الشيخ خير الدين الهادي ||
واحدة من أهم الشعائر الاسلامية القاء التحية والمبادرة بالسلام على من تلقاه, ولطالما ركز الاسلام عليها؛ بل جعلها من المستحبات المؤكدة التي يثاب عليها المبادر ولا يحرم من ذلك المتلقي الذي يحسن ردَّها, والسلام كما لا يخفى من أسماء الله تعالى, وهو صنو الاسلام لفظاً ومعنى, ومازال القرآن يؤكد على السلام والمبادرة إليها, ففي دلالاتها المعتبرة اشارة واضحة إلى تجريم وتحريم سائر أشكال الاذى أو الاعتداء على الغير.
وبذلك يؤكد الاسلام على أنه دين سلام وأمان, وعلى الرغم من كل ذلك تبقى التحية والسلام في الاسلام شعيرة مستحبة, ويستحب معها المصافحة والمعانقة واستلام اليد باليد؛ بل يستحب عدم سحب يدك من يدي أخيك إلا أن يبادر هو إلى ذلك وهي من السنن النبوية الشريفة المباركة.
ومع كل ما سبق من الذكر والبيان والأثر الطيب, إلا إنها حينما تقف أمام الواجب فلا قيمة لأثرها؛ بل ينبغي عدم القياس بينهما فلا يقاس الواجب بالمستحب, فلما كانت الوقاية في زمن الكورونا واجبة على كل ذي بصيرة سيما في المجتمعات المؤبوءة, كان لزاما أن يلتفت المؤمن قبل غيره إلى أحكام وتعاليم الاسلام, ومن ذلك ترك المصافحة والمعانقة وعدم مدُّ اليد باعتبارها من وسائل نقل الوباء, وقد ثقّف الاسلام بأحكامه وتشريعاته التي تناسب سعادة الانسان وسلامته في الدنيا والآخرة وتضمن حقوق الفرد والمجتمع على ذلك.
وعلى هذا فقد صدرت الفتاوى المباركة والمسؤولة من المرجعيات الاسلامية التي تنطلق من وحي الاسلام ومبانيه وعمدت إلى الكشف عن تعليماتٍ هي الاخرى تعمل على الحد من انتشار الوباء, وزادت على ذلك بفتاوى أكثر صرامة فأشارت إلى تجريم من يتقصد نقل الوباء؛ بل قد يتحمل الديَّة من يتسبب في موت أخيه عن عمد في نقل الوباء إليه وإلا فهو مذنب وسبب في هلاك العباد والبلاد.
لذلك يستلزم الانسان الواعي والمسلم المؤمن قبل غيره ان يراعي حرمة ذلك ويكون سببا في الحفاظ على عرى الاسلام ومبانيه, ويعمل على حفظ النفوس المحترمة التي أكدت الشرائع السماوية على حمايته وحرمته وكرامته.
ويمكن تدارك فضائل السلام وآثاره الطيبة والمباركة بالالتزام بحدوده وصورته المناسبة لهذا الوضع والظرف الاستثنائي, وتقييده بما يحفظ للمجتمع صِلاته وللفرد كرامته وللنفوس سلامته.
https://telegram.me/buratha
![](https://telegram.org/img/t_logo.png)