تاريخ مزيف ندفع ثمنه الان

بقلم : سامي جواد كاظم

ثقافة اي مجتمع في العالم تكون جذورها في تاريخها ومهما حاول المدلسون من تدليس حوادث التاريخ فان حقيقته تبان على فلتات تصرفاتهم في المستقبل ، واحدى وجوه التدليس هو منح الامتياز والافضلية والجودة لحدث هو سلبي على المجتمع الا ان التمجيد وكثرة الترديد تجعل المرء يعتقد بعظمة هذا الانجاز التاريخي او ذلك الحدث المهم .

ومع مرور الزمن وتنامي العقول المحققة والمدققة بدات تتضح تزييفات المدلسين في التاريخ وهذا بالنتيجة يولد خلافات بين من يؤيد وينتقد وكل يحاول اثبات صحة ما اعتقده بمختلف الاساليب والطرق .

ومن هذه التزييفات الكبرى والتي اخذت حجم كبير اثر بشكل سلبي شديد الوقعة على الامة الاسلامية هي ما تسمى بـ ( الفتوحات الاسلامية ) والتي كرست لها موسوعات من اجل تلفيقات واضافة لقطات مغامراتية وتشويقية حتى يظهر بطل هذا الفتح او تلك المعركة بالشكل الذي يريده المزيف .

اساس كل عمل يجب ان يكون له دليل قراني او نص نبوي وبخلاف ذلك لا شرعية لهذه التصرفات ، ومن هذا حاول الكثيرمن العابثين في التاريخ اظهار الفتوحات الاسلامية بوجه شرعي من خلال تغيير تفسير اية او حديث .

ولنحدد محور الحديث والبحث وهو الغاية من هذه الفتوحات حسب مدعيها ومدى مصداقيتها وتطابقها مع النص ، الغاية كما يزعمون انها نشر الاسلام وكلمة الله اكبر ، السؤال هنا هل هذه الفتوحات تعد شرعية في نشر الاسلام ؟ هنا سنطلع على حجج الفريقين مع ادلتهما على صحة ما يدعيانه .

اول معركة خاضها المسلمون حال وفاة الرسول محمد (ص) كانت بين المسلمين انفسهم واطلق عليها حروب الردة والانتكاسة الكبرى فيها هي مقتل مالك بن نويرة على يد خالد بن الوليد ايام خلافة ابي بكر ، والشيء بالشيء يذكر ان هنالك من النواصب من يؤاخذون على امير المؤمنين علي عليه السلام انه قاتل المسلمين في خلافته وبالرغم من ان كل معاركه كانوا هم البادئين نجد ان حروب الردة في زمن الخليفة الاول تعد الاولى في التاريخ الاسلامي مقاتلة المسلمين بعضهم مع البعض والتي كانت شرارتها من خالد .

المهم من هذا ان لخالد صولات وجولات ومنح الصلاحيات من الخليفة الاول في معارك الفتوح كما يسمونها من اجل اعلاء كلمة الاسلام وهذا ظاهرا ، ولو تصفحنا التاريخ لوجدنا الدوافع الحقة في اثارة هذه المعارك والتي لا تؤيد فكرة اعلاء كلمة الله منها على سبيل المثال قول ابي بكر للعرب في مكة والطائف والحجاز كما جاء في كتاب فتوح البلدان للسلفي البلاذري ( ج1 ص 128 ) يقول فيه ( فكتب ( ابو بكر ) الى اهل مكة والطائف واليمن وجميع العرب والحجاز يستنفرهم للجهاد ويرغبهم فيه وفي غنائم الروم ) من هذه العبارة تعد الاشارة واضحة الى ان الغاية من الفتوحات هي الغنائم وغير ذلك هنالك الكثير من الادلة على ذلك كما وجاء في كتاب الطبري ان خالد كان يحث جنوده على القتال من اجل سد الجوع .

التبرير على ان الفتوح هي غاية اسلامية تبريرا ركيكا لا يصمد امام الوقائع والاحداث التي رافقت هذه المعارك فهذا عمرو بن العاص يحث الخلفاء على فتح مصر لما فيها من اموال وخيرات كثيرة كما جاء في دروس عن التاريخ الاسلامي للدكتور ابراهيم بيضون والذي ظهر من حديثه انه يقر بالفتوحات الاسلامية الا ان حديثه حوى الكثير من المتناقضات كما جاء في ترغيب فتح مصر ، اضف الى ذلك كثيرا ما يلجأ طواغيت الارض الى اشغال شعوبهم بالحروب حتى يتمكنون من السيطرة على البلاد وهذا ما اكده بيضون عند الحديث عن معارك الحجاج التي كانت تحت عنوان الفتوحات الاسلامية كذلك حيث شغل المسلمين بهذه المعارك تحت غطاء الفتوحات الا ان الحقيقة للخلاص من كثير من القادة الذين يخشاهم على حكم الامويين .

خالد بن الوليد الذي قتل مالك بن نويرة تحت ذريعة امتناعه عن دفع الزكاة وهذا امر غير مبرر ولكن لنفرض جدلا صحة ذلك اذن لماذا يغتصب زوجة القتيل حال قتل زوجها ؟ لاتبرير لذلك الا جهنم ويقول عن هذا عباس محمود العقاد انه ماخذ بسيط يؤخذ على ( العبقري ) خالد بن الوليد ، افضل وجه لخيانة التاريخ هو هذا الادعاء .

ونستمر في سرد رد هذه الفتوحات لناخذ جانب العقل المرفق بالاحاديث النبوية منها على سبيل المثال ان خالد ومن معه من القادة اذا ما احتلوا مدينة يامرونهم باحدى من ثلاث اما قبول الاسلام او الجزية او المنايذة ولا اعلم من اين لهم هذه فاذا كان المرء جالسا في بيته وياتيه شخص يلزمه ان يؤمن بالاسلام الذي ما سمع عنه او الجزية او القتل فاي عقل يرضى ذلك والقران يتحدث في كثير من اياته ان ناخذ الناس بالحكمة والموعظة الحسنة ولكم دينكم ولي ديني .

ولعل واقعة الحسين عليه السلام فيها الدليل الاقوى عندما طلب منه اصحابه البدء في القتال فامتنع وقال اني اكره ان ابتدء الحرب تخيلوا ان الامام الحسين عليه السلام امام جيوش مجيشة لسفك دمه واعلنوا ذلك صراحة امام الحسين الا ان الحسين يكره ان يبدأ القتال فكيف بشعوب تعيش بسلام في اوطانها يدخلها خالد او طارق يامرهم بترك دينهم واعتناق الاسلام او الجزية او القتل اذن من هنا نمنح الحق لهولاكو وجنكيزخان وهتلر وتشرشل واخيرهم بوش والى كل من سياتي بعد بوش في اقدامهم على معاركهم وغزواتهم هذه بدليل القوة التي لديهم .ومن الفتوحات المزيفة تلك التي اسمها معركة القسطنطينية التي جيش لها معاوية وجعل القائد عليها يزيد لغرض الكسب المعنوي حتى تمكنه هذه الحرب في حال انتصار يزيد ان يجعله ولي العهد له ، تخيلوا ان هذه المعركة تسمى فتح اسلامي على يد يزيد أي ان يزيد ذهب يقاتل لتثبيت كلمة الاسلام ، وحتى المجانين لا تصدق بهذا .عمر بن عبد العزيز حال استلامه الخلافة اوقف هذه الحروب المزعومة انها فتوحات وقال لهم انكم تقاتلون من اجل الغنائم وليس من احل اعلاء كلمة الله وهذه النتيجة تولدت لديه لانه من البيت الاموي ويعايش ما يقدمون عليه قادة الفتوحات المزعومة خلال خلافة اسلافه الامويين .

ملخص هذه الحروب لو اريد البحث عن اسبابها نجدها هي عادات جاهلية التي حاول رسول الله (ص) ان يقضي عليها وكانت تسمى حرب الصعاليك حيث كان هم العرب الاعتداء على غيرهم من القبائل لغرض الطعام وهتك الاعراض وهذا ما كان يردده خالد مثلا عندما كلفه النبي في قيادة احدى المعارك فقال اليوم يوم الملحمة اليوم تهتك الحرمة فلما سمعه رسول الله امر علي عليه السلام ان ياخذ الراية من خالد ونادى اليوم يوم الملحمة اليوم تصان الحرمة .

وذلك الانتهاك الخطير الذي اقدم عليه خالد عندما اقدم على قتل اناس عزل اعتقد في حرب اليمن مما جعل الرسول يقول اللهم اني بريء مما فعل خالد وارسل علي عليه السلام لغرض ترضيتهم ودفع الديات لكل من غدر به خالد وهو يقول لهم هل رسول الله حل من هذا العمل الى ان ارضاهم بالكامل لتبرئة ذمة الرسول من فعل خالد الشنيع .هذه الدوافع كانت كامنة في الصدور وانها انطلقت مع وفاة الرسول (ص) وخلو الجو لهم .

واذا يجب على كل بلد اسلامي تجاوره دولة غير اسلامية القتال لنفس اعتبارات الفتوحات الاسلامية والتخلف عن ذلك يعد معصية ولهذا السبب نجد ان ابن لادن يحاول فتح البلدان الغير اسلامية على طريقته الارهابية الخاصة .