْ اتَّخَذَ اللّهُ وَلَدًا سُبْحَانَهُ بَل لَّهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ كُلٌّ لَّهُ قَانِتُونَ * بَدِيعُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَإِذَا قَضَى أَمْراً فَإِنَّمَا يَقُولُ لَهُ كُن فَيَكُونُ" (البقرة 116-117)، و "وَإِلَـهُكُمْ إِلَهٌ وَاحِدٌ لاَّ إِلَهَ إِلاَّ هُوَ الرَّحْمَنُ الرَّحِيمُ " (البقرة 163)، و "اللّهُ لاَ إِلَـهَ إِلاَّ هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ لاَ تَأْخُذُهُ سِنَةٌ وَلاَ نَوْمٌ لَّهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الأَرْضِ" (البقرة 255). هكذا يصف القرآن إلى العالمين، ويأتي بالمعارف التي تتمشى مع البرهان الصريح، ويسير مع العقل الصحيح، وهل يمكن لبشر أمي نشأ في محيط جاهل أن يأتي بمثل هذه المعارف العالية؟.
جاء في شبكة المعارف الاسلامية عن الشفاعة عند المسلمين للسيد الخوئي قدس سره: تدل الايات المباركة على أن الله سبحانه هو الكافل بامور عبيده، وأنه الذي بيده الامر، يدبر شؤون عبده ويوجهه إلى كماله برحمته، وهو قريب منه، يسمع نداءه ويجيب دعاءه "وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ فَلْيَسْتَجِيبُواْ لِي وَلْيُؤْمِنُواْ بِي لَعَلَّهُمْ يَرْشُدُونَ" (البقرة 186). وعلى هذا فليس لمخلوق أن يستشفع بمخلوق مثله، ويجعله واسطة بينه وبين ربه، ففي ذلك تبعيد للمسافة، بل وفيه إظهار للحاجة إلى غير الله وماذا يصنع محتاج بمحتاج مثله؟ وماذا ينتفع العاصي بشفاعة من لا ولاية له ولا سلطان؟ هذا كله إذا لم تكن الشفاعة بإذن من الله سبحانه، وأما إذا أذن الله بالشفاعة لاحد فإن الاستشفاع به يكون نحوا من الخضوع لله والتعبد له، ويستفاد من القرآن الكريم أن الله تعالى قد أذن لبعض عباده بالشفاعة، إلا أنه لم ينوه بذكرهم عدا الرسول الاكرم صلى الله عليه وآله وسلم. والروايات الواردة عن النبي الاكرم صلى الله عليه وآله وسلم وعن أوصيائه الكرام عليهم السلام في هذا الموضوع متواترة.
جاء في موقع الابدال عن التفسير عند السيد الخوئي للسيد ياسين الموسوي: الوقوف مع قوله تعالى: "إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ التَّوَّابِينَ ويُحِبُّ الْمُتَطَهِّرِينَ" (البقرة 222). قد تناول السيد الخوئي هذه الآية من جوانب متعددة في مواضع مختلفة: ما تدل عليه الآية الكريمة: ذكر السيد الخوئي ما تدل عليه الآية بقوله: (الآية المباركة دلتنا على أن الطهارة محبوبة للَّه سبحانه، ولا معنى لحبه إلّا أمره وبعثه، فيستفاد منها أن الطهارة مأمور بها شرعاً) وقد طبّق هذه الكبرى على غسل الجنابة بقوله: (لا إشكال ولا كلام في محبوبية غسل الجنابة شرعاً لقوله تعالى: "إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ التَّوَّابِينَ ويُحِبُّ الْمُتَطَهِّرِينَ" (البقرة 222)، وذكر أيضاً أنّها تدل على “استحباب البقاء على الوضوء في جميع الحالات والأزمنة كما يدل عليه قوله عزّ من قائل "إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ التَّوَّابِينَ ويُحِبُّ الْمُتَطَهِّرِينَ" (البقرة 222)). المراد من الطهارة في الآية: يقول السيد الخوئي: (المراد بالطهارة في الآية المباركة ما يعم النظافة العرفية، وذلك لما ورد فيما رواه جميل بن درّاج عن أبي عبد اللَّه عليه السلام في قول اللَّه عزَّ وجلَّ "إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ التَّوَّابِينَ ويُحِبُّ الْمُتَطَهِّرِينَ" (البقرة 222) مِن أنّ الناس كانوا يستنجون بالكرسف والأحجار ثم أُحدث الوضوء وهو خلق كريم، فأمر به رسول اللَّه وصنعه، فأنزل اللَّه في كتابه "إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ التَّوَّابِينَ ويُحِبُّ الْمُتَطَهِّرِينَ" (البقرة 222)) وفي بعض الأخبار أنّ الناس كانوا يستنجون بالأحجار، فأكل رجل من الأنصار طعاماً فلان بطنه فاستنجى بالماء، فأنزل اللَّه تبارك وتعالى فيه "إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ التَّوَّابِينَ ويُحِبُّ الْمُتَطَهِّرِينَ" (البقرة 222) ويقال إن هذا الرجل كان البراء بن معرور الأنصاري (فإن الاستنجاء بكل من الماء والأحجار وإن كان نظافة شرعية، إلّا أنّ الاستنجاء بالماء يزيد في التنظيف لأنّه يذهب العين والأثر، والأحجار لا تزيل إلّا العين فحسب. فالآية المباركة دلّت على أنّ اللَّه يحب التطهير بالماء، وحيث إنّ ورود الآية في مورد لا يوجب اختصاصها بذلك المورد، فيتعدى عنه إلى مطلق النظافات العرفية والشرعية. وعلى الجملة استفدنا من الآية المباركة أنّ النظافة بإطلاقها محبوبة للَّه وأنّها مأمور بها في الشريعة المقدّسة. ويؤيده ما ورد من أنّ النظافة من الإيمان).
https://telegram.me/buratha