المقالات

المعطيات السياسية والاجتماعية في ذكرى رحيل شهيد المحراب

1149 03:54:00 2008-07-13

بقلم: كريم النوري

في الذكرى السنوية الخامسة لرحيل شهيد المحراب آية الله العظمى السيد محمد باقر الحكيم(قدس) تبرز حقائق جديدة تكشف عن العمق السياسي والقيادي الكبير لهذا الشهيد العظيم كما تتأكد قناعات في الواقع العراقي تعزز المسار الصائب الذي ارتكزه شهيد المحراب في مسيرته السياسية. يمكن الاشارة الى بعض هذه الحقائق والقناعات البارزة في تداعيات ذكرى الرحيل الكبرى: 1- شهيد المحراب ترك اثراً كبيراً في وجدان الامة وضميرها وذاكرتها عبر مواقفه السابقة في دعم مسيرة العراق التغييرية وتفانيه وتضحيته من اجل العراق وشعبه والتفاته المبكرة على اهمية الخصوصية العراقية وتقديمها على جميع الخصوصيات والاعتبارات في وقت كان الكثيريتغنى بالعالمية والاممية واهمية التفكير الجدي بانقذا شعوب العالم والمنطقة وجعل العراق في هامش اولوياتهم واهتماماتهم. 2- المشروع السياسي لشهيد المحراب كان يتسم بالواقعية والمصداقية بعيداً عن الطوبائية والخيالية والشعاراتية وكان يجعل مصلحة الشعب العراقي فوق كل المصالح والاحزاب، وكل المشاريع السياسية والمواقف كان الشعب العراقي اولها ووسطها واخرها ولو تعارضت مصالح الشعب العراقي مع المصلحة الحزبية لتقدمت مصالح الشعب العراقي لانها الاولى والاجدى. 3- كان شهيد المحراب يوجه مسار الجماهير باتجاه التمسك بخط ومنهج المرجعية الدينية بعنوانها العام وليس بعنوانها الخاص والشخصي ولن يجعل لشخصه اية مساحة لهذا التمسك بل يعزز اندكاك الجماهير بمرجعياتها الدينية باعتبارها صمام امان من الانحراف والزيع والضياع. 4- كان شهيد المحراب يضحي بكل شىء وبراحته ومجده المرجعي من أجل انقاذ أبناء شعبه وكان ينتقي اصعب الخيارات من اجل تحقيق اهدافه وقرار عودته الى العراق برغم نصائح مقربيه ومحبيه بالتريث بالعودة حتى تستتب الاوضاع الامنية والسياسية لكنه ابى الا ان يواصل مشواره ومساره الذي سلكه منذ انطلاقته السياسية والجهادية. 5- المنهج الذي سلكه شهيد المحراب في مسيرته السياسية والفكرية والجهادية كان منهجاً واضحاً وصريحاً يعتمد الموقف الشرعي والرؤية المتبصرة المنتزعة من الفكر الاسلامي الاصيل والشريعة وهو الفقيه والمجتهد والمطلع والملم بالاوضاع السياسية المعاصرة. 6- ان الحضور الشعبي المتزايد في كل عام لاحياء ذكرى رحيل شهيد المحراب سواء في النجف الاشرف او في العاصمة بغداد الحبيبة يعكس تفاعل وتواصل الجماهير مع المنهج الذي سلكه شهيد المحراب وتأكيد الاثر السياسي الذي ركزه شهيد المحراب في الوجدان الشعبي. 7- وهذا الحضور الكبير في ظروف صعبة كظروف العراق ومن اغلب المحافظات لا يعزز الا قناعة واحدة وهي العفوية الجماهيرية والاخلاص لشهيد المحراب وهو ما يغلق الباب امام كل اراجيف وافتراءات واشاعات يثيرها المغرضون ويحاولون التقليل من شان هذا الحضور والتحدي والعزيمة، فلا يستطيع أي حزب او قوى سياسية مهما انفقت من اموال من تحشيد هذه الملايين اذا لم تكن رغبة وقناعة اكيدة لدى الجماهير من الحضور واحياء هذه الذكرى الاليمة. 8- هذا الحضور الكبير بكل عفويته وعنفوانه لا يمكن ان يتأثر بالاوضاع العامة المتعلقة بشؤون الناس كالامن والخدمات لان اعتقاد الناس بالمنهج الذي سار عليه شهيد المحراب لا يخضع لمعطيات الربح والخسارة او المكاسب الشخصية حتى يمكن القول بانه يتأثر سلباً أو ايجاباً بالوضع السياسي والامني والخدمي للبلاد، فان الناس قد سجلت مواقفها طاعة لقياداتها الشرعية والعلمائية تحت ازيز الرصاص واعواد المشانق وليس هناك مصلحة دنيوية ترتجى او مكاسب مادية تبتغى من وراء هذه الطاعة الشرعية للقيادة الاسلامية سواء قبل سقوط النظام او بعده. 9- ليس هناك ادنى ترابط بين طاعة العلماء واتباع القيادة الاسلامية الشرعية وبين ضعف الواقع الخدمي والامني وذلك لامر بسيط هو ان القيادة الشرعية ليست قوة تنفيذية او برلمانية حتى تتحمل هذه الاخفاقات في اداء الحكومة كما أن توصيات هذه القيادة بضرورة تحسين الوضع الامني والاقتصادي لابناء الشعب العراقي هي توصيات متكررة سواء عن الطريق المباشر او عن طريق المعتمدين والوكلاء او ائمة الجمع، وهذا ما يكشف عن الحضور الكبير في كل المناسبات وفي كل الظروف. 10- اثبتت هذا المناسبة وهذا الحضور الكبير بان الشعب العراقي قد يصبر على الاذى الشخصي الذي لحق به من تردي الوضع الخدمي والامني وقد يتحمل كل الويلات والمأساة الناجمة عن اهماله او تجاهله، لكنه لم ولن يتحمل الاساءة الى مقدساته ورموزه وقد ينفجر غضباً عندما تمس مبادئه وقيمه وما حصل من تداعيات بعد التفجير الاثم الذي طال مرقد الامامين العسكريين في سامراء والاغتيال الذي طال شهيد المحراب النموذج الابرز على ما نريد تأكيده ومن حرص واخلاص الجماهير لمقدساتها. 11- وما يمكن الاشارة العابرة اليه في هذا السياق هو ان تداعيات تفجير المرقد المقدس في سامراء انعكست بشكل خطير على مشاعر ابناء شعبنا وكذلك الغضب الجماهيري الذي تفجر اثناء اغتيال شهيد المحراب كاد ان يحرق البلاد والعباد بحرب لا يعلم مداها الا الله ولولا حكمة المرجعيات الدينية وحرص سماحة السيد عبد العزيز الحكيم على تجنيب البلاد من تداعيات ومضاعفات هذه الاحداث وتوجيه مسارات الغضب الشعبي المقدس باتجاه الوحدة والانسجام والوئام بعيداً عن التعميم والعقوبة الجماعية والثارات الخاطئة. 12- هذا الحضور الميداني للجماهير بعث باكثر من رسالة لكل الاطراف التي تعول على اضعاف العلاقة الوطيدة بين الجماهير وقياداتها الشرعية وان رحيل مرجع وقائد بمستوى شهيد المحراب لن يضعف من حلقات هذا الترابط او التواصل بل يعمق الولاء والبيعة من الخط الذي انتهجه شهيد المحراب. معطيات الحضور الاحيائي في بغدادقد يكون الحضور الجماهيري في النجف الاشرف مسألة طبيعية لاعتبارات المكان المقدس والزيارات الجماهيرية المتكررة وتجمع الناس في مواسم الزيارات والايام العادية. وقد شهدت هذه المدينة المقدسة مناسبات ومهرجانات مماثلة وحاشدة. واما الحضور المماثل لاحياء الذكرى السنوية الخامسة لرحيل شهيد المحراب فقد تكون ظاهرة مختلفة وتحمل انطباعات ومؤشرات كبيرة لكون العاصمة بغداد هي محط انظار واهتمام العالم والاعلام ومحطة الارهاب ومحاولات الاعداء لافشال المشروع الديمقراطي في العراق. والتجمع الجماهيري في بغداد لاحياء الذكرى العظيمة لشهيد المحراب يعني حدثاً كبيراً لم تألفه العاصمة من قبل وهي المعروفة بتعدديتها الدينية والمذهبية وهي مركز القرار السياسي وموضع الحكم والوزراء واي حدث تظاهري سيكون له صدى وتأثير واضحين في العراق والمنطقة. وفي مكتب سماحة السيد الحكيم يكون لهذا التجمع معاني ودلالات معبرة ومؤثرة وفيها معطيات سياسية كبيرة تشبه الى حد بعيد تلك التجمعات الحسينية في نفس هذا المكتب الشريف. وان ما يدعو الى الفخر والاعتزاز بالمتغيرات الجديدة في العراق هو التحول الكبير في العاصمة بغداد على مستوى الشعائر الدينية والحضور الاسلامي والسياسي بعدما عاشت بغداد وبقية المحافظات حظراً ومنعاً لكل مظهر شعائري ذات منحى اسلامي ومذهبي. فقد حوربت الشعائر الاسلامية وشعائر الامام الحسين تحديداً في العراق وغابت عنها كل المسيرات الحسينية والتجمعات الدينية والاسلامية. والحركة الشعائرية التي شهدتها العاصمة بغداد وفي مكتب سماحة السيد الحكيم تحديداً هي ظاهرة متقدمة عسكتها الفضائيات ووسائل الاعلام وخلقت نهضة حسينية رائدة اختزلت الزمن واستعادت روح الثورة الحسينية من جديد. والاحتفال الكبير في العاصمة بغداد احياءاً لهذه الذكرى الاليمة لرحيل شهيد المحراب في هذا العام وبحضور سماحة السيد عمار الحكيم لتجديد البيعة والولاء للمرجعية الدينية العليا والثبات على نهج شهيد المحراب ( رض ). واكدت تلك الجموع التي جاءت من جميع المحافظات وانحاء العاصمة بغداد على ثباتها على الخط الجهادي والنضالي الذي رسمه شهيد المحراب،معربة عن تمسكها بقيادتها السياسية السائرة على نهج المرجعية العليا. أشار سماحة السيد عمار الحكيم في الحشود الحاضرة في هذه الذكرى الى منهج شهيد المحراب ورؤيته السياسية وأكد على قضايا راهنة في الواقع العراقي السياسي الجديد ويمكن اجمال اهم القضايا التي اكدها سماحته: أ- ان متبنيات شهيد المحراب هو نهج الحرية والعدالة والاستقلال، وهو نهج الكرامة والعزة . ب- ان شهيد المحراب كان يمثل رمزا للانفتاح والمشاركة الوطنية الحقيقية فلقد كان سماحته سياسيا بارعا وقائدا عسكريا وعالما ربانيا نستلهم منه العبر والدروس في تحقيق الوحدة الوطنية وبناء العراق الجديد. ج- الترحيب بالانفتاح الدولي والاقليمي على العراق، والاشادة بمبادرة دولة الامارات العربية في الغائها لديونها وتسمية سفيرها في العراق. د- التأكيد على ضرورة معالجة التصدع الكبيرة في البنية التحتية للعراق على كافة الصعد والمجالات. هـ - دعوة الحكومة الى التركيز على عمليات البناء والاعمار بعد التحسن الامني. والتأكيد على ضرورة تحرير المؤسسات الحكومية من القوانين الموروثة من النظام الصدامي. ز- دعوة الحكومة بالاسراع باعمار المرقدين المقدسين في سامراء وابداء الشجاعة في التصدي للارهاب وفلوله من الصداميين القتلة. و- الاشادة باهمية المشاركة في انتخاب مجالس المحافظات والتحذير من التفريط بهذا الحق باعتباره سمة من سمات النظام الديموقراطي والتأكيد على ضرورة اختيار الصالحين والكفوئين وذوي القدرة على النهوض بالمسؤولية واداء الواجب ازاء المواطنين. ط- الحث على عدم التأثر بالدعايات المضادة التي يراد منها تشويه صورة من يختارونهم من الصلحاء. ان هذه الذكرى الحالدة لرحيل شهيد المحراب مازالت تعزز الشعور الاسلامي والوطني والخيار السياسي المعتدل الذي لا يمكن ان تؤثر على عمقه اشاعات الاعداء واراجيف المغرضين وهذه المناسبة الاليمة كانت محطة سنوية لتجديد العهد والولاء للقيادة الشرعية والمرجعية الدينية. ومسيرة الدم التي ختم بها حياته شهيد المحراب اثبتت بثمرة وعطاء الدم والمواقف كما أفشلت هذه المسيرة رهانات الاعداء الذين خططوا لاغتيال شهيد المحراب وتغييبه عن الواقع العراقي.

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
المقالات لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
دينار بحريني 0
يورو 0
الجنيه المصري 0
تومان ايراني 0
دينار اردني 0
دينار كويتي 0
ليرة لبنانية 0
ريال عماني 0
ريال قطري 0
ريال سعودي 0
ليرة سورية 0
دولار امريكي 0
ريال يمني 0
التعليقات
حيدر الاعرجي : دوله رئيس الوزراء المحترم معالي سيد وزير التعليم العالي المحترم يرجى التفضل بالموافقه على شمول الطلبه السادس ...
الموضوع :
مجلس الوزراء : موقع الكتروني لإستقبال الشكاوى وتقديم التعيينات
سهام جاسم حاتم : احسنتم..... الحسين بن علي بن أبي طالب عليهما السلام.جسد اعلى القيم الانسانية. لكل الطوائف ومختلف الاقوام سواء ...
الموضوع :
الحسين في قلب المسيح
Muna : بارك الله فيكم ...احسنتم النشر ...
الموضوع :
للامام علي (ع) اربع حروب في زمن خلافته
الحاج سلمان : هذه الفلتة الذي ذكرها الحاكم الثاني بعد ما قضى نبي الرحمة (ص) أعيدت لمصطفى إبن عبد اللطيف ...
الموضوع :
رسالة الى رئيس الوزراءالسابق ( الشعبوي) مصطفى الكاظمي
فاديه البعاج : اللهم صلي على محمد وال محمد يارب بحق موسى ابن جعفر ان تسهل لاولادي دراستهم ونجاح ابني ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
محمد الخالدي : الحمد لله على سلامة جميع الركاب وطاقم الطائرة من طيارين ومضيفين ، والشكر والتقدير الى الطواقم الجوية ...
الموضوع :
وزير النقل يثني على سرعة التعاطي مع الهبوط الاضطراري لطائرة قطرية في مطار البصرة
Maher : وياريت هذا الجسر يكون طريق الزوار ايضا بأيام المناسبات الدينية لان ديسدون شارع المشاتل من البداية للنهاية ...
الموضوع :
أمانة بغداد: إنشاء أكبر مجسر ببغداد في منطقة الأعظمية
ساهر اليمني : الَّذِينَ إِن مَّكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنكَرِ وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الْأُمُورِ ...
الموضوع :
السوداني : عاشوراء صارت جزءا من مفهومنا عن مواجهة الحق للباطل
هيثم العبادي : السلام عليكم احسنتم على هذه القصيدة هل تسمح بقرائتها ...
الموضوع :
قصيدة الغوث والامان = يا صاحب الزمان
فيسبوك