المقالات

ازمة الثقافة ام ازمة المثقف

1232 15:26:00 2008-09-08

( بقلم : علي الخياط )

مر المؤرخ الكبير نوماس كارلين بازمة نفسية وذلك حين دخل عليه احد اصدقائه في صباح احد الايام، وقال له: (لا اعرف ماذا اقول لك، ولكني فقدت اصول كتابك الذي اعطيتني اياه لتصحيحه... فقد استخدمت مدبرة البيت ورقه المخطوط في اشعال نار المدفأة، معتقدة انه فائض عن الحاجة وغير ذي فائدة.

ويصف الكاتب والمؤلف وقع النبأ عليه فيقول: لقد انتابني في بداية الامر شعور هو مزيج من الثورة والحزن، وانا ارى عصارة فكري وانتاجي تذهب وقوداً للنيران ثم ما لبث ان احتواني شعور الياس القاتل! ثم مرت الايام وانا في حيرة من امري، الا ان جاء يوم جلست فيه اراقب ما وراء نافذة حجرة مكتبي وفجاة شاهدت البناء الذي يعمل في تشييد البيت المواجه لبيتي، فوجدته يمسك بقطع الطوب، ويضعا الواحدة فوق الاخرى في هدوء حتى اذا جاء العصر كان الحائط قد ارتفع واكتمل بناؤه! وقلت في نفسي، انا ايضاً استطيع ان ابني من جديد ما هدمته النيران، وقمت الى مكتبي واخذت استعيد بذاكرتي ما كتبت، ورحت اكتب الكلمة بعد الكلمة والجملة تلو الجملة حتى فرغت من اعادة ذلك الكتاب الذي هو اول واعظم اعمالي!

مفهوم الازمة: هو ان يمر الانسان او الاوطان بظروف استثنائية خارج نطاق الحسابات والبرامج المعدة، كذلك هناك عوامل اخرى تدخل على حساب المفاجآت غير المتوقعة والتي تفرض فرضاً وتترك بصماتها في جميع شؤون الحياة، وهنالك انواع كثيرة من الازمات منها المصطنع الذي تدخل عوامل كثيرة في رفده وديمومته وحسب قوة الجهات الساندة لهذه الازمة، وفي المقابل وعلى الاتجاه المعاكس فان هنالك عقولاً وادمغة، لها امكانية التعامل مع هذه الازمات والقدرة على احتوائها واستيعابها وتذويبها شيئاً فشيئاً ووأد الازمة وطمرها في مهدها قبل ان تستفحل وتأثر تأثيراً سلبياً على الاشياء.

فالثورة الفرنسية تدين في نضوجها الى فولتير وجان رسو، والمثقفين في مختلف المجتمعات الاوربية والعربية ساهموا مساهمة فعالة في انتقال المجتمع من الظلام والتخلف والحروب الداخلية والخارجية الى تباشير النور والديمقراطية وحقوق الانسان التي رعتها وحافظت عليها الطبقات المثقفة في هذه البلدان.

ومن سخريات القدر التي نحسها ونحياها في وقتنا الحاضر وبعد التعبير الذي مس كافة مجريات الاحداث في العراق بعد 9/ 4/ 2003 ما زال دور المثقف هشاً كما في العهد البعثي المقبور، رغم انشاء عشرات المنتديات الثقافية والاصدارات الادبية والتجمعات الثقافية الا ان استيعاب دور المثقف ما زال قاصراً على اسماء وتجمعات محدداً لا ترمى الى المسؤولية التي يجب ان يتخذها المثقف في هكذا اجواء تغييرية وبلد ثقافي مثل العراق. فهناك مثقفون انزووا في بيوتهم ليكتبوا واكتفوا بأقل من القليل تاركين القرار الثقافي خلف ظهورهم، وهناك أشباه مثقفين، وهم في الحقيقة أبواق، لهم ا عمال مسرحية أو روائية وكتابات في الصحف، وتجدهم في المؤتمرات والمهرجانات ومقاهي الدرجة الأولى،لا يزالون معتقدين أنهم الرعيل الاول من النخبة ، ويصدرون بيانات من أجل الحرية والديمقراطية غير مقتنعين أنهم باتوا جزءا من آلية نظام اكل الدهر عليه وشرب ، ولن أكون متشائما إن قلت أن الأزمة التي يمر بها مثقفونا اليوم، ليس في الأفق بشائر حل لها ،طالما ما زال هناك من يحاول ان يسيس الثقافة لجهة قادرة على تحجيم وإلغاء دور المثقف الحقيقي، وطالما هناك اموال توزع على اشباه المثقفين ، وتكسب ولائهم وقيادات تدعي رعاية الثقافة تمارس نفس دور الأنظمة الرجعية في إلغاء دور المثقف وجعله تابعا لها.. إن المثقف اليوم بحاجة إلى مشاريع ثقافية لينهض من أزمته، لينتج إبداعات جديدة، والأهم من كل ذلك إيجاد فسحة من الديمقراطية والحرية لينتقد من أجل التقويم والإصلاح لامن اجل مكاسب شخصية او حزبية، وإلا فإننا ذاهبون جميعا إلى عصر التخلف والظلام والعبودية.

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
المقالات لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
التعليقات
جمال الربيعي
2008-09-09
الاخ علي الخياط سلام وبعد ياصديقي الثقافة تنمو وتنتعش عندما تتهيئ الارضية الاجتماعية المدنية لاحتظان الثقافة والمثقف ، وليس عندما تلتفت المؤسسة السياسية لتمن على الثقافة بالرعاية والحنان !. ان مشكلة الثقافة والمثقف هي في مجتمعنا العازف تماما عن تطوير الوعي الثقافي لديه والملتفت بكليته وحتى صاحبة العربة في الشارع لعالم السياسة ، وتارك بالكلية شيئ اسمه ثقافة !. نعم ايها الصديق انظر الى اي مقال او بحث ثقافي او فكري ينشر في براثا فكم ستجد قرّاءه وانظر بالمقابل للشتيمة ومقالها السياس في واحكم !.
صباح رحيمة
2008-09-08
المحاصصة والواسطة من محسوبية ومنسوبية جاءت على الباقي . اين الجهات الراعية للمثقف ونتاجه ؟؟ اين يسوق النتاج وكيف ؟؟ ماهو دور المؤسسات الرسمية ومنظمات المجتمع المدني في تبني النتاج الثقافي . بعد ان مللت من الانتظار والمراجعات طبعت رواية على حسابي الخاص . وكتابي ( فن الكتابة ) وهو الجزء الاول من ثلاثة اجزاء بعنوان ( الدراما التلفزيونية من الفكرة الى المتلقي ) سيطبع بماعدة احد الاصدقاء الفنانين التشكيليين . والاموال تنفق في مجالات ليس لها مردود حتى شخصي .
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
دينار بحريني 0
يورو 0
الجنيه المصري 0
تومان ايراني 0
دينار اردني 0
دينار كويتي 0
ليرة لبنانية 0
ريال عماني 0
ريال قطري 0
ريال سعودي 0
ليرة سورية 0
دولار امريكي 0
ريال يمني 0
التعليقات
حيدر الاعرجي : دوله رئيس الوزراء المحترم معالي سيد وزير التعليم العالي المحترم يرجى التفضل بالموافقه على شمول الطلبه السادس ...
الموضوع :
مجلس الوزراء : موقع الكتروني لإستقبال الشكاوى وتقديم التعيينات
سهام جاسم حاتم : احسنتم..... الحسين بن علي بن أبي طالب عليهما السلام.جسد اعلى القيم الانسانية. لكل الطوائف ومختلف الاقوام سواء ...
الموضوع :
الحسين في قلب المسيح
Muna : بارك الله فيكم ...احسنتم النشر ...
الموضوع :
للامام علي (ع) اربع حروب في زمن خلافته
الحاج سلمان : هذه الفلتة الذي ذكرها الحاكم الثاني بعد ما قضى نبي الرحمة (ص) أعيدت لمصطفى إبن عبد اللطيف ...
الموضوع :
رسالة الى رئيس الوزراءالسابق ( الشعبوي) مصطفى الكاظمي
فاديه البعاج : اللهم صلي على محمد وال محمد يارب بحق موسى ابن جعفر ان تسهل لاولادي دراستهم ونجاح ابني ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
محمد الخالدي : الحمد لله على سلامة جميع الركاب وطاقم الطائرة من طيارين ومضيفين ، والشكر والتقدير الى الطواقم الجوية ...
الموضوع :
وزير النقل يثني على سرعة التعاطي مع الهبوط الاضطراري لطائرة قطرية في مطار البصرة
Maher : وياريت هذا الجسر يكون طريق الزوار ايضا بأيام المناسبات الدينية لان ديسدون شارع المشاتل من البداية للنهاية ...
الموضوع :
أمانة بغداد: إنشاء أكبر مجسر ببغداد في منطقة الأعظمية
ساهر اليمني : الَّذِينَ إِن مَّكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنكَرِ وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الْأُمُورِ ...
الموضوع :
السوداني : عاشوراء صارت جزءا من مفهومنا عن مواجهة الحق للباطل
هيثم العبادي : السلام عليكم احسنتم على هذه القصيدة هل تسمح بقرائتها ...
الموضوع :
قصيدة الغوث والامان = يا صاحب الزمان
فيسبوك