المقالات

ابعاد التحالف الاستراتيجي بين الائتلاف العراقي والتحالف الكردستاني في انجاح العملية السياسية

1190 17:18:00 2008-08-12

( بقلم : احمد عبد الرحمن )

الذي يتابع مسارات وسياقات العملية السياسية في العراق منذ الاطاحة بنظام صدام في التاسع من نيسان-ابريل من عام 2003 وحتى الان، لابد ان يتوقف عند مواضع الحراك السياسي الفاعل، والعناصر والادوات التي غالبا ما تقوم بمعالجة الازمات وفك العقد وحلحلة المشاكل، وتجنب دفع الامور الى طرق موصدة وانفاق مظلمة.وهذه العناصر والادوات قد تكون شخصيات دينية او سياسية، او عشائرية او فكرية، وقد تكون احزاب وقوى سياسية فاعلة ومؤثرة، وقد تكون تحالفات بين اكثر من طرف مبنية على ثوابت ومباديء وطنية تتجاوز الى حد كبير الاطر الضيقة والخاصة والفئوية.

وبعيدا عن الشخصيات والاحزاب والقوى، وقريبا من التحالفات، يمكن القول ان التحالف الاستراتيجي بين الائتلاف العراقي الموحد الذي يمثل الكتلة البرلمانية الاكبر، والتحالف الوطني الكردستاني، الذي يمثل الكتلة البرلمانية الثانية، مثل احد مرتكزات واسس العملية السياسية في العراق، واحد ابرز عوامل نجاحها واستمرارها بالرغم من التحديات والمشكلات والعقبات التي واجهتها من مصادر داخلية وخارجية طيلة الاعوام الخمسة الماضية، وعلى مختلف الاصعدة السياسية والامنية والاقتصادية. وفي واقع الامر ان التحالف بين الائتلاف والتحالف لم يأت من فراغ، ولم يكن وليد ظروف ما بعد الاطاحة بنظام صدام، بل ان جذوره التأريخية تعود الى مطلع ثمانينات القرن الماضي، حينما دخل النضال ضد نظام البعث الصدامي مرحلة جديدة من المواجهة.

ومع مرور الوقت كان التحالف بين الجانبين يتنامي ويترسخ ويتقوى، رغم انه كان طوال الوقت يمثل جزءا من عمل واسع ومتعدد الجوانب والابعاد للمعارضة العراقية ضد نظام صدام من اماكن وساحات وميادين مختلفة.وكان المجلس الاعلى الاسلامي العراقي، متمثلا بالدرجة الاساس بمؤسسه وزعيمه حتى صيف عام 2003 شهيد المحراب اية الله العظمى السيد محمد باقر الحكيم، دورا محوريا ومهما في بناء ارضيات واسس سليمة وركائز قوية لذلك التحالف.

حيث انه الى جانب المنهج السياسي للمجلس الاعلى القائم على التعامل مع الجميع، والعمل والتحرك بأتجاه حشد كل الامكانيات والقدرات والطاقات لمواجهة نظام صدام وتخليص الشعب العراق منه، والى جانب الشخصية القيادية الفذة لشهيد المحراب ومرونته وقدرته على التعاطي مع اصعب واحلك الظروف، فأن الاضطهاد والظلم والقمع والاستبداد الذي تعرض له كل من الكيانين الشيعي والكردي بدرجة اكبر من الكيانات والمكونات الاخرى، طيلة عقود من الزمن، عمق القواسم والهموم المشتركة بينهما، ووفر الاجواء والمناخات والظروف المناسبة لصياغة رؤى ووجهات نظر ومواقف موحدة بشأن الكثير من القضايا السياسية المحورية، ولعل "التحالف" او "التوافق" بين الكيان الكردي، والكيان السياسي الشيعي عموما، والمجلس الاعلى على وجه الخصوص، مثل ابرز معالم وملامح مرحلة المعارضة العراقية، وكان نظام صدام يتوجس كثيرا من العمل المشترك بين هذين الكيانين لادراكه لحجم تأثيرهما وحضورهما وفاعليتهما ارتباطا بالقواعد الجماهيرية الواسعة لكل منهما في معظم مناطق العراق من شماله وحتى اقصى الجنوب مرورا بوسطه وغربه وشرقه.

ولاشك ان ذلك انعكس بوضوح كبير على مرحلة مابعد المعارضة، أي بعد الاطاحة بنظام صدام، فمنذ وقت مبكر كانت التوافقات السياسية المرتكزة على عمل متواصل لاكثر من عقدين من الزمن بين الكيانين محور الحراك السياسي، فتشكيل مجلس الحكم، ومن ثم الحكومة الانتقالية الاولى، والانتخابات البرلمانية الاولى، وكتابة واقرار قانون ادارة الدولة العراقية للمرحلة الانتقالية، واجراء الانتخابات البرلمانية الاولى وتشكيل الحكومة الثانية، ووضع الدستور الدائم، ومن ثم تشكيل الحكومة الثالثة، ما كان لها ان تتحقق في خضم اوضاع صعبة ومعقدة وتحديات حساسة وخطيرة لولا التوافقات السياسية التي بلورت في مرحلة لاحقة تحالفا سياسيا استراتيجيا ذات اطار واسع وعريض نجح في استقطاب عناوين اخرى، ساهم في التخفيف من حدة الكثير من الاحتقانات، واستيعاب واحتواء ازمات وعقد خطيرة في بعض الاحيان رافقت العملية السياسية منذ انطلاقة مسيرتها وحتى الان، ولعل الازمة الاخيرة بشأن قانون انتخابات مجالس المحافطات وقضية كركوك تعد مثالا حيا على ذلك، اذ ان ما حال دون تفجر الاوضاع حول هذه القضية هو طبيعة التحالف الاستراتيجي بين الائتلاف والتحالف المبنى على ثوابت ومصالح وطنية عامة، لاتؤثر فيها الحسابات والمصالح الخاصة لهذا الطرف او ذاك، ولا تلغيها الاختلافات في الرؤى والمواقف ووجهات النظر حول بعض التفاصيل والجزئيات.

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
المقالات لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
دينار بحريني 0
يورو 0
الجنيه المصري 0
تومان ايراني 0
دينار اردني 0
دينار كويتي 0
ليرة لبنانية 0
ريال عماني 0
ريال قطري 0
ريال سعودي 0
ليرة سورية 0
دولار امريكي 0
ريال يمني 0
التعليقات
حيدر الاعرجي : دوله رئيس الوزراء المحترم معالي سيد وزير التعليم العالي المحترم يرجى التفضل بالموافقه على شمول الطلبه السادس ...
الموضوع :
مجلس الوزراء : موقع الكتروني لإستقبال الشكاوى وتقديم التعيينات
سهام جاسم حاتم : احسنتم..... الحسين بن علي بن أبي طالب عليهما السلام.جسد اعلى القيم الانسانية. لكل الطوائف ومختلف الاقوام سواء ...
الموضوع :
الحسين في قلب المسيح
Muna : بارك الله فيكم ...احسنتم النشر ...
الموضوع :
للامام علي (ع) اربع حروب في زمن خلافته
الحاج سلمان : هذه الفلتة الذي ذكرها الحاكم الثاني بعد ما قضى نبي الرحمة (ص) أعيدت لمصطفى إبن عبد اللطيف ...
الموضوع :
رسالة الى رئيس الوزراءالسابق ( الشعبوي) مصطفى الكاظمي
فاديه البعاج : اللهم صلي على محمد وال محمد يارب بحق موسى ابن جعفر ان تسهل لاولادي دراستهم ونجاح ابني ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
محمد الخالدي : الحمد لله على سلامة جميع الركاب وطاقم الطائرة من طيارين ومضيفين ، والشكر والتقدير الى الطواقم الجوية ...
الموضوع :
وزير النقل يثني على سرعة التعاطي مع الهبوط الاضطراري لطائرة قطرية في مطار البصرة
Maher : وياريت هذا الجسر يكون طريق الزوار ايضا بأيام المناسبات الدينية لان ديسدون شارع المشاتل من البداية للنهاية ...
الموضوع :
أمانة بغداد: إنشاء أكبر مجسر ببغداد في منطقة الأعظمية
ساهر اليمني : الَّذِينَ إِن مَّكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنكَرِ وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الْأُمُورِ ...
الموضوع :
السوداني : عاشوراء صارت جزءا من مفهومنا عن مواجهة الحق للباطل
هيثم العبادي : السلام عليكم احسنتم على هذه القصيدة هل تسمح بقرائتها ...
الموضوع :
قصيدة الغوث والامان = يا صاحب الزمان
فيسبوك