( بقلم : أحمد مجبل العراقي )
كان صباح مدينة الصدر كغيره من الصباحات التي تفتتحه الدوريات الأمريكية بوابل من القصف و الإطلاقات يمينا و شمالا آنذاك قبل أن تنتقل هواية الافتتاح النارية إلى المساءات المظلمة . اتصل بي الشيح ( م. الطائي ) و قال أن لدينا واجب من المكتب و علي المسارعة بالذهاب إلى مكان حدده بشكل غير دقيق . كنت أظن أننا سنقوم بمقاومة إحدى هذه الدوريات التي على الأرجح أنها جاءت لاعتقال بعض الأخوة في الجيش . و لكن تبين لي خلاف ذلك بعد أن وجدت المجموعة التي أنتمي إليها وهم يفكرون بانهماك كيف يمكن اقتحام العمارة .. سألت أية عمارة ؟ فقال لي أحدهم العمارة بقرب الساحة التي يوجد فيها دكان الحلاقة الشهير العائد لأحد عناصر جيش المهدي .
كنا نحمل قاذفات يدوية و أسلحة خفيفة و عني فلم يتغير سلاحي كانت بندقية الكلاشنكوف العائدة لأخي هي سلاحي الوحيد و أما العتاد فقد تم تزويدي بثلاثة مخازن في تلك المهمة . اقتربنا بسيارات عائدة لشيوخ في المكتب و مباشرة قمنا باقتحام العمارة . لم يجر تنفيذ أية خطة من الخطط التي اجتهد كل واحد من عناصر المجموعة بإلقائها على الآخرين .. و الحقيقة أن القضية لم تكن بحاجة إلى خطة فالمطلوب هو تصفية أحد عناصر الجيش قيل أنه ينتمي إلى ما يسمى الفرقة القذرة و السائد أن أغلب هؤلاء هم إما من عناصر مخابرات صدام و اغلبهم سلفيون طائفيون أو من المجرمين الذين تم إطلاق سراحهم من السجون قبل الحرب . ارتقينا سلمين و أصبحنا بمواجهة شقة الشخص المطلوب ، أحد عناصر المجموعة و اسمه طاهر سار إلى الأمام عدة خطوات ثم طفق يركض ليركل الباب بشدة و لكن لم يفتح و هنا شعر الجميع أنهم في نص المعمعة التي بدأت فانهالوا بالركل جميعا و كنت بالطبع واحدا منهم على الباب إلى أن تم فتحه .. لحظة اقتحام المنزل كانت تشبه بالنسبة لي مشهدا من مشاهد الأكشن الأمريكي .
كان واضحا على أصحاب البيت أنهم أثرياء قياسا لحال أغلب العوائل و الأسر في المنطقة ، و كان بمقدوري أن ألمح صورة السيد آية الله علي السيستاني معلقة على الجدار المقابل لباب الشقة . بقيت مشدوها و استولى علي خوف رهيب بينما سارع بعض من كان معي إلى الانتشار في أجزاء الشقة ، و أخيرا سمعت عدد من الإطلاقات النارية و على أثرها خرج الشيخ الطائي وهو يطقطق بإصبعه و قد عرفت فيما بعد أنها الإشارة المعتادة له التي تعني نجاح العملية . عدنا دون أن يعترضنا معترض فحتى دورية الشرطة التي كانت قريبة من المكان بقي أفرادها يتأملون منظر دخولنا و خروجنا دون أي سؤال أو اعتراض . في طريق العودة سألت شاب صغير كان يجلس إلى جانبي عمن هذا الذي قتلناه ؟ فأجاب أنه يعمل في الفرقة القذرة . فقلت و لكن رأيت صورة السيد السيستاني . فصمت و لم يجب و اكتفى بنظرة لم أعرف معناها .
أعترف أنني في تلك اللحظات كنتُ ابحث عن المبررات التي تقنعني بما قمنا به و بصحته و شرعيته و أقوى هذه المبررات التي سقتها لنفسي هو ان من قتل الرجل الذي حتى لم أره هو الشيخ فهل يخطئ الشيخ و يقتل بدون سبب ؟ مستحيل و هذا المبرر هو الذي بررت به الكثير من الجرائم التي ارتكبها بعض الشيوخ في جيش المهدي بل و قام بها أفراد المجاميع التي عملت معها . و هنا ليس دفاعا عن نفسي أقول أنني طيلة عامين لم أقم بقتل شخص أبدا و الله على ما أقول شهيد . حادثة كنتُ فيها قريبا من قتل أحد الأبرياء سأقصها في حلقة قادمة و هي لا تخلو من الطرافة .
أحمد العراقي
https://telegram.me/buratha