المقالات

المجلس الاعلى والهواجس العربية الرسمية من التغيير في العراق(الحلقة الثالثة)

1137 01:46:00 2008-08-06

كريم النوري

" ومن الخطأ الفادح ان تبقى الحركات الاسلامية في ظل السلطة والحكم بمأمن من التقويم او التقييم او النقد والمحاسبة لنفس الاسباب والمعاذير والاعتقاد بانها معصومة من الاخطاء والزلل والانحراف.واية حركة سياسية دينية كانت او لادينية تتوجس من مراجعة اداءاتها ولا تفكر باعادة النظر بمواقفها وقراءاتها فان حاضرها سيتحول الى كومة اخطاء ومستقبلها الى كارثة.ولكن ما ننبه اليه في هذا السياق هو القراءات المشوشة والموتورة والمنقوصة لاداء الحركة الاسلامية والتعاطي مع النقد بتحامل مسبق وضغائن مبيتة، وهو ما يفقد الباحث موضوعيته وصدقيته"

كان المجلس الاعلى الاسلامي العراقي من ابرز القوى السياسية المعارضة الداعية لتغيير النظام واسقاطه وانقاذ الشعب العراقي والمنطقة من شروره وكوارثه.ولم يتوقف المجلس الاعلى في دعواته التغييرية عند حدود الشعارات واللافتات والامنيات بل جسد تلك الدعوات عبر الحضور الميداني والعملي والاعتماد على تشكيلات مسلحة في داخل الوطن واهواره تمثلت في الغالب بقوات بدر وبعض خلايا العمل التنظيمي السري في بغداد وبقية محافظات الوسط والجنوب.ويمكن القول ان المجلس الاعلى كان من اهم الفصائل التي أعتمدت الكفاح المسلح لاسقاط النظام او اضعافه ولم يتردد في هذا الطريق الشائك والصعب رغم بشاعة النظام وقمعه وكثرة التضحيات وقوة التحديات.كما ان هذا التبني لمشروع اسقاط النظام قد تبلور عن رؤية معمقة وتصورات جدية تلامس الواقع واستحضرت كل مستلزمات التغيير السياسية والعسكرية واطلق المجلس الاعلى مشروعه التغييري متحركاً على اهم الاطراف الاقليمية المؤثرة بالقرار والنفوذ العربي كالمملكة العربية السعودية ودولة الكويت وسوريا.ولم تكن فكرة التحرك الاقليمي والدولي فكرة ناضحة في بدايات التأسيس حتى نهاية العقد الثمانيني من القرن الماضي وذلك للاسباب التالية:1- قدرة النظام السابق على تكريس قناعات مرعبة لدى الدول العربية والخليجية على وجه التحديد من التغيير القادم في العراق واوحى ان البديل القادم سكون مغرداً خارجاً عن السرب العربي والخليجي لاسباب طائفية ومذهبية.2- اعلن حرباً شاملة ضد الجارة ايران لاجهاض ثورتها الاسلامية الفتية بحجة الدفاع عن ما يسمى البوابة الشرقية سيئة الصيت واستطاع ابتزاز الدول الخليجية طيلة سنوات الحرب وقد انخدعت اغلب تلك الدول بدعوات وصيحات النظام العراقي السابق ووقفت داعمة له بالمال والاعلام.3- استطاع النظام العراقي السابق استغلال انتصار الثورة الاسلامية سنة 1979 من تصدير الرعب وتسويق المخاوف من عدوى الثورة الاسلامية على المنطقة وساعده على ذلك تصريحات ايرانية مفبركة ذات منخى شخصي وليس رسمياً بتصدير الثورة الامر الذي حشد فزعة عربية مرعوبة لتقف معه وتقف ضد المعارضة العراقية.4- وضع المنطقة كان معبئأ بسياسة المحاور سواء على نحو القطبية الثنائية اثناء الحرب الباردة قبل تفكك الاتحاد السوفياتي السابق او على مستوى الصراع الدولي والاقليمي في المنطقة والذي استغله النظام السابق استعلالاً تحريضياً سيئاً كما استغل التحشيد الغربي العربي ضد الجمهورية الاسلامية والحضار السياسي المضروب وهو ما اثر كثيراً على المعارضة العراقية المقيمة والمدعومة في الغالب من ايران وساهم في التشويش عليها.5- ازمة الثقة وسوء الفهم العربي مع المعارضة العراقية في بدايات الثمانينات لم يتح المجال للاصغاء الى الصوت العراقي المعارض كما ان الدول العربية الرسمية في الغالب انظمة لا تتعامل مع المعارضات المجاورة وخصوصاً الاسلامية منها بل الانظمة تتعامل مع الحكومات وفق سياسة الامر الواقع ولن تفتح حدودها واراضيها للمعارضبن العراقيين بل ان بعض الدول العربية المجاورة قد سلمت معارضين عراقيين للنظام البائد في صفقة مخابراتية خطيرة.6- ثقافة الحساسية والخوف من التحرك المعارض باتجاه الحكومات العربية والتعامل بروح التراجع والتردد من التفاوض مع الاخر والخوف من الاتهامات بالعمالة والخيانة ، كما ان الخوف الرسمي العربي الاخر من احتضان معارضات الدول العربية والاتهام بالتدخل في الشؤون الداخلية بينما كان نظام صدام المقبور لن يتردد في التدخل في شؤون دول المنطقة وتهديدها وابتزازها، وهذا من هم اسباب تجمع اغلب المعارضة العراقية في ايران فلو كانت الدول العربية تسمح بحماية العراقيين او فسح المجال لهم بالعيش والاقامة في بلدانها لما تحول هذا الكم الهائل المعارض لايران.

غزو دولة الكويت 1990 ... الصدمة الكبرى للوعي العربي

لم يصغ المحيط العربي الى صيحات المظلومية العراقية في العهد البائد بسبب الانغلاق الطائفي والمذهبي والسياسي وبقى يترقب ما يحصل في العراق من كوارث ومجازر كقمع الشيعة في الجنوب والكرد في الشمال واعتبارها شأناً داخلياً لم يهتز لها رمش عين عربي.وكانت التحذيرات التي أطلقها شهيد المحراب اية الله العظمى السيد الشهيد محمد باقر الحكيم من خطورة هذا النظام على الانظمة العربية والخليجية لم تجد اذنا رسمية صاغية ولم تتفاعل هذه الانظمة كثيراً بجدية هذه التحذيرات الجادة والنصائج الخالصة.جاء الغزو العراقي في 2آب 1990 ليخلق صدمة صاعقة في الوعي العربي حطمت كل تراكمات الضخ القومي والطائفي.وكشف غزو الكويت عما كتمته سياسات الدول العربية وحاول اخفاءه النظام عن الاعلام العربي والعالمي فقد تحول الاعلام العربي والغربي بعد الثاني من آب 1990 الى ابواق متباكية على مأساة الشعب العراقي التي مر عليها اكثر من عقد كامل من الزمن وتسابقت وسائلهم الاعلامية على كشف جرائم حلبجة والانفال وجرائم الاهوار. واصبح الحديث عن المقابر الجماعية واعدام علماء الدين في العراق قضية علنية تتصدر برامج فضائيات ووسائل الاعلام العربي والخليجي تحديداً.وحاولت القوى الغربية والعربية وسائل اعلامها استمالة مشاعر الشعب العراقي والاعتذار عملياً عما بدر منها من تعتيم وتكتم عما حصل في المرحلة السابقة بل وقامت بتحريض الشعب العراقي على الثورة والتمرد على الطاغية صدام وبلغ هذ التحريض ذروته عندما كان على لسان جورج بوش الاول الرئيس الامريكي الاسبق.وما أن أعلن الشعب العراقي انتفاضته الكبرى في اغلب محافظات العراق في منتصف شهر شعبان/ اذار 1991 حتى تخلت هذه القوى الدولية والولايات المتحدة الامريكية عن التزاماتها السياسية والقانونية والادبية وادارت بظهرها على شعبنا لتسمح لطائراته المحظورة ودباباته المحاصرة بالهجوم على ثوار الانتفاضة في واحدة من اخطر المؤامرات على العراق دفع شعبنا فواتيرها. والاخطر من ذلك ان تراكمات الرعب والخوف من البديل القادم للحكم في العراق التي كرسها نظام صدام استيقظت بقوة وخلقت صدمة اقوى من صدمة الغزو فلم يقف الزعماء العرب حتى المتضررين من صدام نفسه على الحياد من انتفاضة شعبنا وثورته الكبرى بل وقفوا بالضد مطالبين الولايات المتحدة الامريكية ايقاف العمليات العسكرية ضد نظام صدام فقد وصلت القوات الامريكية الى قاعدة علي بن ابي طالب في الناصرية وكادت ان تعصف بعاصفتها الصحراوية برأس النظام وتجنيب العراق كل ما حصل في التاسع من نيسان 2003.التحريض العربي المضاد تحول من تحريض شعبنا على اسقاط نظامه الى تحريض قوات التحالف الدولي على اسقاط الانتفاضة وحماية نظام صدام كمحاولة لاجهاض الانتفاضة الشيعية الشعبية الشعبانية.فقد صرح وزير خارجية خليجي كانت بلاده من المتضررين من حماقات صدام بان"صدام ضعيف افضل من بديل نجهله".وكشف رئيس وزراء بريطانيا الاسبق عن ضلوع زعيم دولة خليجية كبيرة في اجهاض الانتفاضة الشعبانية وذلك عندما طالبه هذا الزعيم الخليجي المسلم التدخل العسكري لحماية المسلمين في البوسنة من جرائم الصرب فاجابه ,,,, فوراً كيف تسمح لنا باقامة دولة اسلامية في قلب اوربا وانت لن تسمح بقيام ثورة شيعية لجيرانكم في العراق وطالبتنا بالوقوف ضدها وقمعها.واستطاع النظام البائد من التأثير على الرأي العام العربي والرسمي عبر ابتكاره لعبة قذرة بتقديم كل الضباط العراقيين القتلى في عاصفة الصحراء على يد قوات التحالف الدولي واعتبارهم من ضحايا الانتفاضة بحسب قوائم رفعتها السفارات العراقية في الخارج الى الدول العربية من اجل تعميق المخاوف الطائفية وتأجيج النعرات المذهبية التي نجح النظام البائد في خداع الموقف العربي الرسمي وتضليله.هذا الواقع العربي الذي عاشته المعارضة العراقية السابقة وهو مؤشر خطير على اهمية الانتفاح المعارض باتجاه الدول الاقليمية والعربية والخليجية وتبديد المخاوف التي كرسها نظام صدام في الذاكرة والوجدان العربي.وعندما لمست قيادة المجلس الاعلى هذا الواقع العربي الخطير وما تكرس في مرتكزات الوعي العربي من مخاوف من التغيير القادم وابتعاده عن النظرة السياسية التغييرية للمعارضة العراقية بدأت خطوات جدية على مستوى العامل العربي والاقليمي والدولي وتوضيح وجهات نظر المعارضة العراقية للتغيير وتبديد المخاوف والهواجس التي استحكمت في الوعي العربي الرسمي.( كيف استطاع المجلس الاعلى اختراق الجدار العربي والدولي والانفتاح الايجابي واشراك الاطراف الدولية والعربية والاقليمية في المشروع التغييري الذي تبناه المجلس الاعلى ؟ سنجيب على هذه التساؤلات في الحلقة الرابعة)

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
المقالات لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
دينار بحريني 0
يورو 0
الجنيه المصري 0
تومان ايراني 0
دينار اردني 0
دينار كويتي 0
ليرة لبنانية 0
ريال عماني 0
ريال قطري 0
ريال سعودي 0
ليرة سورية 0
دولار امريكي 0
ريال يمني 0
التعليقات
حيدر الاعرجي : دوله رئيس الوزراء المحترم معالي سيد وزير التعليم العالي المحترم يرجى التفضل بالموافقه على شمول الطلبه السادس ...
الموضوع :
مجلس الوزراء : موقع الكتروني لإستقبال الشكاوى وتقديم التعيينات
سهام جاسم حاتم : احسنتم..... الحسين بن علي بن أبي طالب عليهما السلام.جسد اعلى القيم الانسانية. لكل الطوائف ومختلف الاقوام سواء ...
الموضوع :
الحسين في قلب المسيح
Muna : بارك الله فيكم ...احسنتم النشر ...
الموضوع :
للامام علي (ع) اربع حروب في زمن خلافته
الحاج سلمان : هذه الفلتة الذي ذكرها الحاكم الثاني بعد ما قضى نبي الرحمة (ص) أعيدت لمصطفى إبن عبد اللطيف ...
الموضوع :
رسالة الى رئيس الوزراءالسابق ( الشعبوي) مصطفى الكاظمي
فاديه البعاج : اللهم صلي على محمد وال محمد يارب بحق موسى ابن جعفر ان تسهل لاولادي دراستهم ونجاح ابني ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
محمد الخالدي : الحمد لله على سلامة جميع الركاب وطاقم الطائرة من طيارين ومضيفين ، والشكر والتقدير الى الطواقم الجوية ...
الموضوع :
وزير النقل يثني على سرعة التعاطي مع الهبوط الاضطراري لطائرة قطرية في مطار البصرة
Maher : وياريت هذا الجسر يكون طريق الزوار ايضا بأيام المناسبات الدينية لان ديسدون شارع المشاتل من البداية للنهاية ...
الموضوع :
أمانة بغداد: إنشاء أكبر مجسر ببغداد في منطقة الأعظمية
ساهر اليمني : الَّذِينَ إِن مَّكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنكَرِ وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الْأُمُورِ ...
الموضوع :
السوداني : عاشوراء صارت جزءا من مفهومنا عن مواجهة الحق للباطل
هيثم العبادي : السلام عليكم احسنتم على هذه القصيدة هل تسمح بقرائتها ...
الموضوع :
قصيدة الغوث والامان = يا صاحب الزمان
فيسبوك