د محمد البطاط ||
لم يكن رحيل النبي (ص) بالأمر اليسير على السيدة الزهراء (ع)، سواء بصفته الدينية /النبوية أم بصفته النَسبية (علاقة الأب بابنته)، لذلك كان من الطبيعي أن تتألم بفجيعة الفَقد الجسيم، وتتلظى بأحزان الفراق لسيد الخلق، بيد أن ما حدث في سقيفة بني ساعدة من صفقات سياسية، وتسويات تمخض عنها سلب الخلافة السياسية من الإمام علي (ع)، وعمليات البيعة القسرية، والاكراهات المتكررة ضد الرافضين لبيعة الخليفة الأول، وما جرى من ظلم للسيدة الزهراء (ع) نفسها في سلب الإرث، وأحداث الدار، والهجوم عليه، هذه وغيرها زادت من وتيرة المصيبة الى مصائب كانت تُصب على سيدة النساء تترى لتحول بياض الأيام إلى ليالي.
لقد قامت السيدة الزهراء (ع) بعد رحيل النبي (ص) بدور محوري في المطالبة بالحق الشرعي للامام علي (ع) في الخلافة، الأمر الذي استلزم تعرية التسويات والصفقات السياسية التي عقدت سابقاً، وما كان إمتعاض القوم من بكائها (ع) لصوتها الذي يمنعهم من النوم كما روج البعض، وانما كان البكاء يعني إبقاء الملف، أعني ملف رحيل النبي (ص)، وما جرى بُعيد ذلك من ظلم لعلي (ع) والسيد الزهراء (ع)، مفتوحاً، وهذا أمر حرج عندهم أرادوا اغلاقه بكل السبل ومختلف الوسائل.
لذلك من البيّن لكل من يراجع التأريخ أن الآخرين كانوا في عُجالة ملفتة لإغلاق هذا الملف، واستخدام مختلف الطرق للقضاء على الرافضين لبيعة الخليفة الأول، ولك ما حدث لمالك بن نويرة ومن معه على يد خالد بن الوليد دليل واضح.
كان بكاؤها (ع) عند قبره يثير حفيظة البعض، حتى أن أحدهم أعلن أن النبي (ص) قال ان الله يعذب الميت اذا بكى أهله عليه، وأن النبي نهى أن يتخذ قبره عيداً (أي تجمع للزائرين)! والسبب الحقيقي، كما ينقل العاملي في كتابه الانتصار، (ان هذه الاجراءات المشددة المسندة بأحاديث موضوعة، أنهم خافوا من تأثير مجالس الزهراء عند قبر أبيها على الرأي العام)
كان رحيل النبي (ص)، إيذاناً ببداية مشروع ممنهج لظلم أهل بيته بشكل متوالي، ولم تنجح كل وصاياه (ص) بمحورية العترة، وإلزامية عدم ايذاء فاطمة (ع) أو اغضابها، في ثني الارادات السياسية المنطلقة بقوة البحث عن الغنيمة وبقاياها ضمن نسق غنائمي امتياز!
https://telegram.me/buratha