المحامي عباس كاطع الموسوي ||
الحديث عن العلاقة بين أمريكا والعراق هو حديث يجب أن يرتبط بالكثير من المنحيات التي لها تاريخ طويل كانت أمريكا بوصفها دولة ذات مصالح اقل ما يقال عنها سيئة اكتنفت تاريخ أسود سطرته بالعلاقه مع العراق فليس من العقل والمنطق ان نتحدث عن واقعه حالية وهي بدء المفاوضات بين العراق وإمريكا لبحث مسار مستقبل العلاقه بين البلدين دون الرجوع للماضي والذي يخص ما فعلته أمريكا في العراق.
وأننا أذ نكون غير انفاعلين او متسرعين في الحكم علينا أن نسبر اغوار هذه العلاقه او نسبر تاريخ أمريكا في علاقتها مع بلدان العالم فلو رجعنا للوراء قليلا قبل تسلط حكم البعث على مقاليد الحكم في الثامن من شباط عام 1963 بعد الانقلاب المشووم وازاحة حكم عبد الكريم قاسم نجد ان أمريكا لعبت دورا كبيرا مع بريطانيا العظمى في حيك الموامرات تلو الموامرات للاجهاض على ثورة 14تموز لانها كانت تشكل الخاصرة التي يجب القضاء عليها بعد توجهات الثورة ووطنيتها لبناء علاقات متوازنه مع جميع الدول والانعطاف الواضح بالتعاون مع الاتحاد السوفيتي إبان فترة الحرب الباردة.
ويستحضرني هنا قول احد قادة البعث في تصريح له في بيروت بعد الإجهاض على الثورة جئنا بقطار أمريكي وهو علي صالح السعدي أمين العام لحزب البعث ونائب رئيس الوزراء في وزارة الانقلاب وهذا القول هو لأعلى مركز في قيادة البعث وبعد انقلاب 17 تموز كان ظاهرا ان توجهات قيادة البعث القيام بصفحة جديده وكان التقارب العراقي السوفيتي كبيرا خاصة بعد تاميم النفط .
ولكن الانعطافة الكبرئ كانت بعد تسلط صدام على الحكم عام 1979 وهو العام الذي كان فيه قيام الجمهورية الاسلاميه في إيران وما كانت تحتله من تهديد مباشر للمصالح والتوجهات الامريكيه والصهيونيه وبذيلهما السعوديه خاصة أنها وجدت في صدام الصيد الثمين الذي يحقق هذه الأهداف فجاءت حرب الثمان السنوات وما رافقها من تدمير للكثير من البنى التحتيه لكلا البلدين ناهيك عن الالاف الالاف من الأرواح لكلا البلدين .
حتى اذا ألقت الحرب اوزارها جاءت صفحة احتلال الكويت من قبل صدام وما ترشح لنا أن أمريكا هي التي مهدت لاحتلال صدام للكويت عبر لقاء السفيرة الامريكيه به واشارتها ضمنا ان أمريكا لا يعنيها علاقة صدام بالكويت وهذه في الواقع إعطاء الضوء الأخضر له في احتلال الكويت.
والغريب في الأمر أن هذه السفيرة قد تم أغتيالها في ظروف غامضه في واشنطن وبعد احتلال الكويت انبرت أمريكا مع 50دوله في مهاجمة الجيش العراقي المحتل وتدمير كل الأسلحة العسكريه والمنشات والمطارات والدفاعات الجوية ماعدا بعض طائرات ودبابات تابعة للحرس الجمهوري لصدام كانت كافيه للقضاء ثوار الانتفاضة الشعبانية التي اندلعت بعد انسحاب العراق من الكويت وتوقيع مذل لوزير دفاع العراق في خيمة صفوان ليبدأ حصار أمريكي غاشم وظالم دفع ثمنه الشعب العراقي في وقت تركت صدام ينعم بقصوره وحياته المترفه حتى اصطنعت امريكا وادعت ان العراق يمتلك أسلحة الدمار الشامل.
لتبدأ صفحة جديده سوداء في تاريخ العلاقه بين العراق وامريكا ويكون العراق محتلا جديد بعد صفحة حرب الخليج الثانيه ولتكون أرض العراق مباحة لمن هب ودب من جميع الأطراف ثم جاءت سنين عجاف كانت الحرب الاهليه على الأبواب لولا تدخل المرجعية الدينيه التي تدخلت بشكل فوري في ؤد الفتنة التي اضرمتها أمريكا بالتعاون مع إسرائيل وآل سعود وكان الهدف الأساسي هو تقسيم العراق وأحياء مشروع بايدن.
الا ان الغيارئ من أبناء الوطن تصدوا لهذا المشروع وهنا بدأت مرحلة جديده بين محتل يريد أن يكون العراق ساحة للصراعات الدوليه وبدأ القتل والنهب وتدمير كل ماهو فيه فائدة للعراق وبالرغم من صفحات القتل على الهوية بقي العراق رغم جراحاته حصن منيع ضد الأهداف الكبرى لامريكا والدول السائرة بفلكها حتى جاءت صفحة داعش والتي احتلت ثلث مساحة العراق وما رافقها من السيطرة على كثير من معسكرات الجيش والاته الحربيه.
وهذه الصفحة اقصد صفحة داعش أمريكية صرفة وما اعتراف وزيرة الخارجيه الامريكيه كونزاليس بأننا صنعنا داعش الا اعتراف ضمني على الوجه الحقيقي لامريكا وبعد أن تنصلت من الاتفاقيه الأمن الاستراتيجية التي وقعتها أمريكا مع العراق وبالمناسبة ان ديباجة البيان الذي صدر قبل يومين من الحوار العراقي الامريكي لتظيم أسس العلاقة بين أمريكا والعراق يعتمد على هذه الاتفاقية والتي ماهي إلا حبر على ورق.
ان تنظيم او مستقبل العلاقه بين العراق وأمريكا يجب أن يكون على قرار البرلمان العراقي والذي صدر بإرادة شعبيه وهي خروج القوات المحتله من العراق والذي يكفيه من الجراحات والتي ما فتئت تدمي جسده وان المراهنات من قبل السائرين في الفلك الامريكي هي مراهنات خاسرة ستثب الايام هزيمتها وان القوى المجاهدة والتي تعبر عن ضمير الشعب وارادته في التحرر والاخلاص من كل اردان الماضي التعيس هذه القوى التي لن تترك لأي محاور ان يلعب بقدرات الشعب ويعطي مشروعيه لبقاء المحتل.
ان الحديث عن مستقبل واعد للعلاقات الاقتصاديه والثقافيه والعسكريه للعراق مع أمريكا هو ضحك على الذقون وان استعراض التاريخ الأسود ليس للماضي البعيد بل القريب من دخول أمريكا دولة محتلة للعراق وما رافق دخولها من نهب وسرقة كل مرافق الدولة من قبل السراق وبوجود جنود الاحتلال إضافة إلى تنصيب قوى سياسية كانت بالخارج وهي أصبحت مظلة للوجود الامريكي ما عدا بعض القوى المخلصة والتي لم يكن لها تأثير في الساحة وتكريس نظام ديمقراطي هجين عبر ظروف غير ملائمة لبناء عراق مزدهر.
بل ان السفارة الامريكيه كانت ولا زالت تحرك كل ادواتها لأي بادرة سياسية او غيرها وتعمل للاجهاضها وما الفوضى العارمة والتي رافقت المظاهرات الأخيرة في مدن الوسط والجنوب الا دليل أخر على سوء نية امريكا وخبثها في خلط الأوراق في الساحة السياسية لتقويض النظام السياسي في العراق.
اخيرا ان نتطلع لحوار وطني يكون العراق المستقبل الخالي من جنود الاحتلال وهو الهدف المركزي الذي يجب أن يكون في اذهان المفاوضين العراقيين وبغيره لا أعتقد أن الأمور تذهب للاستقرار لأن كل القوى المجاهدة لا زالت يدها على الزناد وما فتوى جهادية من المرجعيه تشعل النار التي لن تخمد الا بخروج اخر محتل من العراق.
ـــــــــــــــــــ
https://telegram.me/buratha