عمر ناصر * ||
قد يدفعنا التفكير احياناً لنتساءل لماذا تكون فكرة التعبئة الفكرية للشباب فقط في اوقات الطوارئ ؟ ولماذا نحتاج الى الاهتمام بهم والانصات لهم والسعي الى اظهار حسن النوايا في تحقيق متطلباتهم فقد عندما نحتاجهم وقت الازمات ؟ ولماذا تعتبر الطبقة الحاكمة هذه الشريحة هي الورقة الرابحة لهم والتي بالامكان استغلالها ولانقول استغفالها واستخدامها وقت فقدان كل اساليب الجذب الاخرى ؟
من يقول ان انجع الايدلوجيات لا يتخللها السلبيات والهفوات فهو حتماً قادم من خارج الكوكب او انه لم يتنفس هواء المعمورة لان الاخطاء لا تعد ولاتحصى داخل كل اشكال الانظمة السياسية في العالم وان كان ذلك بمقدار بسيط من الفساد المقنن وغير المرئي ، حتى ولو افترضنا بأن نظام الدولة هو من ارقى الانظمة الديموقراطية ذو مؤشر شفافية عالي ، فلو توقفنا قليلاً وتبادر لاذهاننا مجرد التفكير في كيفية ايجاد طريقة ما لغًرض الاستحواذ الروحي والهيمنة الفكرية على بعض العقول ومحاولة ابعادهم عن ضوء الثقافة يعد ذلك بحد ذاته خرق لابجديات تقديس النفس البشرية ومعوّل يهدم مبادئ الانسانية.
بالعادة يكون تغّير الاجيال بتغير العصور والاحداث ولا يمكن استعمال جميع المبادئ والادوات الفكريه التي كانت سائده في حقبات ماضية ومحاولة فرضها على اجيال اليوم ، فقد يكون الاناء يفي لغرض الانتهاء من مهمة نقل المواد المراد احتوائها لغرض الاستفادة منها وليس لجمالية وكمال مظهرها الخارجي، لذلك فأن اختلاف العقليات يكون باختلاف التفاوت المسموح به بين الافراد واختلاف الطرق المستخدمة في كل عصر .
ان من عناصر واسرار تقدم ونجاح الدول هو صهر الشباب داخل بوتقة العمل التنموي والخروج من مفهوم الدولة الحارسة او مايسمى بالدولة المعيلة لافرادها فاليوم بدأ العالم يخرج من اطار النمطية المتبعة للاسلوب الكلاسيكي في ادارة الدولة والمؤسسات الحكوميه واخص بالذكر الدول التي لاتعتمد على البترول والثروات الباطنية في بناء مجتمعاتها.
بمعنى اوضح توقفت هذه الدول من ان تكون هي الراعي الرسمي واللاعب الوحيد الذي يحقق اهداف وتطلعات مواطنيه في ظل اتكالية وعدم وجود رؤيه مستقبلية او نظريات واقعية من الطرف الاخر تساعده للحصول على مكتسبات مادية وبجهود جماعية ، بمعنى لم تعد الحكومات هي التي تفكر وتخطط وتنفذ المشاريع لاجل توفير فرص العمل لمواطنيها يكون ذلك من خلال اشتراطها ضرورة وجود نشاط عملي تشارك بها هذه الشريحة ، بل على العكس من ذلك بدأت بتحفيز وادخال الشباب واندماجهم بعملية انصهار جماعي لخلق العمل المؤسساتي ليكونوا طاقات خلاقه مهيئ لها جميع ادوات النجاح بدعم واسناد واضحين من قبل صناع القرار.
ان وصول منحنى خيبة الامل لدى طبقة الشباب لمستويات قياسية انتجت لنا طبقة هلامية عازلة بينهم وبين السياسيين بل زادت من عدم ثقتهم بجميع الحلول المطروحة على الارض وذلك يعد مؤشر خطير لسير الاحداث المستقبلية من خلال تصاعد درجة غليان الاحباط التي يكتنف تفاصيل طموحاتهم ، فاغلب الشباب اليوم يكافحوا للوصول الى الهدف المنشود لبناء مستقبل واعد مليئ بالتطلعات المشروعة كحال اقرانهم في دول الجوار والتي هي حق مشروع واسمى غايه واعلى هدف يتطلع اليه الكثير منا ولكن خطأهم الوحيد انهم خلقوا في زمان ليس زمانهم في وطن لم يستطيع السياسيون الحفاظ عليه ...
*كاتب وباحث في الشأن السياسي
https://telegram.me/buratha