المقالات

فن المغالطة .. المجلس الأعلى و مناوئوه

1338 15:18:00 2008-09-10

( بقلم : د.سناء الحربي )

هل أنا – كاتبة السطور – عضو في المجلس الأعلى ؟ هل أنا من ضمن القاعدة الشعبية لهذا الحزب ؟ مؤيدة منتفعة و صاحبة مركز بفعل انتماء حزبي للمجلس الأعلى ؟؟ جوابي هو كلا ممتدة من زمن وجودي في العراق و حتى ما بعد خروجي منه صيف 2007 .. و إلى هذه اللحظة . براءتي من الانتماء هي براءة الواقع الشخصي لي و هو واقع بريء من أي انتماء سياسي لأيٍّ من الأحزاب التي تملأ المشهد السياسي الحالي في العراق .. و عليه فمن المنطقي أن يكون دفاعي عن هذا الحزب أو ذاك هو دفاعي عن فكرة مؤمنة بها على صعيد شخصي حسب .. و الدفاع عن فكرة أو تبني قضية يؤمن بها الآخر لا يعني بحال من الأحوال دفاعا عن ذلك الآخر و أقصى ما تؤشر إليه هي عدالتها و منطقيتها و سواؤها كطرح متبنّى .. تجاوز هذه الحقيقة ضرب من المغالطة التي يصح وصفها باللاأخلاقية . كتب أحدهم مرددا أقوال غيره و مواقفهم كوني من المجلس الإسلامي الأعلى ، و حاول توضيح موقفه السابق في تحميل هذا الحزب كل ما يجري على الساحة .. الموت و الخراب و الدكتاتورية و الاحتلال و الفساد و الانحراف الخلقي و التمزق و الصراعات و بالطبع الآن يمكن إضافة الكوليرا فهي جراثيم اخترعها المجلس و بثها في العراق ، الأمطار الأخيرة التي ليست في موعدها بفعل المجلس و حتى أزمة جورجيا يبدو أن للمجلس الأعلى يدا فيها فلا يستبعد أنه قام بتأجيج الوضع المتوتر في القوقاز و دفع الأمور إلى الاحتقان الأخير .. أكرر استغرابي مرة أخرى و لكن ليس فقط من هذه الادعاءات غير المنطقية حسب بل كذلك من محاولة التبرير التي جاء أحد العميان و نشرها في أحد المواقع التافهة .. سأحاول عرض تبريرات هذا الرجل ، و مناقشتها بشكل سريع ، الذي يبدو أنه مصاب بأزمة نفسية خانقة كما اقترب من الاعتراف بذلك عبر سطوره الأخيرة في مقاله . المجلس و الاحتلال :يقول (( الاحتلال الأمريكي والمجلس الأعلى – مادمنا عربا بل قل بشرا سويا ( الأصح أسوياء لأنه يريد الجمع ) - كيف نصنف العلاقة بينهما ؟ عداوة أم صداقة ؟ شراكة أم خصومة ؟ حية وبطنج لو دهن ودبس ؟ )) تصنف العلاقة بين " الاحتلال " الأمريكي و المجلس الأعلى تماما كما تصنف العلاقة بين هذا الاحتلال و بقية الأحزاب السياسية العراقية حاضرا و ماضيا ، و هذا الكلام يكفي تماما لإسقاط محاولة إفراد المجلس بعلاقة هي في الأصل متعددة الأطراف و الجهات و تحميله المسؤولية كاملة تامة و كأنه من جلس في المكتب البيضاوي و أصدر قرار الحرب .. لكن نجد ضرورة للإضافة و التحليل العجول و التذكير ., إن العلاقة بطابعها السياسي بين هذا الحزب و القوات الموصوفة بكونها محتلة ليست سابقة غير مسبوقة فعبر التاريخ لا سيما الحديث كانت القوى السياسية التي تتشكل تحت ضغط الظروف التي يخلقها تواجد القوات الأجنبية في البلاد تسعى إلى ترسيخ قاعدة تفاهم مع تلك القوات المستعمرة بشكل مكشوف للظفر ولو بشكل نسبي ببعض المكتسبات و المصالح الوطنية .. و من المعلوم أن تلك الأحزاب التي تشكلت كانت ورقة ضغط على القوى الاستعمارية عجلت من وقت حلول جلائها فيما كانت رغبة المستعمر هو إبقاء الحال على ما هو عليه .. إن تشكل تلك الأحزاب و التعامل مع المحتل كما في مصر و سوريا و الجزائر و الهند و حتى اليابان بلور فكرة المقاومة السلمية السياسية نظرا للاختلال و التفاوت الرهيب في ميزان القوى و ليكن معلوما للقارئ الكريم الذي يراد خداعه بتاريخ مزوّر و مخترع هو إن أسطورة المقاومة تم اختلاقها و ترويجها بفعل الأنظمة التي حكمت بعد الحقبة الاستعمارية لتبرير وجودها و شرعنته على أساس من المقاومة الثورية و انسجاما مع الحس القومي العروبي و إلا فلم يسجل التاريخ على الإطلاق جلاء أية قوة استعمارية هربا من المقاومة المدعاة و تركها تتسلم مقاليد الحكم خاصة في المنطقة العربية التي لم تغادرها الجيوش الغربية إلا بعد أن زرعت شكل النظام و سمّت الملوك و الرؤساء و رسمت الطريق المستقبلي الواجب إتباعه في سياسة الدول العربية .. التجربة الوحيدة التي هزمت فيها قوة محتلة في العصر الحديث هي تجربة الحرب الفيتنامية مع كل ما تبع ذلك من مشاكل لهذا البلد لم تحل إلا بعد سفك دماء غزيرة و تحكّم أطراف دولية أخرى فيه أي مجرد تبادل أدوار باللغة السياسية ، و الحق إن لهذا الثقب للمشهد ظروفا داخلية أمريكية لا مجال لذكرها و تفصيلها هنا .. بالطبع لا ننكر أن هناك فعلا مقاوما كانت قد تبنته بعض الفئات و الشرائح و لكن لم يكن فعلا منتجا و لم يحقق سوى المزيد من الأزمات فكانت محضَ عبثٍ في عبث و لم تسهم إلا في إهلاك الآلاف تحت ظلال الشعارات الثورية و الجهادية التي لم تلبِّ أية طموحات أو أهداف وطنية بالمرة . قد تنفرد الحالة المغربية بذلك نوعا ما و لكنها تبقى مندرجة في إطارها العام ضمن ما ذكرناه . ثنائيات من قبيل : عداوة - صداقة ، شراكة - خصومة ، الخ .. غير صالحة كمفردات تقييم مطلقة إلا في العقلية الساذجة التي تنغلق إما على موقف الخصومة مع الآخر أو على مفاهيم عبثية غير ذات طائل .. فالسياسة تقوم أساسا على مبدأ المصالح المشتركة ، و لهذا فكثيرا ما نرى الجهات التي تتقاطع مصالحها فيما بينها تسعى إلى شراكة مع طرف أقوى يكتنز في جعبته العدد الأوفر من أوراق اللعبة و في نفس الوقت يشنِّع الطرف المتأخر على الطرف المتقدم في علاقته مع الثالث الأقوى رغم أنه يسعى لنفس الهدف .. نعود للمجلس الأعلى و لنذكر هنا لمن يعاني من ضعف الذاكرة أو مسحها عن عمد أن المجلس الأعلى كان قد عارض فكرة إسقاط النظام من الخارج بقوى أجنبية و أصر على وجوب مساعدة العراقيين للإطاحة بالنظام وهو يعاني من أضعف حالاته آنذاك ، و قد أكد هذا الموقف السيد الشهيد محمد باقر الحكيم عن طريق بيانات و خطابات تناقلتها وسائل الإعلام ومنها ما كان قبل ثلاثة أيام فقط من شن أمريكا حرب إسقاط النظام عبر راديو مونتي كارلو على سبيل المثال فيما سبقته تصريحات عديدة للمحطات الإذاعية و التلفازية و الصحف العربية و منها صحيفة القبس الكويتية و الدستور الأردنية و من يشك في ذلك فليراجع بنفسه .. إلا أن الولايات المتحدة أبت مثل هذا الحل و أصرت على التدخل المباشر و قد كان خيارها هذا مبنيا على أساس التخوف من سيطرة القوى الإسلامية على الساحة بعد إسقاط نظام المقبور صدام وقد اعتمدت على ما أفادها به بعض المعارضين من أحزاب علمانية بالقول إن لديهم قاعدة شعبية عريضة ثبت فيما بعد أنها لم يكن لها وجود .

من جهة أخرى هناك في العراق عملية سياسية أطلقها و أشرف عليها الجانب الأمريكي ، وقد اشترك الجميع سوى الرافضين لمعادلة ما بعد سقوط صدام في هذه العملية التي تقوم على أساس تدشين نظام ديمقراطي تعددي يؤمن بالتداول السلمي للسلطة .. لا يترك العقل هنا مجالا للتفكير بأي خيار بديل سوى الاشتراك و إلا كان للمجلس الأعلى أن :

- يعيد تكرار تجربة فاشلة إبان الاحتلال البريطاني و بالتالي السماح بعودة الوضع إلى ما كان عليه - يشهر شعار المعارضة المسلحة وهذا الخيار يؤمن بكونه خيارا غير ذات جدوى للشعب العراقي و لنقل لنفس الحزب أيضا فليس في ذلك غضاضة كأي حزب سياسي آخر في أي بقعة من بقاع الدنيا . وقد جرّبه البعض .. فما هي النتيجة ؟ لاشيء بالمرة و كما قرأتها العقلية السياسية للحزب منذ اللحظة الأولى . - يطرح مشروعا بديلا وهنا يرتكب المجلس الأعلى عبثا غير جدير بارتكابه أي عاقل لأن كل مشروع سياسي يطرح مقابل مشروع الديمقراطية سيتم رفضه بالمطلق ..

( يتبع قريبا )

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
المقالات لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
دينار بحريني 0
يورو 0
الجنيه المصري 0
تومان ايراني 0
دينار اردني 0
دينار كويتي 0
ليرة لبنانية 0
ريال عماني 0
ريال قطري 0
ريال سعودي 0
ليرة سورية 0
دولار امريكي 0
ريال يمني 0
التعليقات
حيدر الاعرجي : دوله رئيس الوزراء المحترم معالي سيد وزير التعليم العالي المحترم يرجى التفضل بالموافقه على شمول الطلبه السادس ...
الموضوع :
مجلس الوزراء : موقع الكتروني لإستقبال الشكاوى وتقديم التعيينات
سهام جاسم حاتم : احسنتم..... الحسين بن علي بن أبي طالب عليهما السلام.جسد اعلى القيم الانسانية. لكل الطوائف ومختلف الاقوام سواء ...
الموضوع :
الحسين في قلب المسيح
Muna : بارك الله فيكم ...احسنتم النشر ...
الموضوع :
للامام علي (ع) اربع حروب في زمن خلافته
الحاج سلمان : هذه الفلتة الذي ذكرها الحاكم الثاني بعد ما قضى نبي الرحمة (ص) أعيدت لمصطفى إبن عبد اللطيف ...
الموضوع :
رسالة الى رئيس الوزراءالسابق ( الشعبوي) مصطفى الكاظمي
فاديه البعاج : اللهم صلي على محمد وال محمد يارب بحق موسى ابن جعفر ان تسهل لاولادي دراستهم ونجاح ابني ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
محمد الخالدي : الحمد لله على سلامة جميع الركاب وطاقم الطائرة من طيارين ومضيفين ، والشكر والتقدير الى الطواقم الجوية ...
الموضوع :
وزير النقل يثني على سرعة التعاطي مع الهبوط الاضطراري لطائرة قطرية في مطار البصرة
Maher : وياريت هذا الجسر يكون طريق الزوار ايضا بأيام المناسبات الدينية لان ديسدون شارع المشاتل من البداية للنهاية ...
الموضوع :
أمانة بغداد: إنشاء أكبر مجسر ببغداد في منطقة الأعظمية
ساهر اليمني : الَّذِينَ إِن مَّكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنكَرِ وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الْأُمُورِ ...
الموضوع :
السوداني : عاشوراء صارت جزءا من مفهومنا عن مواجهة الحق للباطل
هيثم العبادي : السلام عليكم احسنتم على هذه القصيدة هل تسمح بقرائتها ...
الموضوع :
قصيدة الغوث والامان = يا صاحب الزمان
فيسبوك