المقالات

حكومة تأخذ .....حكومة تعطي

1269 20:13:00 2008-08-07

بقلم محمد ابو النواعير

لفت أنتباهي منذ أيام وأنا أتصفح الأخبار المحليه العراقيه على شبكة الأنترنيت خبرا أثار أهتمامي كثيرا وهو (( وزير الماليه السيد الزبيدي يعلن تخصيص 25 مليار دينار عراقي لكل محافظه لأنشاء مساكن بسيطه لائقه للفقراء الساكنين في دور القصب والصرائف وبيوت التنك )) , لأول وهلة أثار هذا الخبر دهشتي وبدأ يحفر في ذاكرتي بطريقة تحول فيها النشاط الفكري لدي من تحليل وحفظ للمعلومات ألى أستنفار قوي للرجوع بالذاكره ألى الوراء لسنين بعيده حين كنت طفلا وتحديدا في بداية ومنتصف الثمانينات عندما كانت الحرب الصداميه الظالمه على الجاره أيران على أوجها , وعندما بدأت السلطات الحكوميه وبأمر من ( ديوان الرئاسه ) بأجبار الشعب العراقي والعوائل العراقيه على تقديم التبرعات من المصوغات الذهبيه لنساء العراق والأموال من الكسبه واصحاب المعامل والشركات الأهليه كل ذلك من أجل مصطلح ( دعم المجهود الحربي ) والذي وضع لتخريب البنيه الأقتصاديه للعوائل العراقيه في أضافه واضحه لصفحه من صفحات التجويع وسياسة التفقير للعوائل العراقيه وسلب كرامتها .

وكنت أنظر وأنا طفل صغير الى والدتي التي عانت ولسنين طويله من شظف العيش لتدخر جزئا من المصروف الذي يعطيه لها والدي لشراء قطعه أو قطعتين من الذهب لتتزين بها أو تجعلها ذخرا لها , وأذا بي أراها وبحزن عميق ممزوج بخوف ظاهر على الوجه وهي تنتزع مصوغاتها الذهبيه وعلى مراره لتعطيها لجلاوزة صدام والذين كانوا يطرقون الأبواب وهم مدججين بالسلاح ويجمعون الأموال من الناس مهددين بالويل لمن يمتنع عن (التبرع !!!) .وبمثل هذا وأمثاله حكمت حكومة الطاغيه الشعب العراقي من كل النواحي , بل وذهب بي التوصيف الى اكثر من ذلك عندما راودني احساس كون لدي مفهوم عن حكومة الأخذ والتي تجعل الشعب خادما لها وليس العكس , فلم يكن في قواميس الحكم البعثي في العراق معنى أو مصطلح للعطاء ((طبعا فالعطاء مخصوص بمن اكثر من كتابة التقارير او – كسرالرقاب -)) فله أغداق بالعطاء لامثيل له .

وبتراكم هذه الذكريات في مخيلتي حدث لي اشبه ما يكون بحالة (تداعي المعاني ) والذي هو بأختصار كما يراه أرسطوومن جاء بعده من الفلاسفه :هو توارد المعاني على الذهن واحدا بعد الآخر لوجود علاقه بينها أو رابطه زمانيه أو مكانيه للحوادث التي تحدث للأنسان في زمان أو مكان متشابه بحيث يستدعي بعضها بعضا وتستدعي بعدها تكوين صوره جديده لحدث آني . فأستغربت كثيرا لفعل الدهر وتقلباته وكيف انقلبت الأمور هكذا ؟ وكيف أنقلبت الموازين ؟ وزير في الحكومه العراقيه الحاليه يعلن أن حكومته سوف تخصص هذا المبلغ الضخم من أجل الفقراء الذين لم يكونوا في حكومة صدام الا حطبا ووقودا لحروبه ونزواته المجنونه في القتل والتدمير فيا سبحان الله شتان بين الأثنين !!.

فالحكومه العراقيه المنتخبه حاليا والماسكه بزمام الحكم في العراق وبعد صراعها المرير مع محاولات تهديمها بمعاول الأرهاب والمؤامرات والطعن بالخناجر من الظهر , الا انها قد استطاعت أن تحقق تقدما ملحوظا في الألتفات الى المواطن العراقي وأن لم يكن لكل طبقات الشعب ولكن الممدوح من الأمر ان هذا الألتفات بدأ ينتشر وينمو شيئا فشيئا وبشكل تدريجي , فمرة تخصص الحكومة لذوي الشهداء الذين قتلوا على يد الطاغيه وازلامه قطع الراضي والرواتب – وياسبحان الله وكأن حكومة صدام كانت متخصصة فقط في الأخذ والسلب مرة أموالا ومرة أرواحا – ومرة تشمل السجناء السياسيين بالتعويض الجزئي عن أيام عمرهم التي سلبها صدام منهم في سجونه ومعتقلاته , واخرى في زيادة كبيرة نوعا ما في رواتب الموظفين لم يكونوا يأملون بعشرها ايام الطاغيه وغيرها , والأمور ولله الحمد تبشر بالخير الكثير .

لا أريد بكلامي هذا أن اكون من المداحين للحكومهة ورجالها ,وكأني من المستفيدين منها و ولكن ما اريد أن أبينه انه وبالرغم من وجود الكثير من حالات الفساد الأداري والبعض من حالات سلب حقوق الناس من قبل اطراف فرضت على الحكومه وخاصة من الذين نزعوا الزي ( الزيتوني ) ولبسوا العمائم او من الذين سحب منهم حكم الظالمين وهم يحلمون باعادته , او من الذين يتصيدون بالماء العكر من مستغلي فرص الأنفلات , فبالرغم من كل ذلك لا يستطيع أحد ان ينكر ان في حكومتنا الكثير من الناس المخلصين والوطنيين الذين يريدون خيرا بهذا البلد وبأهله والذين يسعون ألى تكوين حكومه من اجل الشعب وليس شعب من أجل الحكومه وان كان هذا التكوين تأسيسيا من حيث المفهوم لا التطبيق .

وكذلك لااحاول ان اصطدم بالناس الذين يقولون ( ماذا قدمت لنا الحكومه التي انتخبناها وماذا تغير من حالنا ) فذلك موضوع آخر يحتاج ألى مقال آخر في المستقبل ان شاء الله , ولكني أقول لهم انكم بهذا الكلام تتهمون حتى المخلص في خدمة هذا البلد , ولايجوز ذلك , فكل ما هو مطلوب منا هو الصبر (صبرا جميلا ) فجراحنا كثيره وأعدائنا أكثر وأن لم يستطع المخلصين من رجال اليوم أن يكملوا ما بدأوه فالأمل كبير في ابنائنا الذين لم نكن نامل في أيام الطاغيه أن يمسك احد منهم منصبا حيويا ينفع به الناس ولكن الأن ...., فالأمر ممكن جدا.

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
المقالات لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
دينار بحريني 0
يورو 0
الجنيه المصري 0
تومان ايراني 0
دينار اردني 0
دينار كويتي 0
ليرة لبنانية 0
ريال عماني 0
ريال قطري 0
ريال سعودي 0
ليرة سورية 0
دولار امريكي 0
ريال يمني 0
التعليقات
حيدر الاعرجي : دوله رئيس الوزراء المحترم معالي سيد وزير التعليم العالي المحترم يرجى التفضل بالموافقه على شمول الطلبه السادس ...
الموضوع :
مجلس الوزراء : موقع الكتروني لإستقبال الشكاوى وتقديم التعيينات
سهام جاسم حاتم : احسنتم..... الحسين بن علي بن أبي طالب عليهما السلام.جسد اعلى القيم الانسانية. لكل الطوائف ومختلف الاقوام سواء ...
الموضوع :
الحسين في قلب المسيح
Muna : بارك الله فيكم ...احسنتم النشر ...
الموضوع :
للامام علي (ع) اربع حروب في زمن خلافته
الحاج سلمان : هذه الفلتة الذي ذكرها الحاكم الثاني بعد ما قضى نبي الرحمة (ص) أعيدت لمصطفى إبن عبد اللطيف ...
الموضوع :
رسالة الى رئيس الوزراءالسابق ( الشعبوي) مصطفى الكاظمي
فاديه البعاج : اللهم صلي على محمد وال محمد يارب بحق موسى ابن جعفر ان تسهل لاولادي دراستهم ونجاح ابني ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
محمد الخالدي : الحمد لله على سلامة جميع الركاب وطاقم الطائرة من طيارين ومضيفين ، والشكر والتقدير الى الطواقم الجوية ...
الموضوع :
وزير النقل يثني على سرعة التعاطي مع الهبوط الاضطراري لطائرة قطرية في مطار البصرة
Maher : وياريت هذا الجسر يكون طريق الزوار ايضا بأيام المناسبات الدينية لان ديسدون شارع المشاتل من البداية للنهاية ...
الموضوع :
أمانة بغداد: إنشاء أكبر مجسر ببغداد في منطقة الأعظمية
ساهر اليمني : الَّذِينَ إِن مَّكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنكَرِ وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الْأُمُورِ ...
الموضوع :
السوداني : عاشوراء صارت جزءا من مفهومنا عن مواجهة الحق للباطل
هيثم العبادي : السلام عليكم احسنتم على هذه القصيدة هل تسمح بقرائتها ...
الموضوع :
قصيدة الغوث والامان = يا صاحب الزمان
فيسبوك