المقالات

مقتدى وفلسفة السياسة

1146 01:27:00 2008-08-05

بقلم: فالح غزوان الحمد

السياسة فن الممكن ، و الممكن إنما هو الممكن تحقيقه من الفرص لإخراج المشروع السياسي من حيز النظرية إلى التطبيق على الأرض . و السياسة مجال الواقعيات المؤتلفة في نظام معين تملي على السياسي أن يتخذ خطواته بهدي مما هو متوفر و متواجد بين يديه . وفي السياسة يشفع لك أن تتحالف و تعقد الصفقات مع قوى سياسية أخرى و بما يمكن أن يصب في مصلحة القوى المتحالفة وهي إن لم تتحالف معها تحالفت مع غيرك ضدك وهذا من بديهيات السياسة المعروفة . ولكن عملية التحالف و عقد الصفقات السياسية ليست مشروعة على الدوام بل تكتسب شرعيتها و مقبوليتها من كونها لا تتجاوز على الثوابت و المبادئ الوطنية . و أرقى أمثلة التحالفات السياسية هي التي تتمتع بـ :- أنها لا تضر و لا تتعدى على مصلحة الوطن و المواطن - أنها تسهم في تدعيم اللحمة الوطنية لا سيما إذا كانت بين أطراف سياسية تمثل عدة مكونات قومية أو دينية كائتلاف حزب عربي مع آخر كردي في الوضع العراقي .- أنها ليست تحالفات طارئة و مؤقتة و لا تمتلك أي عمق يذكر و ألا تكون موجه ضد الآخرين خارج ما هو مشروع من التنافس في ميدان العمل السياسي . و من خلال هذه الشروط يتضح أن العبارة التي يرددها البعض " السياسة لا قلب لها " هي مجرد عبارة مجازية أو هكذا يجب أن تكون ، إذ أن السياسة حين تكون بلا قلب فلا يعني ذلك سوى أنه لا قلب للسياسي بمعنى آخر أنه بلا موقف و لا مبادئ و لا ثوابت . و سياسي كهذا اقرب إلى رجل المافيا الذي يدخل اليوم في تحالف مع هذه العصابة أو تلك وفي اليوم التالي ينقلب عليها و يدخل معها في معارك ضروس . حين ردد مقتدى الصدر تلك المقولة كان في الواقع يبحث عن تحالفات فاقدة للشروط السابقة ، إنها تحالفات من يرى السياسة معركة بلطجية و شقاوات تدور رحاها في الأزقة و الشوارع و الحارات . فالإنسان الشقيّ و البلطجي يسعى من منطلق إيمانه بالفوضى إلى أن يأخذ راحته التامة في فوضويته و يرى للآخرين الأشقياء و البلطجيين فرصة أن يمارسوا فوضويتهم أيضا .. و لهذا فالتحالف يجب أن يكون فوضويا و شعاره الفوضى لا محال .. و لم تكن الحكومة في وارد الدخول بما يقدمه مقتدى من أطروحات لا قلبية و لا سياسية مقنعة و واقعية .أخيرا عرض مقتدى الصدر تأييده للحكومة العراقية في الشارع ، الشارع الذي يريد السيد مقتدى مصادرته و كتابته باسمه و كأن العراقيين حتى الذين في الأصلاب و الأرحام و لم يخلقوا بعد هم من مؤيدي مقتدى قائد الضرورة الجديد و كأن ليس أتباعه مجرد شراذم هنا و هناك ..و كأن ليس التيار الصدري هو القوة المنبوذة من أغلب الجهات السياسية الفاعلة على الساحة . هذا العرض للتحالف مع الحكومة العراقية أو مع الأحزاب التي تتمثل منها الحكومة كان مقابل رفض أي اتفاقية مع الولايات المتحدة و بأي شكل من الأشكال !إن هذا الموقف لو كان ذا خلفية وطنية و إن تكن ممزوجة بالجهل السياسي و التجاهل للواقع الملموس لكان لنا أن نتفهمه بقدر معين و لكن القضية ليست كذلك . فمما يجدر ذكره هنا للقارئ الكريم هو و للأسف الشديد أن أطرافا معينة دخلت في مساومات مع مقتدى لشراء موقف قطعي و نهائي تجاه المعاهدة طابعه الرفض المطلق لها في مقابل أن يحظى بنوع من التأييد من بعض رجال الدين و المتسمين ببعض العناوين . و أهم مكتسبات مقتدى من هذه الصفقة هو منح غطاء شرعي من البعض الذين ليس لهم تأثير كبير على الشارع العراقي أصلا لمليشياته المنهارة و بشرط تغيير اسمها من جيش المهدي إلى مجاميع خاصة للمقاومة العراقية . فوسط هوس الرجل بالاحتفاظ بمليشيا مسلحة كان له أن يقدم كل ما هو مطلوب في سبيل الوقوف إلى جانبه للحفاظ على تلك المليشيات و منحها شرعية يظن أنها كافية لتبرير بقائها و القيام بأعمالها المخزية . كل عراقي شريف و غيور له أن يقارن هذا النوع من التحالفات و الصفقات التي تسقط فيها ورقة الوطن و مصلحته تماما لحساب أوراق و مصالح خارجية و شخصية . الغريب أن مقتدى و أتباعه ينعقون ليل نهار مشنعين على قوى وطنية معروفة بثوابتها و مبادئ حراكها السياسي و اتهامها بشتى التهم الباطلة لمجرد أنها تتحالف مع قوى السياسية عراقية و من داخل الوطن و في سبيل مصلحة المجموع .. ولمثل هذا فليعجب العاقل . فالح غزوان

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
المقالات لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
التعليقات
محب لتراب العراق
2008-08-05
اومسؤلي مكاتب الصدر. بالله عليك هل استمعت لخطب مقتدى بجامع الكوفة هل بالامكان ان يستنتج العاقل اويستشف رائحة الخيرمن مقتدى.الطرح الذي طرحته للعاقل المالك لزمام اموره وقادرعلى ظبط عصاباته والامرين فلتوامن يدمقتدى واصبح بادي لعيان القاصي والداني انه لعبة بيدمخابرات ايرانيه وسعوديه وسوريه. فالرجل بعيدعن السياسة وقلبهاومعدنهاوخامتهالانه ببساطة من اهل الله يعيش ليأكل وهناك الاف الاسباب تجمعت لتنشىء التياروتجعل هذا الغر زعيم الخوارج الجدد. وهذاهوالمطلوب منه بدون تكليفه مالايستطيع من فهم السياسة.
صباح المالكي
2008-08-05
هذا بعده مصدك ..والله عمي خطية ما مراجع طبيب نفساني؟؟؟؟؟؟؟
محب لتراب العراق
2008-08-05
الاستاذفالح المحترم قلت مانصه( أنها لا تضر و لا تتعدى على مصلحة الوطن و المواطن )عندكلامك عن ارقى التحالفات السياسيه ولكن من هو السياسي الذي يسعى لعقدارقى التحالفات؟برأيي البسيط السياسي هوالخبيرالاقتصادي ورجل العلم واستاذالاجتماع والاديب والمرجع الديني ورب العائله وصاحب الاخلاق والمحب لابناء شعبه خصال عديدة يملكهامن يتسمى بالسياسي اويملك القدرالاكبرمنهاليستحق كلمة السياسي ورجل الدولة والمسؤل عن ادارة شؤون البلادوالعباد. ماذايملك مقتدى من كل ماذكراونصارالربيعي اواسامه سميسم اوقادة عصابات مقتدى..
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
دينار بحريني 0
يورو 0
الجنيه المصري 0
تومان ايراني 0
دينار اردني 0
دينار كويتي 0
ليرة لبنانية 0
ريال عماني 0
ريال قطري 0
ريال سعودي 0
ليرة سورية 0
دولار امريكي 0
ريال يمني 0
التعليقات
حيدر الاعرجي : دوله رئيس الوزراء المحترم معالي سيد وزير التعليم العالي المحترم يرجى التفضل بالموافقه على شمول الطلبه السادس ...
الموضوع :
مجلس الوزراء : موقع الكتروني لإستقبال الشكاوى وتقديم التعيينات
سهام جاسم حاتم : احسنتم..... الحسين بن علي بن أبي طالب عليهما السلام.جسد اعلى القيم الانسانية. لكل الطوائف ومختلف الاقوام سواء ...
الموضوع :
الحسين في قلب المسيح
Muna : بارك الله فيكم ...احسنتم النشر ...
الموضوع :
للامام علي (ع) اربع حروب في زمن خلافته
الحاج سلمان : هذه الفلتة الذي ذكرها الحاكم الثاني بعد ما قضى نبي الرحمة (ص) أعيدت لمصطفى إبن عبد اللطيف ...
الموضوع :
رسالة الى رئيس الوزراءالسابق ( الشعبوي) مصطفى الكاظمي
فاديه البعاج : اللهم صلي على محمد وال محمد يارب بحق موسى ابن جعفر ان تسهل لاولادي دراستهم ونجاح ابني ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
محمد الخالدي : الحمد لله على سلامة جميع الركاب وطاقم الطائرة من طيارين ومضيفين ، والشكر والتقدير الى الطواقم الجوية ...
الموضوع :
وزير النقل يثني على سرعة التعاطي مع الهبوط الاضطراري لطائرة قطرية في مطار البصرة
Maher : وياريت هذا الجسر يكون طريق الزوار ايضا بأيام المناسبات الدينية لان ديسدون شارع المشاتل من البداية للنهاية ...
الموضوع :
أمانة بغداد: إنشاء أكبر مجسر ببغداد في منطقة الأعظمية
ساهر اليمني : الَّذِينَ إِن مَّكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنكَرِ وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الْأُمُورِ ...
الموضوع :
السوداني : عاشوراء صارت جزءا من مفهومنا عن مواجهة الحق للباطل
هيثم العبادي : السلام عليكم احسنتم على هذه القصيدة هل تسمح بقرائتها ...
الموضوع :
قصيدة الغوث والامان = يا صاحب الزمان
فيسبوك