المقالات

عندما تتدخل الحكومة المركزية بكل تفاصيل عمل الحكومات المحلية

1093 18:19:00 2008-07-30

محمد التميمي

ماذا يحصل حينما تتدخل الحكومة المركزية في بغداد بأدق التفاصيل والجزئيات المتعلقة بعمل الحكومات المحلية في المحافظات، اداريا وسياسيا وامنيا واقتصاديا؟.مثل ذلك التوجه لاشك انه يعيدنا الى واقع الامس، حيث كانت السلطة الحاكمة في بغداد لاتسمح بفعل أي شيء في اقصى نقطة من نقاط البلاد دون علمها ودون موافقتها.في العهد السابق كان المحافظ والقائمقام ومدير الناحية، ومدير الشرطة، ومدير الامن، وغيرهم من اصحاب المناصب المهمة والحساسة لايمكن ان يصبحوا في مواقعهم الا بعلم السلطة في بغداد وموافقتها ومباركتها، وهؤلاء وغيرهم لم يكونوا يتكلمون الا بأسم الدولة والقائد الضرورة والحزب المقدام، ولايعنيهم كثيرا ان رضي الناس عنهم ام لم يرضوا، فهذا شيء غير مهم، بل المهم هو ان ترضى السلطة الحاكمة عنهم وتغدق عليهم الامتيازات ويتسببون بغضبها وسخطها.والكثير من العراقيين ناضلوا لسنين طوال وضحوا بارواحهم واموالهم ومستقبلهم من اجل حياة افضل لهذا البلد، بعد التخلص من السلطة الغاشمة الظالمة التي جثمت على الصدور طويلا.ولابد ان يكون الاسى والاحباط والاستياء كبيرا جدا لدى الناس عندما يجدون ان السلطة الحاكمة الظالمة ولت الى غير رجعة، لكن اساليبها ومناهجها وسلوكياتها وادواتها مازالت تفعل فعلها من اعلى قمة الهرم، الى ادنى نقطة في قاعدته.يتحدثون من هم في السلطة الان عن ايجابيات النظام اللامركزي، او الفيدرالي، ويسوقون امثلة كثيرة لذلك النظام ، مثل اميركا وسويسرا وبلجيكا والمانيا والامارات العربية المتحدة ودولا اخرى كثيرة، لكن عندما نأتي الى التطبيق العملي لانجد ولانلمس استعدادا حقيقيا لنقل التجارب الاخرى وترجمتها على ارض الواقع العراقي الراهن.والامثلة والشواهد على ذلك الامر كثيرة ومؤلمة ويمكن ان نورد بعضا منها.فقبل عدة اسابيع تلقت جامعة الكوفة في مدينة النجف الاشرف كتابا رسميا من وزارة الداخلية يوعز بفتح مكتب معلومات امني تابع للوزارة في الجامعة، وبعد رفض ادارة الجامعة الموافقة على ذلك بأعتبار انه لاينسجم مع طبيعة الدور الذي تؤديه الجامعة كمؤسسة علمية، تلقت توبيخا وتهديدا من الوزارة لانها هي الوحيدة من بين الجامعات العراقية الاخرى لم تتجاوب مع ذلك التعميم.امر عجيب وغريب فعلا، حينما تريد وزارة الداخلية ان تفتح مكاتب معلومات امنية لها في الجامعات ومؤسسات الدولة الاخرى، لجمع المعلومات عن الطلبة والاساتذة والموظفين، بطريقة قد لاتختلف عن اساليب الدوائر الامنية للنظام السابق الذي كان يزرع عملائه ويبث عيونه في كل زاوية وفي كل ركن وفي كل شبر من البلاد.اذا اصبح لوزارة الداخلية مكاتب في مختلف المؤسسات والدوائر ، وبكل انحاء العراق، ونفس الشيء يكون لوزارة الامن الوطني، وبطريقة اخرى لاتسمح وزارة الصحة، او الحكومة المركزية ببناء مستوصف صحي صغير في منطقة نائية في محافظة ما الا بعد الحصول على موافقات اصولية من السلطة في بغداد، ولايسمح كذلك ببناء مدرسة الا بعض الحصول على اذن من وزارة التربية، التي ربما تحتاج الى موافقة مجلس الوزراء، ولايسمح للمحافظ ان يسافر خارج البلاد لاي سبب الا بعد الحصول على اجازة واذن من رئيس الحكومة!، وهذه تعليمات صدرت قبل فترة غير بعيدة من قبل الامانة العامة لمجلس الوزراء، ماذا يتبقى اذن من دور للحكومات المحلية في المحافظات؟.واقامة المشاريع الاستثمارية في اية محافظة لابد ان يحظى بموافقات رسمية من قبل الحكومة المركزية عبر هيئة معنية بذلك الامر.وبديهي ان الحصول على الموافقات الرسمية لاجل بناء مستوصف، وتشييد مدرسة، وانشاء جسر، وتبليط شارع، في ظل سياقات روتينية يتطلب وقتا طويلا، وهذا ما يؤخر ويعرقل مشاريع الاعمار والبناء، ويحجم دور الحكومات المحلية ومجالس المحافظات، ناهيك عن كونه يتنافى مع الدستور بشكل كامل.واي دور يبقى للمحافظ ورئيس مجلس المحافظة واعضاء المجلس اذا كان تعيين قائد الشرطة لايتم الا بعد موافقة الحكومة المركزية، وكذلك بالنسبة لكبار مسؤولي الدوائر والمؤسسات؟. وهل ان الحكومة المركزية تحسن الاختيار اكثر من الاشخاص المنتخبين من قبل ابناء المحافظة والذين يعرفون واقع محافظاتهم اكثر من غيرهم.ولعله من المناسب ان نختم هذه السطور بالاشارة الى قضية اختيار قائد شرطة محافظة ذي قار قبل حوالي شهرين، والتي دفعت رئاسة الوزراء ووزارة الداخلية الى تعيين العميد صباح سعيد الفتلاوي قائدا لشرطة المحافظة رغم اعتراض مجلس المحافظة على ذلك بسبب حصول هذا الشخص على صوت واحد بينما حصل المرشحون الثلاثة الاخرون للمنصب عدد اكبر من الاصوات.وهذا الشخص لديه سجل غير نظيف كان الاجدر بالجهات صاحبة القرار دراسته بدقة قبل وضعه في موقع حساس وخطير جدا.هذا المثال هو الاكثر تعبيرا عن الواقع السيء الذي يعكسه تدخل الحكومة المركزية بكل شيء في المحافظات، في الوقت الذي يقول الدستور ان العراق دولة اتحادية فيدرالية.

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
المقالات لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
دينار بحريني 0
يورو 0
الجنيه المصري 0
تومان ايراني 0
دينار اردني 0
دينار كويتي 0
ليرة لبنانية 0
ريال عماني 0
ريال قطري 0
ريال سعودي 0
ليرة سورية 0
دولار امريكي 0
ريال يمني 0
التعليقات
حيدر الاعرجي : دوله رئيس الوزراء المحترم معالي سيد وزير التعليم العالي المحترم يرجى التفضل بالموافقه على شمول الطلبه السادس ...
الموضوع :
مجلس الوزراء : موقع الكتروني لإستقبال الشكاوى وتقديم التعيينات
سهام جاسم حاتم : احسنتم..... الحسين بن علي بن أبي طالب عليهما السلام.جسد اعلى القيم الانسانية. لكل الطوائف ومختلف الاقوام سواء ...
الموضوع :
الحسين في قلب المسيح
Muna : بارك الله فيكم ...احسنتم النشر ...
الموضوع :
للامام علي (ع) اربع حروب في زمن خلافته
الحاج سلمان : هذه الفلتة الذي ذكرها الحاكم الثاني بعد ما قضى نبي الرحمة (ص) أعيدت لمصطفى إبن عبد اللطيف ...
الموضوع :
رسالة الى رئيس الوزراءالسابق ( الشعبوي) مصطفى الكاظمي
فاديه البعاج : اللهم صلي على محمد وال محمد يارب بحق موسى ابن جعفر ان تسهل لاولادي دراستهم ونجاح ابني ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
محمد الخالدي : الحمد لله على سلامة جميع الركاب وطاقم الطائرة من طيارين ومضيفين ، والشكر والتقدير الى الطواقم الجوية ...
الموضوع :
وزير النقل يثني على سرعة التعاطي مع الهبوط الاضطراري لطائرة قطرية في مطار البصرة
Maher : وياريت هذا الجسر يكون طريق الزوار ايضا بأيام المناسبات الدينية لان ديسدون شارع المشاتل من البداية للنهاية ...
الموضوع :
أمانة بغداد: إنشاء أكبر مجسر ببغداد في منطقة الأعظمية
ساهر اليمني : الَّذِينَ إِن مَّكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنكَرِ وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الْأُمُورِ ...
الموضوع :
السوداني : عاشوراء صارت جزءا من مفهومنا عن مواجهة الحق للباطل
هيثم العبادي : السلام عليكم احسنتم على هذه القصيدة هل تسمح بقرائتها ...
الموضوع :
قصيدة الغوث والامان = يا صاحب الزمان
فيسبوك