المقالات

سبعة أيام سوداء من أيام العراق

1479 12:40:00 2008-08-06

( بقلم : باسم حاتم الحطاب )

لم أر في حياتي اسود و لا أسوء من الأيام السبعة في العراق كتلك الأيام التي يعرضها علي عبد الأمير عجام في برنامجه الأسبوعي (7ايام) من على قناة الحرة عراق . فمقدم البرنامج الذي يقضي ما يقارب ربع مدة البرنامج بـ (تأتأته و مأمأته) التي لا تكاد جملة في كلامه تخلو منها الأمر الذي يذكرني بالرئيس المصري السابق محمد أنور السادات في خطاباته التي كنت أتابعها في وقتها عبر الإذاعات العربية و العالمية حيث كان أيضا يقضي نسبة كبيرة من الخطاب بتلـــكؤه في الكلمات .و لو كان السادات مذيعا لطردته تلك الإذاعات ، اما علي عبد الأمير عجام فأرى ان قناة الحرة عراق ما زالت متمسكة به رغم التلكؤ الواضح و صعوبة إخراج الكلمة برغم ان الفضائيات دائما ما تختار المذيع او مقدم البرنامج على أساس لباقته و سرعة اختيار المفردة هذا اذا كان البرنامج حيا اما اذا كان مسجلا فأتصور ان مدة أسبوع كافية لأن يتدرب على إلقاء و اختيار المفردات ، لكن الظاهر من الأمر انه يمثل سياسة هذه القناة التي قد لا يستطيع غيره ان ينهض بها .

و بالعودة الى البرنامج فاني و من خلال متابعتي للكثير من حلقاته التي تعرض بعد الساعة التاسعة من مساء السبت و تعاد لمرتين في اليوم التالي في اغلب الأحيان ، فاني لم أر و لو لمرة واحدة صورة جميلة للعراق الجديد ، ليس هذا فقط بل حتى الصورة الجميلة في البرنامج تتحول الى صورة رديئة ليؤخذ منها جانبا سيئا يتم التركيز عليه و يترك الباقي دون أدنى تعليق ، و كأن هذا البرنامج تم إعداده لينقل الصورة المعتمة و القاتمة لعراق ما بعد صدام حسين ليس بسبب ان صدام حسين هو الأفضل في نظرهم لكن السبب ان الذي جاءت به ملحمة الانتخابات الى سدة الحكم لا يتوافق مع آراء و أيديولوجية مقدم البرنامج و بالتالي لا يتوافق مع أيديولوجية قناة الحرة عراق .

و دائما ما يلتقي مقدم البرنامج بضيف هو في اغلب الأحيان محلل سياسي او كاتب (مستقل) او باحث و أكاديمي ، و لم يستضف البرنامج أي محلل او كاتب الا و كان أيضا يرى من خلال نفس العدسة السوداء التي ينظر من خلالها السيد عجام ، و من نفس السنخ ، و كأن المحللين و الكتاب اتفقوا جميعا على نفس الرؤية و نفس الزاوية التي يتطلعون منها الى العراق الجديد . و المشكلة الأكبر من ذلك ان مقدم البرنامج و ضيوفه هم دائما يقطنون في واشنطن و ليس منهم احد يقطن في العراق ، هذا فضلا عن ان اغلبهم (يتأتئون و يمأمئون) كمقدم البرنامج .

اما بالنسبة للتقارير التي تعرض خلال البرنامج فإنها دائما تستعرض آراء لشخصين او ثلاثة او ربما أربعة أشخاص ناقمين على الوضع و اعتقد ان غيرهم يتم اقتطاعه في المونتاج ، و كذلك بالنسبة للتصوير المحترف لمصوري قناة الحرة عراق فهو يترك صفحة بيضاء كاملة ليصور نقطة سوداء على هذه الصفحة و يتم تضخيم هذه النقطة فلا يرى المشاهد غيرها .

و يشن مقدم البرنامج بمناسبة او بدون مناسبة هو و ضيوفه حملات شعواء بشكل مباشر او غير مباشر على الاسلاميين و التيارات الإسلامية التي جاءت الى دفة الحكم بعد الانتخابات الأولى و الثانية ليلقي عليها اللوم في كل ما يحدث في العراق سواء أكان ما حدث في العملية السياسية ام في الحالة الاقتصادية او الاجتماعية الى غير ذلك ، بل يحوّل حتى النجاح في أمر ما الى اتجاه آخر لا يلتقي في حال من الأحوال مع منهجية الإعلام الملتزم .

و من باب الإشارة لا التحديد اذكر مثالين بسيطين من الحلقة الأخيرة التي عرضت يوم السبت 2/8/2008 واترك فقرات البرنامج الأخرى حتى لا يطول الحديث ، فالمثال الأول هو خبر زيارة الإمام موسى الكاظم سلام الله عليه التي سارت بأحسن ما سارت عليه زيارة من الناحية الأمنية و التنظيمية و الخدمات في المجال الصحي و الطعام و الشراب و غير ذلك من المستلزمات عدا مسألة النقل التي لم يرض عنها أي فرد لا من الحكومة و لا من المواطنين و لا من الأحزاب و الحركات الاسلامية ، فاظهر في تقريره شخصا يقول لو كنت اعلم انه لا يوجد وسائط نقل لما أتيت للزيارة متجاهلا الملايين التي أتت سيرا على الأقدام و لم تعبأ بوجود أزمة نقل . و هذه الزيارة كانت و لا زالت هي إحدى الشعائر التي يمارسها أتباع أهل البيت عليهم السلام في كل عام منذ استشهاد الإمام الكاظم عليه السلام و الى يومنا هذا . ثم ما دخل الطائفية في هذه الشعيرة و ما دخل المحاصصة فيها ؟ نعم لقد كان رأي مقدم البرنامج و ضيفه ان هذه الزيارة هي عبارة عن امر يدخل في برنامج الأحزاب الدينية الحاكمة لتجييره لمصالحها أو لاثبات الأغلبية الشيعية في العراق و كأن زوار الإمام هم جميعا تم تحشيدهم لهذا الغرض . اما قوله بان المناسبات الدينية الشيعية هي مائة مناسبة فلا اعلم هل هو شيعي و أحصى هذه المناسبات ام ذكر العدد ليثبت ان ثلث السنة كما يقول يذهب هباءا .

و المثال الثاني هو فقرة شخصية الأسبوع عن الطالبة المتفوقة هدى عدنان طالبة إعدادية العشار للبنات في البصرة و الأولى على العراق في الدراسة الإعدادية الفرع العلمي و كان نص كلمات السيد عجام في تقديم الفقرة هو (فالعراقية الشابة هدى عدنان كتبت بنجاحها كطالبة أولى على مدارس العراق في الفرع العلمي حكاية لبصرة المعرفة و الفكر، حكاية هي غير حكاية القتل و الإرهاب و الاختطاف و النهب و السلب و التطرف التي جاءت بها الى البصرة حركات وعصابات وجماعات تحت مسمى الدين) و كان التقرير المرفق في فقرة البرنامج يتحدث عن الطالبة و شخصيتها العفوية و تفوقها ثم تحول بعد ذلك الى طموحها و هنا النقطة التي يجب التركيز عليها في هذه الفقرة حسب سياسة البرنامج فالطالبة تطمح لإكمال دراستها في إحدى المؤسسات العلمية المعروفة عالميا و هذا طموح مشروع دون أدنى شك و لكن السبب حسب السيد سعد قصي مراسل القناة هو قوله بالنص (لكنها تعتقد ان المسؤولين لا يعيرون اهتماما كثيرا بالعلماء و إهمالهم لها بعد كل هذا المعدل العالي هو دليلها الشخصي على ضعف المؤسسة الحكومية في مجال احتضان المتفوقين و رعايتهم) و اظهر التقرير قولها المقتطع بالمونتاج (ماكو أي مبادرة من أي جهة حكومية) فقط ليكون دليـلا على مصداقية المراسل و القناة .

يمكن من خلال هذين المثالين ان نرى النقطة السوداء التي يركز عليها و يضخمها البرنامج لكي يمحو الصورة الجميلة للخبر و الصورة التي تظهر الجانب المشرق و التي هي أولى بمن يمتلك شرفا إعلاميا ان يظهرها لكنها تبقى خلف كواليس أيام سبعة سوداء في عين الأعور الذي لا يمكنه ان يرى الا بعين واحدة هي عين التشاؤم و عين الكراهية . نعم فبإمكان الإعلامي ان يكون إرهابيا أكثر من إرهابيي القاعدة اذا لم يكن لديه شرف المهنة .

أنا هنا لا ادعوالى إعلام سلطة يمتدح و يزوّق كل شيء و كأننا في (اليوتوبيا) او الدولة المثالية ، لكن يمكن لهذا الإعلام ان يمارس النقد في مجال النقد و يظهر الانجازات في مجالها أيضا ، لا ان يحول الانجاز من خلال أسلوب قميء و ممجوج الى فشل و كبوة . لا أريد إعلاميا لا يرى العالم الا من ثقب مفتاح الباب كما بطل رواية هنري باربوس (الجحيم) و لا يرى العراق الا من واشنطن ، و لا أريد إعلاميا (لامنتميا) كما هو اللامنتمي لدى كولن ولسن و لا يعيش معاناة أبناء الشعب ، بل كل ما أتمناه هو إعلامي يكتب و يتحدث بعين الإنصاف و ان يقول عن الخطأ خطأ و عن الصحيح صحيحا .

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
المقالات لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
التعليقات
زينب الجابري
2008-08-06
لقد وصفت وأحسنت ياأخي الكاتب ,يتبادر الى ذهني أحياناً أن المشكله البسيطه داخل أي بيت عراقي ستعرض مستقبلاً ضمن نشرات بعض الفضائيات وكأننا الشعب الوحيد على هذه الارض.أن برنامج السبعة أيام هذا للامانه يختلف تماما عن برامج الحره التي تعبر معتدله نوعاًما حتى أن الاستاذ عجام حري به نقل برنامجه الى قنوات كالشرقيه أو البغداديه وهذا مايجعلنا نعتمد قنوات محدده تشعرنا بالمصداقيه والموضوعيه بدلاً من قنوات لاهم لها غير الطعن بالحكومه وأستضافة شخصيات تتمنى للعراق وأهله حريق لاينطفيئ لتطبل بالقرب من دخانه.
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
دينار بحريني 0
يورو 0
الجنيه المصري 0
تومان ايراني 0
دينار اردني 0
دينار كويتي 0
ليرة لبنانية 0
ريال عماني 0
ريال قطري 0
ريال سعودي 0
ليرة سورية 0
دولار امريكي 0
ريال يمني 0
التعليقات
حيدر الاعرجي : دوله رئيس الوزراء المحترم معالي سيد وزير التعليم العالي المحترم يرجى التفضل بالموافقه على شمول الطلبه السادس ...
الموضوع :
مجلس الوزراء : موقع الكتروني لإستقبال الشكاوى وتقديم التعيينات
سهام جاسم حاتم : احسنتم..... الحسين بن علي بن أبي طالب عليهما السلام.جسد اعلى القيم الانسانية. لكل الطوائف ومختلف الاقوام سواء ...
الموضوع :
الحسين في قلب المسيح
Muna : بارك الله فيكم ...احسنتم النشر ...
الموضوع :
للامام علي (ع) اربع حروب في زمن خلافته
الحاج سلمان : هذه الفلتة الذي ذكرها الحاكم الثاني بعد ما قضى نبي الرحمة (ص) أعيدت لمصطفى إبن عبد اللطيف ...
الموضوع :
رسالة الى رئيس الوزراءالسابق ( الشعبوي) مصطفى الكاظمي
فاديه البعاج : اللهم صلي على محمد وال محمد يارب بحق موسى ابن جعفر ان تسهل لاولادي دراستهم ونجاح ابني ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
محمد الخالدي : الحمد لله على سلامة جميع الركاب وطاقم الطائرة من طيارين ومضيفين ، والشكر والتقدير الى الطواقم الجوية ...
الموضوع :
وزير النقل يثني على سرعة التعاطي مع الهبوط الاضطراري لطائرة قطرية في مطار البصرة
Maher : وياريت هذا الجسر يكون طريق الزوار ايضا بأيام المناسبات الدينية لان ديسدون شارع المشاتل من البداية للنهاية ...
الموضوع :
أمانة بغداد: إنشاء أكبر مجسر ببغداد في منطقة الأعظمية
ساهر اليمني : الَّذِينَ إِن مَّكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنكَرِ وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الْأُمُورِ ...
الموضوع :
السوداني : عاشوراء صارت جزءا من مفهومنا عن مواجهة الحق للباطل
هيثم العبادي : السلام عليكم احسنتم على هذه القصيدة هل تسمح بقرائتها ...
الموضوع :
قصيدة الغوث والامان = يا صاحب الزمان
فيسبوك