مازن الشيخ ||
قبل ثلاث سنين من الآن كان الهم الأكبر والمطل ب الأوحد للشارع العراقي المهووس بشرب البيبسي ولفات الفلافل، هو" نريد وطن"..وهو مطلب عائم ليس له أول ولا آخر..
هذ المطلب البراق لم نلتفت الى الفئة التي رفعته، لكننا نعرف من وضعه في رؤوس من "صاح"به، ونعرف أيضا أن جهات عدة تلقفته ووضفته لصالحها، وكان الإندهاش عنوان سحنلت وجوهنا؛ عندما شاهدنا كيف جرى إستثماره من قبل كثيرين، بينهم جهات وجدت او اعتقدت أن إنتصار الحشد على داعش أكل من جرفها!
لا نتمنى أن نظل دون جواب، بل نرجوا أن تجيب نخبتنا السياسية على أسئلتنا المعلقة والحائرة منذ رمتنا الديمقراطية ببلواها وأرغمتنا على التعامل مع واقع متشابه السطح والقاع ؛ واقع الانتهازية ورعاية المصالح الشخصية، فالقليل من هذه النخبة العائمة من يبيتون التفكير لصالح الوطن أو العمل على تأمين مستقبله وحمايته من المنزلقات التي تعم العالم من حولنا.
ما نرجوه ونتمناه هو نخبة وطنية بعيدة كليا من الانتهازية واللونية والشرائحية، ومعزولة تماما عن الاتجاهات الفكرية والتخندق الإيديولوجي؛ لكن واقع الحال رمى لنا بنخبة بائسة ومستعصية على الفهم والتدبر، ربما تشبه رواية "مارسيل بروست؛ البحث عن الزمن المفقود "، التي تروي حكاية رجل يبحث عن معنى وسبب حياته ؛ في سؤال مفتوح استغرق سبعة مجلدات وظل جوابه معلقا ..!
غير أننا ولأننا على نياتنا كما نحن دوما، تخيلنا أن بريق "نريد وطن" يمكن أن يعزز ديمقراطيتنا ويرسخ وحدتنا الوطنية، لكن بعضنا وهم النابهون منا بدأت "الجن والعفاريت" تركب عقولهم..
مع "نريد وطن" خشي القوم "نخبنا السياسية" على ما في أياديهم؛ وهو كثير، كثير جدا، ووجت جحافل الإنتهازيين أن "نريد وطن" فرصة وليس نقمة..
الانتهازية السياسية منهج نتائجه وخيمة، وتحرق صاحبها قبل أن تلحق الضرر بالآخرين، تماما مثل ما تفعل الكحول وحبوب الهلوسة بعقول متعاطيها..
وإذا لم تكن هناك مدونة أخلاقية تعلي قيم الوطنية وتقصي الأفعال الانتهازية فإن ديمقراطيتنا التي أوصلتنا الى "نريد وطن"..ستصبح "حصان طروادة" المطلي بالشعارات الزائفة، وستكون مطية لتحقيق المصالح الشخصية والأطماع الأنانية..
في الواقع نأمل أن يغادر انتهازيو السياسة هذا المنطق ويعملوا على تخليق الحياة السياسية ونزع فتيل التوتر والشحن العاطفي المبني على استدعاء الماضي والإرث الاجتماعي.
إن بؤر الدخان المتصاعد من أفواه من ظنناهم تخلوا عن تعمد إشعال حريق الفتنة واختلاق التأزيم تدفعنا للاعتقاد أن الأفعال الانتهازية مازالت تسيطر على تصرفاتهم ، وهو أمر مقلق ومؤشر سلبي ينم عن عدم الاكتراث بالمصالح الوطنية الكبرى، ومؤشر كذلك على أن بعضهم مصر، على جعل الأستحقاقات الوطنية فرصة لملئ حقيبته الخاصة.
الواقع أن السياسي ألإنتهازي، وهو الأنموذج السائد في السياسة العراقية، هو شخص تائه لا يعي ماذا يفعل بالضبط، وبات يتخذ من الصراخ طوق نجاة لإنقاذ نفسه من واقعه المزري..
قرأت لجبران خليل جبران : "إن النجوم لا تومض إلا في ظلام الليل".
https://telegram.me/buratha