المقالات

قراءة أولية في منهج القطيعة الصدري

1178 12:41:00 2008-09-06

الشيعة و منذ وجودهم العضوي في الجسد الإسلامي من أيامه الأولى أيام النبي الأعظم كانوا دعاة محبة وسلام و ابتعاد عن الشقاق و الوهن لعامة المسلمين وهذا الذي جعلهم يخسرون على مر التاريخ الخسارة تلو الخسارة لأن همهم الأول لم يتركز على مكاسب عابرة أو فئوية بل لزموا نصائح و إرشادات أئمتهم بوجوب مراعاة المصلحة الإسلامية العليا و الحرص على قوة المسلمين و الابتعاد عن أية أفعال أو حركات من شأنها زرع التناحر و الفت في عضد الأمة الإسلامية و من هنا رأينا أن بعض الأئمة عليهم السلام لم يظهروا قبولهم التام بحركات توخت الحل العسكري مع أنها كانت ذات مطالب عادلة بوجه طواغيت و حكام تلك العصور .

 أقول إن وداعة الشيعة و حرصهم على المصلحة الإسلامية العليا و لعموم أعضاء الجسد الإسلامي أدى إلى دفعهم لخسارات عديدة لأنهم لم يقتفوا آثار الآخرين و لم يفهموا يوما أن السياسة حانة الشيطان و عليهم أن يتوسلوا بكل الوسائل و الأدوات الشيطانية للوصول إلى الحكم و الصولجان . لم يكن أبناء علي كأبناء معاوية كما لم يكن علي كمعاوية .. الفريق الأول كان له ثوابت و مبادئ و الفريق الثاني كانت له مصالح و أماني . و إذا ما فت في عضد الإمام علي تخاذل من حوله في عسكره و اجتماع أصحاب معاوية على معاويهم فلأن أتّباع الحق مر و السير وراء الباطل حلو و مريح .

و كان لهذه التجارب و منها تجربة العهد العلوي أن تدفع بالشيعة إلى مقاطعة الآخر و نبذه و العمل أو التنظير لإقصائه و تجاهل وجوده كأن لم يكن شيئا . لكنهم لم يفعلوا ذلك و هذا ليس ادعاء بل هو واقع التاريخ و حقائقه كما هي تشخيصات الجغرافيا و حدودها التي جعلت المناطق الشيعية مفتوحة و رحبة أمام أهل النحل و الملل و الديانات الأخرى . الشيعي بطبعه و طبيعته مسالم و إنسان تقوده العاطفة هذه العاطفة الإنسانية التي هي أغلى ثمرات و أهم دروس موقعة الطف الخالدة و ليس كما يفهمها البعض ممن حرم قلبه من نور الإيمان بعدالة و بعد قضية التضحية الحسينية و مغزاها فظن أنها ثورة تعربد في كل ضاحية و هي دعوة مطلقة العنان لإشهار السيف ، هؤلاء لا يريدون فهم حقيقة واضحة أن سيف الإمام الحسين عليه السلام تم إشهاره بغير رغبة الإمام و ما كان ليشهره لولا حلول تلك اللحظة التي لم تترك له خيارا آخر سوى المواجهة التي لو كان هناك فرصة أو نصف فرصة لعمل الإمام على تجنبها .

 الفكر و الفهم الشيعي لا يرى في السيف وسيلة لأخذ مكسب أو تحقيق هدف أو تعمير ما هو خرِب لأنه فكر ثاقب ينظر إلى ما وراء الأشياء .. إلى النفوس و القلوب لا إلى الأجساد و السطوح . و لكن لا شك أن يخرج و ينبو عن هذا المسار الإلهي القويم من يرى أن القتل وسيلة لإحياء أهدافه و في التدمير فرصة لبناء مكاسبه و في العبث و الفوضى طريق لتنظيم سلطته . و هؤلاء يصطدمون من الآخرين لأن هؤلاء الآخرين يسيرون و يتوسلون ذات الوسائل الهمجية الأموية . وقد تجلى هذا الأمر فيما حدث في العراق خلال السنوات الماضية من تخريب و تدمير و قتل و فوضى على يد طرفين جعلا الساحة العراقية ساحة للتزاحم على النفوذ و تفريغ شحنات الحقد و الأفكار الضالة فكان جيش المهدي و القاعدة .. الأول عزز من وجهة نظر الطائفيين و العلمانيين الذين نظّروا لنظرية القطيعة الشيعية و أما الثاني فقد دفع و حاول بكل قوة أن ينمي روح القطيعة المتبادلة بين طائفتين مسلمتين كانتا تتعايشان بكل سلام و هدوء .

إن قوام الفكر الصدري و القاعدي قوام متشابه إلى حد مدهش ، كلاهما يتمثل رغبة الإقصاء ولو لمن يعارضه الرؤية من نفس طائفته و مذهبه و كلاهما يؤسس لفهم خاص و منحرف عن أصول كانت متبعة لدى جمهور طائفته و مذهبه .. كلاهما يدعي التجديد و التحديث و محاربة البدع و مقاومة الفكر العلماني و مجاهدة الغزو الاستعماري الأمريكي و الواقع أنهما يخوضان في تحجير العقول و تخليف الأمة و إشاعة الفتن و البدع و إعطاء المبررات لأعداء الإسلام للتشنيع على المسلمين و إبقاء ما يسمونه استعمارا أو احتلالا جاثما على أرض العراق .

فرصة إحداث تحولات فكرية في العقلية الصدرية و القاعدية فرصة غاية في الضآلة و لا أعتقد أن لهذين التنظيمين أية إمكانية في إعادة تشذيب أفكارهما و صياغتها بعقلانية لتنسجم مع أسس الفهم الإسلامي الصحيح و لا تجانب طرق ثابتة ألفتها الأمة منذ عصور سحيقة .. سيبقى الصدريون و القاعديون مثارا لكل شر و طريقا لكل نازلة تنزل بأهل العراق إذا لم يتم احتواؤهما و نبذهما و استئصال المتشبثين من عناصرهما بكل الفكر البالي المتخلف الذي لن يجلب للأمة غير الضرر و الضعة و الهوان و الهلاك .

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
المقالات لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
التعليقات
ضرغام حيدر
2008-09-07
فقط للتذكير , قول النبي الأكرم محمد (ص) رحم الله أمريء عرف قدر نفسه . من أنت يا مقتدى لتأسس جيش من السرسرية بأسم جيش الأمام المهدي .وكيف تنصب حمزة أبو الجحوشة في كربلاء القائد العام . وقيس الخزعلي الناطق العسكري ..أتحداك يا مقتدى إذا ظهرت بمحاضرة أخلاقية أو دينية أو علمية في قناة تلفزيونية , وأتحداك إذا ناضرت أي رجل اعلامي , وفنك...؟
النجفي_مو مهندس_
2008-09-06
يتحدث الدكتور محمد علي مجيد عن دخول البعثيين الى التيار الصدري فهل له ان يخبرنا ماذا كان التيار قبل ان يدخله البعثيين و متى دخله البعثيون تحديدا ؟؟؟ و من من قيادات هذا التيار السخيف لم يكن بعثيا ؟؟ هل مقتدى ليس بعثيا ام الخزعلي ام الشيباني ام الاعرجي ام فلان ام فلان اخبرنا رجاءا من منهم ليس بعثيا ؟؟؟ و بماذا يختلفون عن البعث ؟؟ انهم يتطابقون في كل شيء فكلهم لا حرمة لديهم لدم المسلم و كلهم لا يجيدون الا التامر مع اعداء الاسلام ضد ابناء جلدتهم اليس كذلك ام انك لا تعلم ؟
طالب الفيلي
2008-09-06
اعتقد الدكتور المعلق ميلشياوي
الدكتور محمد علي مجيد
2008-09-06
ان تنظير الكاتب للشيعة ودورهم الاجتماعي تنظير يتفق مع الواقع ولكن من خلال نسج الاحداث ان الشيعة ولعلي افضل تسمية اتباع مذهب آل البيت ليسوا بالسذاجة والفهم السياسي فأنهم سياسيون مهذبون والتعليق يطول. الاخ العزيز ارجو ان تعرف ويعرف الآخرون ان التيار الصدري كمظهرعام تيار وطني ثوري ينبع من الظلم الفاحش الذي تعرض له اتباع ال البيت ولكن لدخول البعثيين الذين تسللوا لهذا التيار تسلل لسم في الجسم وكذلك من هم عصابات بعيدة عن افكار هذا التيار اعطوا الصورة المشوهة لهذا التيار لذا نرجو التمييز
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
دينار بحريني 0
يورو 0
الجنيه المصري 0
تومان ايراني 0
دينار اردني 0
دينار كويتي 0
ليرة لبنانية 0
ريال عماني 0
ريال قطري 0
ريال سعودي 0
ليرة سورية 0
دولار امريكي 0
ريال يمني 0
التعليقات
حيدر الاعرجي : دوله رئيس الوزراء المحترم معالي سيد وزير التعليم العالي المحترم يرجى التفضل بالموافقه على شمول الطلبه السادس ...
الموضوع :
مجلس الوزراء : موقع الكتروني لإستقبال الشكاوى وتقديم التعيينات
سهام جاسم حاتم : احسنتم..... الحسين بن علي بن أبي طالب عليهما السلام.جسد اعلى القيم الانسانية. لكل الطوائف ومختلف الاقوام سواء ...
الموضوع :
الحسين في قلب المسيح
Muna : بارك الله فيكم ...احسنتم النشر ...
الموضوع :
للامام علي (ع) اربع حروب في زمن خلافته
الحاج سلمان : هذه الفلتة الذي ذكرها الحاكم الثاني بعد ما قضى نبي الرحمة (ص) أعيدت لمصطفى إبن عبد اللطيف ...
الموضوع :
رسالة الى رئيس الوزراءالسابق ( الشعبوي) مصطفى الكاظمي
فاديه البعاج : اللهم صلي على محمد وال محمد يارب بحق موسى ابن جعفر ان تسهل لاولادي دراستهم ونجاح ابني ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
محمد الخالدي : الحمد لله على سلامة جميع الركاب وطاقم الطائرة من طيارين ومضيفين ، والشكر والتقدير الى الطواقم الجوية ...
الموضوع :
وزير النقل يثني على سرعة التعاطي مع الهبوط الاضطراري لطائرة قطرية في مطار البصرة
Maher : وياريت هذا الجسر يكون طريق الزوار ايضا بأيام المناسبات الدينية لان ديسدون شارع المشاتل من البداية للنهاية ...
الموضوع :
أمانة بغداد: إنشاء أكبر مجسر ببغداد في منطقة الأعظمية
ساهر اليمني : الَّذِينَ إِن مَّكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنكَرِ وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الْأُمُورِ ...
الموضوع :
السوداني : عاشوراء صارت جزءا من مفهومنا عن مواجهة الحق للباطل
هيثم العبادي : السلام عليكم احسنتم على هذه القصيدة هل تسمح بقرائتها ...
الموضوع :
قصيدة الغوث والامان = يا صاحب الزمان
فيسبوك