المقالات

المقاومة .. فكر و ثقافة و أخلاق أين منها دعاتها ؟القاعدة و جيش المهدي نموذجا .. الحلقة الأولى

1078 20:49:00 2008-08-06

( بقلم : الدكتورة سناء الحربي )

في العراق اليوم تتناوشنا الهموم و المصاعب من كل حدب و صوب و تتشعب من حولنا القضايا و تتشابك الأحداث و تتعقد و لا نكاد في كل هذا الجو المشحون أن يجد احدنا فرصة للطمأنينة و راحة البال .. و مع الانفراج الملموس في الوضع الأمني إلا أننا ما زلنا مربكين حذرين فبين فترة هدوء و أختها فاصل لانفجار هنا و عملية اغتيال هناك و عبوة مفككة تزن مئات الكيلوات من تي أن تي و السي فور و غيرهما و هي و إن تم تفكيكها و وقى الله شرورها الأبرياء هؤلاء الذين هم ضحاياها المفضلون إلا أنها تقض المضجع و تشعرك أنك ربما تغط في حلم قد ينقضي في أية لحظة .. و معلوم أن الأمن و الأمان مفاهيم نسبية تقريبا و جزء من حقيقتها تتكفل به عوامل نفسية و أحاسيس عامة يشترك فيها المواطنون ، فقد لا تشهد منطقة أعمال عنف إلا أنه من الصعب أن يجمع أهلوها على أنهم يعيشون في حالة من الطمأنينة و الهدوء و الأمان . وفي الآونة الأخيرة لوحظ أن جهات من الصدريين يطلقون تهديدات مبطنة نأمل أنها ليست سوى فقاعات إعلامية سرعان ما تنفجر و يختفي أثرها . و لئن كانت الكلمة التي تسمعها من أي جوقة صدرية هي المقاومة فإنك لا تملك إلا أن تجادل في هذا المفهوم لما تراه على الأرض من بون شاسع بين حقيقة المقاومة و أعمال همجية ولع بها الرعاع و الجهلة ،

و باعتباري امرأة التقي بكثير من النساء سواء في العمل أو خارجه فإن ما أزعجني بل و أفزعني أن ثمة عددا من المتدينات بسذاجة و المنتميات إلى التيار الصدري قد تشبعن بمفاهيم شاذة و منحرفة تماما تلقي بأثرها على المجتمع لكون المرأة هي المؤسسة التربوية الأولى و هي المدرسة التي تخرّج ألأجيال و بمقدار ما تنحرف و تتلقى الأفكار الشوهاء ستزج إلى المجتمع بجيل لا يفهم سوى لغة العنف و القتل و التصفية و إتقان تركيب العبوة و حمل الأر بي جي تحت خديعة المقاومة التي ترددها جهات تريد ترسيخ نفسها كقادة من نوع ما و الطمع الدنيوي البغيض بالألقاب و المناصب ولو الاعتبارية و تحقيق أقصى قدر من المكاسب على حساب الآخرين . هذا في الوقت الذي تحرص مجتمعات العالم المتحضر على تنشئة أطفالها في أجواء سليمة بعيدة عن كل ما يمكن أن يثير في عقلية الطفل فكرة العداء ضد الآخر و استخدام العنف لغة للحوار معه وتجنب ما يسهم في تغذيته نفسيا و سلوكيا بما لا ينتهي إلا لإثارة المشاكل و الأزمات الاجتماعية الخطيرة .

ما هي المقاومة ؟ و هل هي حق أم فرض واجب ؟ و إذا كانت فرضا شرعيا واجبا فهل يأخذ شكل الإلزام مطلقا و تحت كل الظروف أم أن القضية تتبع متغيرات الظرف و الحال ؟ و المقاومة بعد هذا هل هي فقط حمل السلاح و إطلاق الصواريخ و اغتيال كل من يشك بكونه على علاقة مع الجهة التي يتم مقاومتها وهي هنا القوات الأمريكية قبل غيرها و إثارة أجواء البلبلة و اللغط و الفوضى العارمة ؟؟

المقاومة هي فعل يلجأ إليه من يغتصب حقه على يد جهة أخرى و أكثر مصاديقها وضوحا ما يواجه به جيش يغزو بلدا ما و يحتله أو يستعمره . و هذا هو تعريف مبدئي مختصر لمعنى المقاومة . و قد قيل إنها تمتلك شرعيتها من منطلق أخلاقي و إنساني و وطني و هكذا تتعدد المنطلقات في مقابل منطلق الشرع و الدين حيث تندرج تحت عنوان الجهاد الدفعي . و الحق أن المقاومة حق لأي إنسان يسعى إلى استعادة حقوقه التي اغتصبت منه بقوة السلاح . و لكن هذا الحق يزاحمه حق المتجمع ككل في الأمن و استتباب النظام و عدم التسبب بإراقة الدماء خاصة في حال لم تكن المقاومة سوى لغو و فعل سلبي غير منتج و العقل و المنطق كما الشرع الإلهي تقر جميعها ذلك بل و تلزم به . وفي الحالة العراقية فإن الوضع لم يترك مجالا أبدا للاقتناع بفكرة المقاومة لأسباب عديدة و متداخلة ، لعلها تبدأ بأن المقاومة غير مدعومة جماهيريا و دعك من اللغو الكثير الذي تسمعه هنا و هناك فهو ادعاء محض كادعاء صدام المقبور و نظامه البعثي الخائب أنه يتمتع بجماهيرية عريضة تقف معه في حماقاته و حروبه التي لم يجنِ منها الشعب العراقي المظلوم سوى المآسي و النكبات المريرة طيلة أكثر من عقدين من الزمن و لا حاجة للفت الانتباه أن في كل مجتمع و عبر تاريخ البشرية الطويل لا ترى مجموعة من الناس تستخدم العنف لتحقيق مكاسبها إلا و تدعي أنها تعبر عن رأي الجمهور و كم يبدو ادعاء تافها و مدعاة للسخرية حين نصدق أن الناس تدعم من يتسبب في الفوضى و تعطيل مظاهر الحياة و قطع الرزق اليومي عن قطاعات واسعة فضلا عن الأضرار المادية و المعنوية ! و لا تكاد تنتهي القضية عند عبثية ما يسمى المقاومة لأن الجميع يعلم علم اليقين أن أمريكا ما حشدت و جيشت أساطيلها و جاءت لتطيح بنظام صدام الذي كان من الممكن أن يحقق لها كل ما تريده بضغط بسيط و وعود برفع الحصار و تركه على كرسي الحكم لتترك بعد هذا كله البلد نهبا لمجاميع مسلحة مرتبطة بأجندات دول مجاورة . الواقع أن هناك أسبابا عديدة ليتشبع المراهقون و بعض الشباب بفكرة المقاومة . و هي أسباب سنعرض إليها في مقال قادم إن شاء الله

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
المقالات لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
دينار بحريني 0
يورو 0
الجنيه المصري 0
تومان ايراني 0
دينار اردني 0
دينار كويتي 0
ليرة لبنانية 0
ريال عماني 0
ريال قطري 0
ريال سعودي 0
ليرة سورية 0
دولار امريكي 0
ريال يمني 0
التعليقات
حيدر الاعرجي : دوله رئيس الوزراء المحترم معالي سيد وزير التعليم العالي المحترم يرجى التفضل بالموافقه على شمول الطلبه السادس ...
الموضوع :
مجلس الوزراء : موقع الكتروني لإستقبال الشكاوى وتقديم التعيينات
سهام جاسم حاتم : احسنتم..... الحسين بن علي بن أبي طالب عليهما السلام.جسد اعلى القيم الانسانية. لكل الطوائف ومختلف الاقوام سواء ...
الموضوع :
الحسين في قلب المسيح
Muna : بارك الله فيكم ...احسنتم النشر ...
الموضوع :
للامام علي (ع) اربع حروب في زمن خلافته
الحاج سلمان : هذه الفلتة الذي ذكرها الحاكم الثاني بعد ما قضى نبي الرحمة (ص) أعيدت لمصطفى إبن عبد اللطيف ...
الموضوع :
رسالة الى رئيس الوزراءالسابق ( الشعبوي) مصطفى الكاظمي
فاديه البعاج : اللهم صلي على محمد وال محمد يارب بحق موسى ابن جعفر ان تسهل لاولادي دراستهم ونجاح ابني ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
محمد الخالدي : الحمد لله على سلامة جميع الركاب وطاقم الطائرة من طيارين ومضيفين ، والشكر والتقدير الى الطواقم الجوية ...
الموضوع :
وزير النقل يثني على سرعة التعاطي مع الهبوط الاضطراري لطائرة قطرية في مطار البصرة
Maher : وياريت هذا الجسر يكون طريق الزوار ايضا بأيام المناسبات الدينية لان ديسدون شارع المشاتل من البداية للنهاية ...
الموضوع :
أمانة بغداد: إنشاء أكبر مجسر ببغداد في منطقة الأعظمية
ساهر اليمني : الَّذِينَ إِن مَّكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنكَرِ وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الْأُمُورِ ...
الموضوع :
السوداني : عاشوراء صارت جزءا من مفهومنا عن مواجهة الحق للباطل
هيثم العبادي : السلام عليكم احسنتم على هذه القصيدة هل تسمح بقرائتها ...
الموضوع :
قصيدة الغوث والامان = يا صاحب الزمان
فيسبوك